القرضاوى: لماذا تمنع إسرائيل رائد صلاح عن زيارة القدس وتجيزها للمفتى؟
تاريخ النشر: 19/04/12 | 10:41انتقد الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، زيارة مفتى الديار المصرية، الدكتور على جمعة للقدس، قائلاً فى بيان له، “أصدرت من قبل فتوى بتحريم زيارة القدس، ونشرتها فى كتابى فتاوى معاصرة، وما كنت أحب أن يخرج الشيخ على جمعة بشخصه كعالم من علماء المسلمين، ولا بصفته مفتياً للديار المصرية، أكبر بلد عربى، عن هذا الرأى، الذى يكاد يكون إجماعاً بين علماء الأمة الإسلامية فى عصرنا هذا”.
وأضاف بيان “القرضاوى”، “قضية تحريم زيارة القدس، وهى تحت الاحتلال الصهيونى، محل اتفاق وطنى، إسلامى مسيحى، فالأزهر حرمها على المسلمين فى مصر والعالم، والكنيسة الأرثوذكسية حرمتها كذلك على أتباعها، وأكدت استمرارها على ذلك من قريب”.
وتساءل القرضاوى، “كيف نفهم سر المحاولات الحثيثة من أكثر من جهة، على جعل المسلمين فى العالم، لا سيما العربى منه، يزورون المسجد الأقصى، فى الوقت الذى تمنع إسرائيل الشيخ رائد صلاح، وهو من فلسطينى (48) من زيارته، وكثيراً ما تغلق أبواب المسجد أمام الفلسطينيين من خارج القدس، أو من هم دون سن الأربعين، تصدهم عن الصلاة فيه بحجج شتى؟”.
وتابع القرضاوى فى بيانه، “كنت أنتظر أن يقتدى الشيخ على جمعة بسيدنا عثمان، رضى الله عنه، حين قالت له قريش، إن شئت أن تطوف بالبيت، فطف به، فقال، ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فليت الشيخ على جمعة ادخر أمنيته بزيارة المسجد الأقصى حتى يتحرر من أيدى اليهود، ويزوره مع عموم المسلمين، ويصلى إماماً بمن يحررونه من أيدى اليهود، أو يلقى الله، سبحانه وتعالى، وهو شهيد على ما فى قلبه من حب للمسجد الأقصى”.
وأكد القرضاوى أن الاعتبارات التى ساقها الشيخ على جمعة، أو سيقت للدفاع عن موقفه، فلا أرى إلا أن التوفيق قد خانه، ويغفر الله لنا وله، ما كان أغناه وأغنى المسلمين عن هذه الزيارة.
وأوضح أن فتواه التى نشرت منذ ما يزيد على عشر سنوات، وأسسها على عدة أمور، أولا: ما يوجبه الإسلام على المسلم من مقاطعة عدوه، مقاطعة اقتصادية واجتماعية وثقافية، فى أحد الأسلحة المتاحة للمسلمين فى مواجهة عدوهم.
ثانياً: إن تعاملنا مع الأعداء يشد من أزرهم، ويقوى دعائم اقتصادهم، ويمنحهم قدرة على استمرار العدوان علينا، بما يربحون من ورائنا، وما يجنونه من مكاسب مادية، وأخرى معنوية لا تقدر بمال، فهذا لون من التعاون معهم، وهو تعاون محرم يقينًا، لأنه تعاون على الإثم والعدوان. قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2].
ثالثاً: إن التعامل مع الأعداء المغتصبين، استقبالاً لهم فى ديارنا، وسفرًا إليهم فى ديارهم، يكسر الحاجز النفسى بيننا وبينهم، ويعمل ـ بمضى الزمن ـ على ردم الفجوة التى حفرها الاغتصاب والعدوان، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1]، وهذا ما يعبرون عنه بـ”التطبيع”، أى جعل العلاقات بيننا وبينهم “طبيعية”، كأن لم يقع اغتصاب ولا عدوان، وهم لا يكتفون اليوم بالتطبيع الاقتصادى، إنهم يسعون إلى التطبيع الاجتماعى والثقافى والدينى، وهو أشد خطرًا.
رابعاً: إن اختلاط هؤلاء الناس بنا، واختلاطنا بهم، بغير قيد ولا شرط، يحمل معه أضرارًا خطيرة بنا، وتهديدًا لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، بنشر الفساد والرذيلة والإباحية التى تربوا عليها، وأتقنوا صناعتها، وإدارة فنونها، لهذا كان سد الذرائع إلى هذا الفساد المتوقع فريضة وضرورة، “فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع”.
واختتم القرضاوى بيانه قائلاً، “فى ضوء هذه الاعتبارات نرى أن السفر أو السياحة إلى دولة العدو الصهيونى ـ لغير أبناء فلسطين ـ حرام شرعًا، ولو كان ذلك بقصد ما يسمونه “السياحة الدينية” أو زيارة المسجد الأقصى، فما كلف الله المسلم أن يزور هذا المسجد، وهو أسير دولة يهود، وفى حراسة حراب بنى صهيون، بل الذى كُلِّف المسلمون به هو تحريره وإنقاذه من أيديهم، وإعادته وما حوله تحت الراية الإسلامية.. إننا جميعًا نَحِنُّ إلى المسجد الأقصى، ونشتاق إلى شد الرحال إلى رحابه المباركة، ولكننا نبقى شعلة الشوق متقدة حتى نصلى فيه، إن شاء الله بعد تحريره وما حوله، وإعادته إلى أهله الطبيعيين، وهم أمة العرب والإسلام.