خطبة الجمعة بكفرقرع بعنوان “الغدر والخيانة”
تاريخ النشر: 25/08/14 | 19:25بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة؛ أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 26 شوال 1435هـ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري آل أبو نعسه، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك ‘‘الغدر والخيانة‘‘؛ هذا وأم في جموع المصلين الشيخ أبو صهيب، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
حيث تمحورت الخطبة حول: أصبَحنا نَعيشُ في زَمَنٍ تَطَبَّعَ فيه أناسٌ كثيرونَ على الخُلُقِ الذَّميمِ خُلُقِ الغَدرِ. مَع أنَّنَا جَمِيعَاً نَعلَمُ بِأنَّ سَيِّدَنَا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي آمنَّا بِهِ أنَّهُ نَبِيُّنَا مَا عُرِفَ عنهُ الغَدرُ حتَّى مَعَ أعدَائِهِ, وبِذَلِكَ شَهِدَ أبو سُفيان أَمامَ هِرَقل عندَما سَأَلَهُ: هَل يَغدِرُ؟ فقَالَ: لا.”.
وأردف الشيخ قائلاً: إن الغدر صفة ذميمة وممقوتة، ولا أدلّ على ذلك من أن الخالق جل وعلا هو خصمه يوم يبعث الخلائق، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه العمل ولم يوفه أجره)) رواه البخاري. ومن كان الله تعالى خصمه فقد وقع في أحقر موقف وأذل صورة وأخزى حال، إذ هو أمام رب العالمين وأحكم الحاكمين.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: الغَدرُ مِيزَةُ الجُبَناءِ. مِيزَةُ المَغرورينَ. مِيزَةُ الذينَ غابَت عنهُمُ الآخِرَةُ. مِيزَةُ الذينَ نَسوا يومَ الحسابِ. مِيزَةُ الذينَ نَسوا اليومَ الذي تَتَكَلَّمُ فيه الأيدي والأرجُلُ والجَوارِحُ. مِيزَةُ الذينَ آثَروا الحياةَ الدُّنيا على الآخِرَةِ. مِيزَةُ الذينَ طَغَوا في البِلادِ فأكثَروا فيها الفَسادَ. مِيزَةُ الذينَ يَحسَبونَ أنَّهُم يُحسِنونَ صُنعاً. مِيزَةُ الذينَ يُخادِعونَ اللهَ والذينَ آمنوا. مِيزَةُ الذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ. مِيزَةُ الذينَ إذا قيلَ لهم لا تُفسِدوا في الأرضِ قالوا إنَّما نحنُ مُصلِحونَ. مِيزَةُ الذينَ اشتَرَوُا الضَّلالَةَ بالهُدى. مِيزَةُ الذينَ يُشهِدونَ اللهَ على ما في قُلوبِهِم وهُم ألدُّ الخِصامِ. مِيزَةُ الذينَ إذا رَأيتَهُم تُعجِبُكَ أجسامُهُم, وإن يَقولوا تَسمَع لِقَولِهِم…”.
وتابع الشيخ حديثه بالقول: بسلاح الغدر والخيانة ذلك السلاح الذي تجرعت الأمة وتتجرع بسببه المرارات، وعن طريقه فقدت الأمة أعظم قادتها وخلفائها ممن أعجَزَ أعداءَها على مر التاريخ، فالرسول صلى الله عليه وسلم سَمَّته يهود، وعمر قتله أبو لؤلؤة المجوسي، وعثمان قتلته يد الغدر، وعلي وغيرهم ممن أغاظ أعداء الله أذاقهم صنوف العذاب والهوان في ساحات النزال، وفي بئر معونة قُتِلَ سبعون من خيار الصحابة، لأجل هذا جاء التحذير من الخيانة، قال تعالى:((يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَـٰنَـٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ))..
وقد جاء في الأثر: (لا تقوم الساعة حتى لا يأمن المرء جليسه). وينقطع المعروف فيما بين الناس مخافة الغدر والخيانة، ومن قصص العرب أن رجلاً كانت عنده فرس معروفه بأصالتها، سمع به رجل فأراد أن يسرقها منه، واحتال لذلك بأن أظهر نفسه بمظهر المنقطع في الطريق عند مرور صاحب الفرس، فلما رآه نزل إليه وسقاه ثم حمله وأركبه فرسه، فلما تمكن منه أناخ بها جانبا وقال له: الفرس فرسي وقد نجحت خطتي وحيلتي، فقال له صاحب الفرس: لي طلب عندك، قال: وما هو؟ قال: إذا سألك أحد: كيف حصلت على الفرس؟ فلا تقل له: احتلت بحيلة كذا وكذا، ولكن قل: صاحب الفرس أهداها لي، فقال الرجل: لماذا؟! فقال صاحب الفرس: حتى لا ينقطع المعروف بين الناس، فإذا مرّ قوم برجل منقطع حقيقة يقولون: لا تساعِدوه لأن فلانًا قد ساعد فلانًا فغدر به. فنزل الرجل عن الفرس وسلمها لصاحبها واعتذر إليه ومضى…”.
وإختتم الشيخ خطبته يالقول:” وتستمر مكائد المنافقين الخائنين لهدم دولة الإسلام في كل زمان ومكان، والسبب هو غفلة المسلمين عن خطر هؤلاء الخونة المنافقين، فهذا الرافضي الخبيث المنافق ابن العلْقَمِي كان وزيرًا للخليفة العباسي المستعصم بالله محمد الظاهر، وكان لابن العلقمي الدور الكبير في دخول التتر إلى بغداد، وسقوط الخلافة العباسية فيها، والمذابح المروعة التي نتجت عن ذلك، فقد كتب ابن العلقمي إلى هولاكو ملك التتر يبدي له استعداده أن يسلمه بغداد إذا حضر بجيشه إليها، فكتب هولاكو لابن العلقمي: “إن عساكر بغداد كثيرة، فإن كنت صادقًا فيما قلت لنا وداخلاً تحت طاعتنا ففرّق العسكر”، فلما وصل الكتاب إلى ابن العلقمي دخل على المستعصم، وزين له أن يسرح خمسة عشر ألف فارس من عسكره؛ لأن التتر قد رجعوا إلى بلادهم وبعد عدة أشهر زين للخليفة أن يسرح أيضًا عشرين ألفًا فاستجاب لطلبه.
ولما أتم مكيدته كتب إلى هولاكو بما فعل، فركب هولاكو وقدم بجيشه إلى بغداد، قد أرسل إلى هولاكو يعلمه بمكيدته، فعاد هولاكو بجيشه وعسكر حول بغداد، فلما جاء الصباح دخل جيش التتر بغداد ووضعوا السيف في أهلها، وقتلوا الخليفة وابنه قتلة شنيعة، وأفسدوا أشدَّ الفساد.
ثم دعا هولاكو بابن العلقمي ليكافئه، فحضر بين يديه، فوبخه على خيانَتِه لسيّده الذي وثِق به، ثم قال: “لو أعطيناك كلَّ ما نملك ما نرجو منك خيرًا، فما نرى إلا قتلَك”، فقتِل شرَّ قِتلة، ((وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيّئ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)). [فاطر: 43].يا غادرُ: أنتَ راجِعٌ إلى ربِّكَ رَغماً عن أنفِكَ، فقد سَبَقَكَ إلى الله تعالى من قَتَلتَهُ، وأنتَ لاحِقٌ به، وسوفَ يَلحَقُكَ من غَدَرتَ به دونَ القَتلِ، فَمَظلومٌ أمَامَكَ يَنتَظِرُكَ، ومَظلومٌ وراءَكَ يَلحَقُكَ، وسَتَلقى اللهَ تعالى بينَ مَظلومَينِ، فما أنتَ قائِلٌ لِرَبِّكَ؟!..”.(للمزيد شاهد الفيديو الكامل للخطبة).
تسلم يا أحلى شيخ . أشاء الله دائماً بتكون
ام نورنا – حبيبنا