أريد الطلاق
تاريخ النشر: 27/08/14 | 16:21عندما عدت إلى المنزل ذات ليلة كانت زوجتي بانتظاري وقد أعدت طعام العشاء، أمسكت
يدها وأخبرتها بأنه لديّ شيء أخبرها إياه، جلست هي بهدوء تنظر إليّ بعينيها وأنا أكاد ألمح
الألم فيها، فشعرت فجأة أن الكلمات جمدت بلساني فلم أستطع أن أتكلم.
لكن كان يجب أن أخبرها: أريد الطلاق.
خرجت هاتان الكلمات من فمي بهدوء، لم يبد على زوجتي الضيق مما سمعته مني لكنها
بادرتني بهدوء وسألتني: لماذا؟
نظرت إليها طويلا وتجاهلت سؤالها مما أصابها بغضب شديد فألقت ملعقة الطعام
وصرخت بوجهي: أنت لست برجل.
في هذه الليلة لم نتبادل أنا وهي أي حديث، وبقيت زوجتي بألم وصمت تبكي طوال الليل.
كنت أعلم بأنها تريد أن تفهم ماذا حدث لزواجنا لكني بالكاد كنت أستطيع أن أعطيها
سببا حقيقيا يرضيها، وفي هذه اللحظة أحسست بأن زوجتي لم تعد تملك قلبي.
فقلبي أصبح تملكه امرأة أخرى أسمها “جيين”.
أحسست بأنني لم أعد أحب زوجتي..
فقد كنا كالأغراب وإحساسي بها لم يكن يتعدى الشفقة عليها.
في اليوم التالي وبإحساس عميق بالذنب يتملكني قدمت لزوجتي أوراق الطلاق لكي توقع
عليها وفيها أقر بأني سوف أعطيها المنزل والسيارة و 30% من أسهم الشركة التي أملكها.
ألقت زوجتي لمحة على الأوراق ثم قامت بتمزيقها الى قطع صغيرة، فالمرأة التي قضت
10 سنوات من عمرها معي أصبحت الآن غريبة عني.
أحسست بالأسف عليها ومحاولتها لهدر وقتها وجهدها، فما تفعله لن يغير من حقيقة اعترافي
لها بحبي العميق لامرأة أخرى اسمها “جيين”.
وأخيراً انفجرت زوجتي أمامي ببكاء شديد، وهو أمر توقعت منها أن تفعله.
بالنسبة لي بكاؤها كان مصدر راحة فهو يدل على أن فكرة الطلاق التي كانت تراودني أسابيع
طويلة قد بدأت تصبح حقيقة ملموسة أمامي.
في اليوم التالي عدت الى المنزل في وقت متأخر من الليل لأجدها منكبةً تكتب شيئاً، لم أتناول
ليلتها العشاء وذهبت على الفور للنوم وسرعان ما استغرقت بالنوم فقد كنت أشعر بالتعب جراء قضائي يوماً حافلاً بصحبة “جيين”.
فتحت عينيّ في منتصف الليل لأجدها مازالت تكتب، وفي حقيقة الأمر لم أكترث لها كثيراً
وأكملت نومي مرة أخرى.
وفي الصباح جاءت وقدمت لي شروطها لقبول الطلاق، لم تكن تريد أي شيء مني سوى مهلة
شهر فقط وقالت:
أمهلني شهرا واحدا فقط. في هذا الشهر يجب علينا أن نفعل ما في وسعنا حتى نعيش حياة
طبيعية بقدر الإمكان كأيّ زوجيين، فولدنا سيخضع لاختبارات في المدرسة ولا أريد أن يؤثر
خبر الطلاق على أدائه بالمدرسة.
لقد لاقى طلبها قبولاً لديّ، لكنها فاجأتني بقولها:
أريد منك أن تقوم لي بشيء آخر.
أتذكرُ كيف حملتني بين ذراعيك في صباح أول يوم من زواجنا؟
أريد أن تحملني لمدة شهر كل صباح من غرفة نومنا الى باب المنزل!
بصراحة، اعتقدت لوهلة أنها قد فقدت عقلها!
لكن حتى أجعل آخر أيام لنا معا تمر بسلاسة قبلت أن أنفذ طلبها الغريب.
لقد أخبرت “جيين” يومها عن طلب زوجتي الغريب فضحكت وقالت باستهزاء:
إن ما تطلبه زوجتك شيء سخيف ومهما حاولت هي أن تفعل بدهاء فهذا لن يغير حقيقة
الطلاق فهو واقع لا محالة.
لم نكن أنا وزوجتي على اتصال جسدي منذ أن أعربت لها عن رغبتي بالطلاق، وعندما
حملتها بين ذراعيّ في أول يوم أحس كلانا بالارتباك، وتفاجأ ولدنا بالمشهد فأصبح يصفق
ويمشي خلفنا صارخا فرحاً: أبي يحمل أمّي بين ذراعيه.
كلماته جعلتني أحس بشيء من الألم، حملتها من غرفة النوم إلى باب المنزل مرورًا بغرفة
المعيشة ومشيت عشرة أمتار وهي بين ذراعيّ، ثم أغمضت عينيها وقالت بصوت ناعم خافت:
لا تخبر ولدنا عن الطلاق الآن.
أومأت لها بالموافقة وإحساس بالألم يمتلكني، إحساس كرهته جدا.
في اليوم التالي تصرفنا أنا وهي بطبيعيّة أكثر، وضعت رأسها على صدري، استطعت أن
اشتم عبقها، أدركت في هذه اللحظة أنني لم أمعن النظر جيداً في هذه المرأة منذ زمن بعيد
أدركت أنها لم تعد فتاة شابة فعلى وجهها رسم الزمن خطوطاً ضعيفة، غزا بعض اللون الرماديّ شعرها، وقد أخذ زاوجنا منها ما أخذ من شبابها، لدقيقة تساءلت: يا الهي ماذا فعلت أنا بها؟
في اليوم الثالث عندما حملتها أحسست بإحساس الألفة والمودة يتملكني اتجاهها، إنها المرأة
التي أعطتني 10 سنوات من عمرها.
في اليوم الرابع والخامس شعرت بأن إحساسنا بالمودة والألفة أصبح ينمو مرة أخرى ولم أخبر”جيين” عن ذلك.
وأصبح حمل زوجتي صباح كل يوم يكون سهلاً أكثر وأكثر بمرور مهلة الشهر التي طلبتها
وقد أرجعت ذلك إلى أن تماريني الرياضية هي التي جعلتني قوياً فسهل حملها.
في صباح أحد الأيام جلست زوجتي تختار ماذا ستلبس، لقد جربت عددا لا بأس به من الفساتين لكنها لم تجد ما يناسبها، فتنهدت بحسرة قائلة:
كل فساتيني أصبحت كبيرةً عليّ ولا تناسبني.
أدركت فجأة أنها أصبحت هزيلة مع مرور الوقت وهذا هو سبب سهولة حملي لها.
فجأة استوعبت أنها تحملت الكثير من الألم والمرارة في قلبها.
لا شعورياً وضعت يدي على رأسها بحنان، وفي هذه اللحظة دخل ولدنا وقال:
أبي لقد حان الموعد لتحمل أمي خارج الغرفة.
بالنسبة إليه رؤية والده يحمل أمه أصبح شيئا أساسيًّا من حياته اليوميّة، طلبت زوجتي من
ولدي أن يقترب منها وحضنته بقوة، ثم تنهدت بأسى شديد.
ومرة أخرى راودني ذلك الإحساس بالألم فأدرت وجهي عن هذا المنظر لخوفي أن أضعف
وأن أغير رأيي في هذه اللحظة الأخيرة، ثم حملتها بين ذراعيّ وأخرجتها من غرفة النوم إلى
الباب الخارجيّ مرورًا بغرفة المعيشة وهي تطوق عنقي بيديها بنعومة وحنان شديدين.
ضممت جسدها بقوة، كان إحساسي بها كإحساسي بها في أول يوم زواج لنا، لكن وزنها الذي
أصبح خفيفًا جعلني حزيناً.
في آخر يوم عندما حملتها بين ذراعيّ لم استطع أن أخطو خطوة واحدة، ولدنا قد ذهب الى
المدرسة فضممتها بقوة وقلت لنفسي:
يا الهي، لم أكن أتصور أن حياتنا كانت تفتقر إلى المودة والألفة إلى هذه اللحظة.
قدت السيارة وترجلت منها بخفة ولم أغلق الباب خلفي خوفًا مني من أن أي تأخير قد يكون
السبب في تغيير رأيي الذي عزمت عليه…
صعدت السلالم بسرعة…
فتحتْ “جيين” الباب وهي تبتسم، فبادرتها قائلا:
أنا آسف يا “جيين”، لكني لم أعد أريد أن أطلق زوجتي.
نظرت جيين إليّ مندهشة ومدت يدها لتلمس جبهتي وسألتني: هل أنت محموم؟
رفعتُ يدها عن جبيني وقلت لها:
أنا حقاً آسف جيين لكني لم أعد أريد الطلاق، قد يكون الملل تسلل إلى زواجي لأنني وزوجتي
لم نكن نقدر الأشياء الصغيرة الحميمة التي كانت تجمعنا وليس لأننا لم نعد نحب بعضنا.
الآن أدركت انه بما أنني حملتها بين ذراعيّ في أول يوم زواج لنا لابد لي أن أستمر في حملها
حتى آخر يوم في عمرنا.
أدركت “جيين” صدق ما أقول وقوة قراري، عندها صفعت وجهي صفعة قوية وأجهشت
بالبكاء وأغلقت الباب في وجهي بقوة…
نزلت السلالم وقدت السيارة مبتعدًا.
توقفتُ عند محل بيع الزهور في الطريق واخترت حزمةً من الورد جميلة لزوجتي، سألتني
بائعة الزهور: ماذا ستكتب في البطاقة؟
فابتسمت وكتبت: سوف استمرّ في حملك وضمك بين ذراعيّ كل صباح إلى أن يفرقنا الموت.
في هذا اليوم وصلت إلى المنزل وحزمة ورد بين يدي وابتسامة تعلو وجهي.
ركضت مسرعاً إلى زوجتي.
ودخلت البيت بلهفة شديدة فلم أجدها في الصالة ولا في المطبخ وناديت عليها مرات عدة
ولكن دون فائدة.
توجهت مسرعا الى غرفة النوم فوجدتها في فراشها.
ولكن… جثة هامدة.
نعم وجدتها وقد فارقت الحياة في فراشها…
ثم عرفت الحقيقة…
لقد كانت زوجتي تكافح مرض السرطان لأشهر طويلة دون أن تخبرني…
وأنا كنت مشغولاً مع “جيين” فلم ألاحظ شيئا…
لقد علمت زوجتي أنها ستموت قريبًا…
ففضلت أن تجنبني ردة فعل سلبية من قبل ولدنا ضدي وتأنيبه لي في حال مضينا في
موضوع الطلاق.
لقد أرادت أن أظل الزوج والأب المحب في عيون ولدنا.
قصّة منقولة!
حلو بس مين الكاتب ؟؟؟؟
احلى قصة معبرة قراتها في حياتي ..
بس عشان تعرفو مدى حكمة المرأه .. وصبرها وتحملها.. وحرصها الشديد على افراد عائلتها وبالاخص اازوج بالرغم من كل عيوبه..
قصه فيها الكثير من الواقع فمعظم المتزوجين يسود علاقتهم الفتور.. ولا يشعر احدهم بقيمة الاخر الا بعد فوات الاوان
حضرة المسؤولين في “هيئة التحرير” – موقع “بقجة”،
تحيّة طيّبة،
فيما وراء مضمون النّص المؤثر، وللمساهمة المتواضعة في إعطاء المعلومة لجمهور أوسع ممن يتصفحون موقعكم ذا الشعبية في البلدة والمنطقة وعامة، ارتأيت أن أعقب هنا راجيةَ أن تتقبلوا ملاحظتي برحابة صدر.
هذا النصّ من جانر (نوع) القصة القصيرة وهو نصّ أدبيّ بامتياز. حتمًا هنالك من كتبه أو كتبتْه.
نتوخّى من موقعكم المهنيّة في الإعلام والتي تتلخص ها هنا تحديدا في إيراد اسم الكاتب أو الكاتبة. وفي حال تعذّرت معرفة الاسم لسبب ما فيمكنكم ذكر المصدر الذي عنه تقتبسون القصة، أو إحالة المتصفحين إليه بواسطة رابط، مثلًا.
كذلك، حقّ صاحب الإنتاج الفكري، أيّ إنتاج فكري، يُلزمنا أن ننسب الإنتاج إليه، وهو الأمر المنظم في القانون المحلي والدّولي. إن عدم الالتزام بذلك من شأنه أن يعرّض الطرف الغير ملتزم للمساءلة القانونية.
والله من وراء القصد
أوّلا: بودّي أن أشكر الصديق الأستاذ محمّد فريد من أم الفحم الذي أورد
هذه القصّة في صفحته على الفيسبوك.
بعد قراءة القصّة أُعجبتُ بها، وكان تعقيبي حولها: “قصّة امرأة/أمّ حكيمة رائعة تستحقّ التقدير والاحترام لا الطلاق! شكرًا على حسن الاختيار أيّها الصديق المؤمن!”
ثانيًا: بسبب إعجابي بالقصّة المؤثّرة والعبر والدروس المستفادة منها، ارتأيتُ أن يطّلع عليها
قراء موقع “بقجة”، وهنا أحببتُ أن يكون النصّ خاليًا من الأخطاء المطبعيّة والإملائيّة، فبحثتُ في
محرّك “google” عن نصّ القصّة فوجدتُ الكثير من المنتديات والمواقع قد أورد هذا النصّ باختلافات
طفيفة في الصياغة، وقرأتُ ردود الكثيرين حوله، وذكر بعضهم أنّهم قرأوا هذا النصّ بالإنجليزيّة،
وقد عبّروا عن إعجابهم وتفاعلهم بحكمة الزوجة وصبرها ومحبّتها للابن الغالي.
ثالثًا: هذه القصّة موجودة، كما ذكرتُ، في العديد من المواقع والمدوّنات ولم يُذكر اسم المؤلّف أو المؤلّفة، (يمكن الرجوع ل “مدوّنات إيلاف: “منتديات الوليد” وغيرهما لقراءة هذه القصّة المؤثّرة!،