المفاوضات بالنيران واداء فلسطيني محترم
تاريخ النشر: 22/08/14 | 10:50ماذا جرى حتى سحب اﻻسرائيليون وفدهم المفاوض من مباحثات القاهرة مساء الثلاثاء 19 آب’ اغسطس’، والسؤال الثاني لماذا ينسحبون؟ والسؤال الثالث هل سيرجعون الى مسار
المفاوضات في القاهرة مرة اخرى ؟..
وعن سؤال ماذا جرى فلم يجري شيئا على المستوى الميداني متذ تثبيت مسار المفاوضات وخاصة المرة الثالثة للايام الخمس، بل على النقيض كانت تصريحات الوفد الفلسطيني تتكلم عن اﻻنتهاء والتوافق على كثير من البنود .. وانه لم يبق اﻻ بعد النقاط القليلة وخاصة ان الوفد الفلسطيني سحب موضوع معبر رفح من التفاوض على اساس انه شأن مصري فلسطيني.. وهنا ﻻ بد من اﻻشادة بخطة الوفد الفلسطيني بقيادة اﻻخ عزام اﻻحمد الذي استند في مفاوضاته على قاعدة اﻻلتزامات السابقة سواء التزامات اوسلو او اﻻتفاقيات التى اعقبت الحروب السابقة في 2008 و2012 … والتي تتجاوزها اسرائيل متعمدة خصوصا في موضوع المعابر وخاصاصة بين الضفة وغزة. وموضوع اﻻميال البحرية للصيد البحري وتقريبا كان اﻻتفاق عليهما كبيرا ، وفي موضوعي الميناء والمطار تجري اﻻمور لمقاربات ترضي كل اﻻطراف.. وهو ما ينسحب ايضا على المناطق العازلة وحرية الغزيين باعادة استخدامها.. اي ان العملية التفاوضية كانت تسير بشكل منطقي وايضا بدور مؤثر وعملي من الجانب المصري الذي قال عنه رئيس الوفد اﻻخ عزام الاحمد ان دور مصر اساسي في عملية التفاوض..وهو ما ينقلنا للسؤال الثاني لماذا ينسحبون ؟
بداية ﻻ بد من اﻻنباء التي تناثرت من حول تفرد رئيس الوزراء نتنياهو بالموافقة على وقف اطﻻق النار لخمسة ايام دون اطﻻع الحكومة او اعضاء الكابينت على اﻻتفاق.. وهو ما اشعل فتيل الصراع الداخلي المشتعل اصﻻ بين اطراف التحالف ﻻن كل اﻻطراف تدرك ان الوقائع بما فيها اﻻنتخابية ستكون بعد الحرب غير ما كانت من قبل … وهذا ما يعني ان حرب غزة قد خضعت وستخضع بنتائجها للواقع السياسي اﻻنتخابي في اسرائيل وصراعات القوى ومحاوﻻت كل طرف لتحسين مواقعه من خﻻل دم الفلسطينيين… ويبدو ان نتنياهو كان وﻻ زال يخبئ مفاجأت تتعلق بمحاولة اغتيال رمز او اكثر من رموز المقاومة او الرموز السياسية يستطيع من خﻻله تسويق نفسه وحزبه انتخابيا..
هذا اﻻمر يقودنا لﻻجابة عن السؤال الثالث هل سيعودون الى التفاوض مرة جديدة .. الجواب بنعم مباشرة لﻻسباب موضوعية واسباب اخرى..ومن اﻻسباب الموضوعية ان طبيعة هذا العدوان تحمل له الخسائر الكبيرة في جيشه المعتدي وبما ﻻ يمكن تجاوزه او تحمله وخاصة ان نتنياهو والمجتمع ﻻ زاﻻ يتذكران ذهاب مناحيم بيغن الى المستشفى واﻻنعزال عن الحياة جراء خسائره البشرية الكبيرة في معركة شقيف خﻻل غزو لبنان سنة 1982.. وايضا النهايات غير المحترمة لكل من شارون وعمير بيريتس… وهو الواقع والنتيجة التي ﻻ تبارح عقل ومواقف بنيامين نتنياهو على وجه الخصوص.. ويجد هذا اﻻستنتاج مصداقا له في المواقف المزايدة والمتطرفة للوزيرة تسيبي ليفني اﻻقرب لليسار والوسط والتي يدعي البعض انها مع السﻻم ؟!..هذه المواقف التي تعتقد انها توفر لها ولحزبها شيئا من الكعكة اﻻنتخابية القادمة.. ومن جانب ثاني فان الخيار العسكري الثاني ﻻسرائيل هو احراز النصر بارتكاب جريمة العصر غير المسبوقة وهي تجريف قطاع غزة سكانا ومباني بالقصف التدميري وبالتجريف الشامل..ولكن سيكون هذا اثقل من ان يتحمله ضمير اﻻنسانية من جهة ومن جهة اخرى فان مخاطرة على اعادة تفجير المنطقة اقليميا بمعطيات جديدة ﻻ يمكن ﻻحد معرفة اتجاهاتها وﻻ مساراتها وان كانت مسارات العنف هي التى ستكون غالبة..وهو امر ﻻ نعتقد ان المعطيات اﻻقليمية والدولية الراهنة تسمح به …
من كل ذلك نقول بان هذه الممارسات اﻻسرائيلية التفاوضية تبدوا مكشوفة ومفضوحة ولكنها ستستمر الى وقت محدود ..ومن جانب اخر تسمح للوفد الفلسطيني بان يستمر بادائه العاقل والكاشف للمخططات اﻻسرائيلية .. وفي كلمة ان اﻻداء التفاوضي الفلسطيني بموقفه الموحد وبمعرفته واستخدامه لكل عوامله اﻻيجابية وخاصة عامل المقاومة والصمود الشعبي العظيم ، الى جانب توظيف عوامل الموقف التضامني الدولي الواسع .. وجميعها ستسمح للمفاوض الفلسطيني ان ينجز اﻻساسيات وان يجعل المسار مفتوحا لما هو اعمق ، وبما هو حل حقيقي لهذا العدوان المتكرر كل عام او عامين على القطاع.. اي ربط كل ما يجري بانجاز دحر اﻻحتﻻل واقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس..
المحامي حسن صالح