فاتن مصاروة تفتح نوافذ الروح في قصيدة: خفقة قلبي تقود المدى
تاريخ النشر: 16/04/12 | 13:27وجدتها تفتح نوافذ الروح ِ، وحزنها العتيق، منتصرةً في نهايتها ، حيث خفقة قلبها تقود المدى، مدى الحياة وميدانها الواقعي، بعد أن تنقلت عبر عوالم حالمة تصل الى ألف ليلة وليلة وأحلام الأميرات. ووجدتُ قصيدتها عبر الرابط القابع في الفيس بوك، وقد قادني هذا الرابط الى ” كل العرب”. وأُصدقكم القول إنّ الخط كان صغيراً بحيث يئستُ من قراءة القصيدة حتى بعد وضع نظاراتي. اليوم فقط أهتديتُ الى طريقة تكبّر القصيدة حتى تظهر أمامي كما أريدها أن تظهر، فالقصيدة تحفة فنية وعروس تستحق أن نحتفي بها، ونصلي في محرابها. وأم أمير أميرة في هذا الشعر أعني الشاعرة فاتن مصاروة أميرة من أميرات ألف ليلة وليلة إذ تقول:
ورُحتُ أزيلُ
سرابَ الليالي
ويفتحُ صحْوي نوافذَ روحي
وحزني العتيقْ
أناجي البحارَ،
وبحري فريسةُ
وقتٍ مسافرْ
إنها من أميرات ألف ليلة وليلة تعيش قصة اللاوعي الذي ينقلها بين الأزمنة المتعددة عبر الصهيل والحصان الأسطوري الذي ينادي:
أنا لستُ نفسي
وحدي
أجولُ
وأخطو
وظلي قصير الصدى
وحولي شظايا هتاف
يعاكسُ صمتَ المكانِ
سجائرُ
ترصدُ خطوَ الزمانِ
رماداً
فما من زجاجٍ
يغازلُ دمعي
ولا تظنون أنني أتخيل أنها من أميرات ألف ليلة وليلة وهماً أو عبثاً فإنها تقول:
هربتُ إليَّ
مشيتُ بلا بوصلة
خُطاي استقالتْ
وغطّتْ بنومٍ عيونُ الأميرةْ
ورحتُ الى البحرِ
لقد هربت من نفسها الى نفسها، ومشت بلا بوصلة. كل ذلك كان عابراً في حلمها اللا واعي الدائري، لأنها تعود الى نفسها والى عنفوانها في دورة الوعي قائلة مقررةً:
فخفقةُ قلبي تقودُ المدى
وتعود الى واقع الحياة في قولها:
فما من زجاجٍ
يغازلُ دمعي
مسارحُ رثّة
…
أهذا ضجيجُ المدى
وهي تعني بالمدى .. مدى الحياة أي ميدان ومعترك الحياة الواسع مترامي الأطراف. وهو أي هذا الميدان أصبح تحت سيطرة قلبها، إذ خفقة قلبها تقود المدى. فطوبى لهذه الشاعرة المبتكرة التي أجادت الفعل الدائري في التعبير عن أحاسيسها موظفةً الأسطورة .
إننا إذا أردنا البحث عن مفاتيح لهذه القصيدة نجد:
فمًا من زجاجٍ… يغازلُ دمعي( في ذلك تعبير عن قسوة الحضارة ومشكلات الحب الحاضر.. الفم الزجاجي عديم الأحاسيس ، وهو يغازل دموعها.. أي أنه ساديٌّ يستلذُ بمرأى الدموع وهي تسيل)
مسارحُ رثة( تعبير عن الحضارة الحديثة البعيدة عن الروحانيات، وعن الطبيعة البِكر)
ضجيج المدى ( ضجيج الحياة البشرية، مقابل الهدوء الروحي الذي تود الشاعرة العيش فيه و
نوافذ روحي ( أي الانفتاح على الأرواح الأخرى فالعاشقون رفاقُ)
هذا، ولا تخفي الشاعرة عشقها للبحر ومن من الشعراء لا يحب البحر، وحديث الموج ذلك السر الذي ضاع وضيّعه الشعراء المستهامون الحالمون.
والقصيدة تعتمد تفعيلة فعولُ/ فعولن وهي تفعيلة البحر المتقارب. وهناك موسيقى نابعة من تناغم حروف الكلمات والأفعال: أجوبُ، تجولُ ، وتصهلُ. يهيج، يموج، يصيحُ، يسيلُ… ضجيج… صهيل.. خيول.
الشاعرة أم أمير (فاتن مصاروة) في تقدم متسارع نحو مملكة الشعر العذب النمير. ما يزال هناك في باطن هذه الروح ما سيهبنا ماءً وعسلاً وطيوراً وثلوجاً وأمطاراً وبرقاً ورعوداً ، وأملاً أخضر.
اقرأ القصيدة للشاعرة فاتن مصاروة:خفقة قلبي تقود المدى
د.سامي ادريس
وهل بعد هذا التحليل الشافي والوافي أية إضافة تختفي ؟!
دكتورنا الغالي ,
لم يبق لدي سوى أن اوجز كلامي مقتبسا من خاتمة تحليلك وهو ” ما يزال هناك في باطن هذه الروح ما سيهبنا ماء وعسلا و ….. ” .
سلمت لنا ذخرا ودررا وتبرا .
تحليل وافي وكلمات فيها من الذهب العتيق لمسات فلا اعرف لماذا خطر ببالي .. اخي جاوز الظالمين المدى .. وما هي العلاقه بين كلماتك الجميله وبين هذا المقطع تحياتي لك فاتن اتحفينا بكل جديد من احساسك الرائع
الاخ الغالي الدكتور سامي ادريس المحترم…تتحفنا دائما بالتحليل المفصل الذي
يشرح لنا جوانب عميقة من القصيدة ..
تحية ثناء على عطائك الكريم ..اتمنى لك دوام التالق الجميل..
كل احترام
شكرًا لكم
استاذي الكاتب الشاعر الناقد د.سامي ادريس…لن توفيك حقك كل كلمات الشكر…كم ابحث واتوق لنقد بنّاء كي اتعلم واستفيد…دمت لنا استاذا مبدعا ورائعا..
ايضا اشكر الاستاذ زهدي غاوي والاستاذ جمال ابو فنه على دعمهم الراقي لنا….دمتم بخير
رائع ام امير والشكر للدكتور سامي ادريس
من هنا الجمال بتلال وجبال كان اقحوان الجبل نزل من علياء ليشرب الماء
روعة بل اكثر
دمت ودام مدادك