الأسير… القائد البطل … !!!
تاريخ النشر: 19/04/12 | 22:28بقلم السجين السياسي سمير سرساوي – سجن جلبوع
كم فيتنامي أو كوبي أو جزائري، أطلقت عليهم صفة القائد حتى لحظة تحرير بلادهم ؟ ما هو عدد ألأبطال، فعلاً أو إسماً، لدى شعب مثل شعبنا الفلسطيني ناضل ضد المُحتل الأجنبي … ألف ؟ … ألفان ؟ … نحن أكثر …
القادة والأبطال عندنا بالجملة فهذه ” ثروة ” وطنية أنعم الله علينا بها، بعد أن عز عنا الثورة، والنفط، وسائر الثروات الطبيعية، رغم أنهما تسيران في هذه ألأيام معاً يداً بيد، وأستبدلها لنا بالسلطة.
لكن وبجدية أكثر، فإن الحقيقية محزنة، وأسوأ من ذلك بكثير. فهذه ليست عطية من الله، بل بلاء الغرور والكذب على الذات الذي أبتلينا بها، بقبولنا نحن ألأسرى مثل هذه التسميات، التي جاءت لتستبدل فينا منظومة القيم والأخلاق من صدق وتواضع ثوريين.
إن القيادة بجوهرها وطبيعتها كما البطولة نادرة وقليلة، وعندما تطلق صفة القائد أو البطل على الآلاف المؤلفة من الأسرى، فأنها تفقد ندرتها التي هي جوهرها. لكن ماذا يه . ففي زمن النجومية التي لا تدوم أكثر من بضعه أيام، أو حتى ساعات، المهم أنك نجم قمة للحظة بعد أن تملأ شوارع قريتك بالملصقات والبوسترات التي كتب عليها : ألأسير … القائد البطل، أو أن يظهر إسمك على شاشة تلفزيون فلسطين، لتنضم لقافلة عمداء وعقداء الأسرى، إلى أن تصبح جنرالاً من جنرالات الصبر !!
كأسير فأن الأمر يهمني ويقلقني جداً. لقد تعلمت بالتجربة الحسية، وإن أستغرقني ذلك عقدين من الزمن، بأنهم حين وصفوني ووصفوا أمثالي بالقادة، فأنهم أرادوا بهذا القول التنصل من مسؤوليتهم إزاء بقائنا في السجون منذ أن وقعوا أوسلوا ” وناموا في الجيش الآخر”، وحتى الآن. فعندما تكون أنت الأسير “القائد”، فأنك تتحمل، بحكم ” قيادتك ” مسؤولية ليس بقائك في السجن فحسب، بل حتى فشل العملية السياسية. وأنت ” كقائد ” ما عليك إلاّ أن تتخذ القرار الصحيح للإفراج عنك. وعندما تصبح قائداً وبطلاً معاً، فأنت محاصر تماماً، ولا يمكنك التنصل من المسؤولية القيادية كما فعلوا هم، بإنتقادهم أو توجيه اللوم لهم. لأن مصير ألأبطال أن يتألموا ويتحملوا عذابهم بصمت وكبرياء.
أنا على يقين بأن ثمة قادة وأبطال حقيقيين بين ألأسرى، لكنني لست واحداَ منهم. أنا لست قائداً ولا بطلاً. ولا أسجل ذلك من باب التواضع، فلا تواضع مع المُهملين والكسولين فكرياً ونضالياً. وإنما لأنني أريد الإحتفاظ بحقي في مواصلة الإلحاح على القيادة الفلسطينية التي صافحت السجان ، وأبقتنا في السجن، بل وانتقادها إن اقتضت الضرورة. أنا لست بطلا ، لأنني لا أريد أن أتحمل عذاب الإهمال والتنازل بصمت … وإنما أتحمل عذاب النضال والتمسك بالثوابت، فهو الجدير بالتضحية وتحمل أعبائه بصمت وكبرياء.
يرددون في القيادة الفلسطينية في هذه ألأيام، وفي سياق دعوتهم العرب زيارة القدس:” من يزور السجن لا يُطبع مع السجان”.
ونحن نسألهم … لكن ماذا بشأن الذي ينسق أمنياً مع السجان إلاّ أن يكرسنا في السجن لعشرات السنين ؟!
وهل يستوي هذا التنسيق مع كوننا “قادة” و”أبطال” ؟!