سميح القاسم الصوت الصادق المكافح والمقاوم
تاريخ النشر: 20/08/14 | 14:39رحل عنا هذا الاسبوع بعد صراع مع المرض شاعرنا الكبير سميح القاسم الذي تخطى شعره حدود الوطن، هذا الوطن الذي عشقه القاسم وأبى الا البقاء والصمود فيه بالرغم من السجن والاعتقال والتضييق، وها هو تراب الوطن يحتضن جثمان شاعرنا الكبير سميح القاسم الذي رادف اسمه المرحومين والمناضلين والشاعرين الكبيرين محمود درويش وتوفيق زيّاد ليضعوا حجر الاساس لشعر المقاومة والذي انضم اليه شعراء آخرين ليشكلوا معاً الملحمة الفلسطينية التي خلفتها نكبة عام 48 والتي رفعت رايةُ جيلٍ يمضي وهو يهزّ الجيلَ القادم.. قاومتُ فقاوم!”.
لم تستطع اجهزة السلطة وغيرها من اخماد هذا الصوت الصادق المكافح والمقاوم لأن شاعرنا رضع حليب المقاومة منذ طفولته حيث يروى:” أن والد القاسم كان ضابطاً في قوّة حدود شرق الأردن، وفي إحدى رحلات العودة إلى فلسطين في القطار خلال الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعر الركَّاب وخافوا أن تهتدي إليهم الطائرات الألمانية. وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى أن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم” وحين رُوِيَت هذة الحكاية لسميح القاسم فيما بعد، قال: “حسناً… لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لن يقوى أحد على إسكاتي”.
عرفت شاعرنا الكبير من خلال اللقاءت الحزبية والندوات ومن خلال عملي كمراسل لصحيفة “الاتحاد” اليومية التي كان القاسم يؤكد دائماً على رسالتها الوطنية والأممية الصادقة، وفي احدى الايام قررنا في جبهة مصمص اصدار نشرة لمرة واحدة تحمل اسم “صوت مصمص” وبعد طباعة النشرة في مطبعة الاتحاد التعاونية في حيفا مررنا على مكتب شاعرنا سميح القاسم في شارع صهيون للحديث معه في موضوع يخصنا على المستوى المحلي فلمح رزمة النشرة فطلب تزويده بعدد منها وبينما هو يتصفح صفحات النشرة بدت على وجهه أسارير وملامح الفرح ليقول:”يعطيكم الف عافية وبخفش على مصمص ما دام فيها من يكمل درب رفيقي راشد حسين”.
كما والتقيت بشاعرنا الكبير في مركز الحوارنة الثقافي حيث دعي الى بلدة كفر قرع من قبل الاخت مها زحالقة – مصالحة مركزة الدائرة الثقافة في المجلس المحلي في عهد رئيس المجلس المربي زهير يحيى في ذلك الوقت، حيث كان لشاعرنا شرف كبير في غرس شتلة زيتون تعبيراً عن التجذر والبقاء في هذا الوطن الذي لا وطن لنا سواه وكلي أمل أن تكون هذة الشجرة قد نمت وترعرعت وبسقت أغصانها لتحمل اسم ” زيتونة القاسم ” ليحملها الجيل القادم في بلدة كفر قرع.
لقد جمع القاسم بين الكلمة والعمل فالى جانب شعره الذي يحمل معنى كبير خاض القاسم في النضالات والمعارك التي خاضتها جماهيرنا العربية الفلسطينية المتجذره في وطنها ضد سياسية السلطة الظالمة ووقف مع شعبنا الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الشتات.
هذا هو يقول:
“ربما أفقد – ما شئت- معاشي
ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي
ربما أعمل حجّاراً، وكناس شوارع
ربما أبحث في روث المواشي، عن حبوب
ربما أخمد عرياناً وجائع
يا عدو الشمس،لكن لن أساوم
والى آخر نبض من عروقي سأقاوم”
ونحن اليوم نودع شاعرنا الكبير المرحوم سميح القاسم الذي تمترس في آخر قلعة من قلاع شعر المقاومة بعد أن رحل رفيقيه الى العالم الآخر، صحيح أن القاسم قد اختفى جسداً الا أن أشعاره ستبقى منارة ترددها الاجيال القادمة ومصدر للفن الوطني والاممي الملتزم.
فوداعاً يا رفيقي ويا سيد الشعر، فالحصان الذي تحدثت عنه في ودواع رفيقك درويش لم يعد وحيدا، فقد امتطىيت صهوته الأبدية لتلتحق برفيقك.
جادالله اغبارية