الله يرحم سيدك…
تاريخ النشر: 18/04/12 | 14:56بقلم ربيع ملحم , عرعرة
أعاني هذه الأيام من انفتاح شهيتي للكتابة، أكافح حتى لا استسلم لها، وحتى لا أتركها تحملني إلى رواية جديدة قبل أن أطمئن تمامًا على القديمة .. وتماما فما يميز مقالاتي انها تطرح واقع الوسط العربي بطريقة تهكمية ناقدة للواقع الأليم بدلا ان نطأطئ على مشاكلنا ونفسرها بانها حلم جميل !!, وهناك عبارة نتداولها دائما في لغتنا الشعبية , وهي ” الله يرحم سيدك ” ونستخدمها في الكثير من المواقف ومنها قد تصادفها انت بنفسك او حدثت معك مرة واحدة في حياتك على الاقل, وخاصة في الاعراس, فيقوم الشاب وقد شمر عن عضلاته, منتصب القامة, يصب بهمة عالية القهوة السادة بساعده الايمن بدون أي انحناء, يغير الدلة ويتفقدها بكل عزيمة بدون أي تذمر, يحيي الضيوف بعبارات انتقائية رائعة, فينادي عليه احد الكبار قائلا له ابن مين ,, فيرد الشاب انا ابن ابن حياة فلان, فيرد عليه الختيار بفخر واعتزاز ” الله يرحم سيدك “, موقف اخر تستخدم فيه هذه العبارة, فقد حدثت قبل ايام وبوقت الظهيرة بالتحديد امام احد المخابز, فقد ترجل شاب من سيارته ” الهوندا ” قادما نحو احد المخابز وقد لبس بنطالا, نزل اغلبه لمنطقة فخذيه !! , وقد ارتدى قطعا من مجوهرات والدته , واضعا سماعة بيضاء في اذنه هبطت لكيس بنطاله, تخيلت رأسه احد سقوف البيوت , فينظر اليه احد العجائز, وقد بدأ يحرك عصاه بشكل عامودي, متأهبا لوضعية (خبط) , قائلا له (ابن مين انت؟), فيرد الشاب انا حفيد حياة فلان, فينظر اليه الختيار, قائلا له بحسرة, (الله يرحم سيدك), كانه يقول , خسارة على خلفة ابوك .. ومن هذا الموقف لموقف اخر, شباب تتنطع على المقاهي, يوميا, يعشقون الاراجيل, يخرجون من افواهم دوائر دخان , وشاب فاتحا شفتيه واضعا رأسه بشكل خلفي , وقد مد قدميه , واحمرت عيناه , فينظر اليه المار ويقول له (الله يرحم سيدك)..
ولموقف اخر , شخص يفتح نافذة بيته صباح مساءا , وقد امسك بالكيس الاسود , والقاه باتجاه السماء بحركة فيزيائية متزامنا مع الاتجاه والتسارع , فينزل الكيس الى الارض , بقوة صاروخ جو ارض كتلك الصواريخ التي استخدمتها قوات الناتو في ليبيا مؤخرا .. فتخرج صوتا مدويا , فتنقض القطط صوب الكيس , وقد توزعت غنائمه بين القط الاسود ولاخر الابيض , ما بين ” بامبرز ” ومعلبات سردين , وقطع من الخبز .. فتغلق نافذتك قائلا له: يا جاري (الله يرحم سيدك)..
والامثلة في قرانا ومدننا كثيرة ومنها , اصحاب السيارات التي تسير على المياه لربما !!! , فرغم غلاء البنزين ما زال يصر شبابنا على الذهاب يوميا الى مدخل المدرسة الثانوية , وكلهم شوق وحنين خاصة لتواجدهم المكثف بلا رقيب ولا حسيب , فتقول بقلب معتصر وحرقة معدة , بالفعل (الله يرحم سيدك وسيده) .. اما شوماخير قريتي فامثاله كثر, فهو يرجع الكرسي للخلف , واضعا العشرات من المرايا فقد وزعها بطريقة هندسية تطبيقية , فلا تحلو له السياقة الا بالضوء العالي في الليل مما يضطرك لارتداء نظارات شمسية مؤقتة ليفرجها الله , قائلا بنفسي بغضب (الله يرحم سيدك) ، اما بعض الفتيات والقليل منهن , في قرانا , فقد حملن بيوم الحب بأيديهن بالونا احمر كتب عليه عبارة (آي لاف يوو) بالانجليزية، فيصيح احد المتحفظين بنظرة غضب (يرحم سيدك).
سئمنا تلك الازمات الخانقة في حركة السير والتي تحدث في قرانا ومدننا , فقد علقت انا نفسي في ازمة سير لاكثر من ساعة , بسبب حادث سير , وظننا للوهلة الاولى ان هناك جرحى ولكن اتضح ان الضرر اقتصر على غماز , فلربما بهذه الساعة فقدت سيدة جنينها بسبب توجهها للولادة , او مسافر فقد رحلته للمطار, او طالب جامعي خسر محاضراته وخسر موعد القطار.. وان سألنا انفسنا ما السبب وذلك بسبب غياب التربية الصحيحة , وغياب دور الاب والمعلم , فقد فقدنا البوصلة , وفقدنا الشراع , والسفينه تاهت في بحور الظلام , وخرج القطار عن سكته , وفقدنا كلمة الكبير والختيار , ووضعنا القطار خارج السكة..
صدوقني مشاكلنا كثيرة.. ولا استطيع ان احصيها , فالتكلم عن الواقع المرير افضل الف مرة من التكلم عن الحلم الجميل.
احييك عزيزي الكاتب ربيع ملحم على مقالاتك الجوهرية في بقجة..اتمنى لك
التوفيق ,السعادة,والنجاح بدروب الحياة..
قيل..اشعال شمعة واحدة خير من ان نلعن الظلام الف مرة..
جدير بنا ان نتالق باداء ادوارنا بمسرح الحياة لنخلق حياة فاضلة وكريمة..يعم
بها الخير والمكارم والرفاهية..
علينا جميعا كل شخص بموقعة العمل على خلق مجتمع صالح وراقي بالثقافة
والسلوكيات الايجابية ,نتفاخر به امام شعوب العالم..
صدقني , ان نضع ايدينا على الجروح افضل الف مرة من ان ننزف بدون توقف وتتصفى دمائنا , هذا ايميلي للتواصل شكرا لك ربيع ملحم
[email protected]