بيان التجمع حول حملة ملاحقة المظاهر العنصرية
تاريخ النشر: 30/08/14 | 14:10في خضم عاصفة التحريض العنصري والفاشي ضد الجماهير العربية، وردًا على الهجمة الشرسة والمسمومة التي تشنها المؤسسة الإسرائيلية ضده، شرع التجمع الوطني الديمقراطي ونوابه جمال زحالقة وحنين زعبي وباسل غطاس بحملة مضادة للملاحقة السياسية والمظاهر العنصرية ولمحاولة ردع الجماهير العربية في الداخل عن ممارسة حقها في النضال والعمل السياسي ضد فاشية وعنف مؤسسات الدولة.
ووجهت كتلة التجمع طلبًا عاجلًا للمستشار القضائي للحكومة حثته فيه على التحقيق الفوري بالشكاوى التي تضمنتها رسالة لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة في إسرائيل، التي أُبرقت إلى المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشطيين، والمدّعي العام شاي نيتسان، حيث طالبت المتابعة فيها باتخاذ خطوات قضائيّة عاجلة ومؤثّرة ضد موجة العنف، التحريض، التمييز والعنصريّة التي تتعرض لها الجماهير العربيّة، كما طالبت بفتح تحقيقات جنائيّة ضد سياسيين ووزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين على خلفيّة تصريحاتهم العنصريّة والمحرّضة ومحاكمتهم، كما قدمت كتلة التجمع الشكاوى ضد الشرطة لإدانتها بالوحشية واستعمال العنف، وأطلقت حملة لمناهضة موجة إقالة العمال وملاحقة الطلبة. وعلى الصعيد الدولي، تقوم الكتلة بسلسلة من الخطوات والفعاليات للتوجه للرأي العام والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني في كافة انحاء المعمورة لفضح جرائم الحرب الإسرائيلية والكشف عن التناقض بين تسويق اسرائيل لنفسها كدولة ديمقراطية وحقيقة تعاملها مع فلسطينيي الداخل بعنصرية كولنيالية وبانتهاك أسس الديمقراطية حتى لا يبق منها شيء سوى الأسم.
المطالبة بمحاكمة ليبرمان وشاكيد وفيغلين
وطالب نواب التجمع في رسالتهم للمستشار القضائي للحكومة بفتح تحقيق جنائي ضد كل من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وعضوة الكنيست آيليت شاكيد من “البيت اليهودي”، وعضو الكنيست موشيه فيغلين “الليكود”، ودعا النواب المستشار القضائي للحكومة إلى تقديم الثلاثة للمحاكمة بتهمة التحريض للعنف والقتل على خلفيّة التحريض الواضح والمباشر الذي نشروه عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وحرض ليبرمان على المتضامنين مع إضراب الأسرى الاداريين والمحتجين على العدوان الإسرائيلي على الضفة عقب اختفاء المستوطنين الثلاثة، حيث طالب بالتعامل مع كل من شارك في المظاهرة على أنه مخرّب. كما دعا ليبرمان في نشر آخر لمقاطعة المحال التجاريّة العربيّة التي شاركت في الإضراب العام الذي دعت له لجنة المتابعة مناهضةً للعدوان على قطاع غزة. وفي تصريح آخر له دعا ليبرمان الى التعامل مع النائبة حنين زعبي كما يجري التعامل مع المختطفين، مما يعني تحريض واضح على القتل.
واقتبست شاكيد مقالًا كُتب قبل 12 عامًا ونشرته على فيسبوك، وأشارت إلى أن المقال “لا يزال صالح الاستعمال حتى يومنا هذا”. ومن بين الأمور الخطيرة التي جاءت في المقال كانت مقولة أن “كل الشعب الفلسطيني أعداءنا ولا شيء في ذلك يدعو للصدمة. في الحرب، عادةً، العدو يكون شعبًا كاملًا، بما في ذلك الشيوخ والنساء، القرى والمدن، الممتلكات والبنى التحتيّة (…) وكل من يدعمهم معنويًا ويعطيهم احترامًا، يكون مقاتلًا في صفوف العدوّ ويجب قتله.”
ولم يتورع فيغلين عن نشر موعظة وجهها لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر صفحته في فيسبوك، واقترح فيها”حلًا لغزّة” مناديًا بالتطهير العرقي للفلسطينيين في قطاع غزّة بشكل صريح وواضح.
وأكد المحامي نديم شحادة من مركز عدالة أن تصريحات ليبرمان وشاكيد وفيغلين تعتبر ، وفق القاموس القانوني،”مخالفة تعبيرية” تجاوزت حرية التعبير ووصلت لدرجة التحريض للعنف والعنصرية، وقال:”بعثنا بالماضي عدة رسائل للمستشار القضائي للحكومة حول مخالفات مشابهة على خلفية تصريحات عدد من السياسيين الإسرائيليين وطالبنا بفتح تحقيق جنائي ضدهم، ولكن الدولة امتنعت عن اتخاذ أي إجراء بحقهم وادعت دوما أن سقف حرية التعبير مرتفع جدًا وأن التصريحات لا توفر أسس المخالفة التعبيرية”.
وأضاف شحادة:”الدولة تتبع نهج التطبيق الانتقائي للقانون وأكبر دليل على ذلك ما حصل مع النائبة حنين زعبي، حيث أوعز المستشار الفضائي بفتح تحقيق ضدها رغم أن تصريحاتها لم تتجاوز حيز حرية التعبير، وبالمقابل لم يتم التحقيق او محاكمة أعضاء كنيست ووزراء من اليمين أطلقوا تصريحات تحريضية ومتطرفة ولا تقع ضمن حرية التعبير”.
ونوه شحادة أنه وحسب التجارب السابقة لحالات تحريض شبيهة، لن يوصي المستشار بفتح تحقيق جنائي ضدهم.
من جهته أكد النائب د. باسل غطاس أن الهجوم على التجمع هو أحد مؤشرات دخول المجتمع الإسرائيلي كله وبتوجيه حكومي لجو خطاب العنصرية والكراهية والتعصب وتضييق أي هامش وفسحة للنقاش الديمقراطي والرأي الأخر، وقال: “يواجه التجمع الوضع الجديد وهو في عين عاصفة الملاحقة السياسية والتحريض الارعن عليه ، وهو مصر على خطابه الوطني والديمقراطي ويرى بنفسه تيارًا مركزيا في المجتمع العربي ويمثل مصالح الأقلية القومية بالداخل، ولا يستمد شرعيته من التواجد في الكنيست أو الاشتراك في العملية السياسية الإسرائيلية، بل من أبناء شعبه، لذلك فإن محاولة إخراجه عن القانون أو أي مسعى لمنعه من خوض الانتخابات لا يؤثران على قيادته وأنصاره ولا على خطابه وبرنامجه”.
وأضاف غطاس أن التجمع برفض الخضوع لأجندة التحريض ومحاصرته في خانة التطرف المزعوم، وله شرف التصدي لحملة العنصرية وخطاب الكراهية الذي غمر المجتمع الإسرائيلي، وأنه سيستمر في عمله البرلماني والسياسي دفاعا عن مصالح المجتمع الفلسطيني بالداخل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والسياسي.
مناهضة الإقالات والملاحقات
ودعا نواب التجمع للخروج بحملة لمناهضة الاعتداءات ومظاهر الكراهية والعنصريّة والتمييز، التي تصاعدت في ظل العدوان على غزة . وأبرق النواب في هذه السياق رسائل للوزارات المسؤولة والمنظمات الحقوقية والنقابية، كما أعدوا تقريرًا يوثق ويرصد عشرات حالات ملاحقة وإقالة العمّال العرب من أماكن عملهم وتعرض عشرات الطلاب الجامعيين للمضايقات والتهديد والوعيد ولمحاكم عقابية من قبل المؤسسات الأكاديمية على خلفية تعبيرهم عن آراءهم السياسيّة الشرعيّة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وطالبوا بالتصدي لموجة العنصرية الخطيرة، كما أبرقت جمعيات حقوقية رسائل بهذا الشأن وأصدرت منشورًا إرشاديًا وتوعويًا خاصا للعمال والطلاب لمواجهة هذه الحالات.
وقالت المحامية سوسن زهر من مركز عدالة: ” أقيمت صفحات خاصة على شبكة الفيسبوك هدفها تعقب موظفين وعمال وطلاب جامعات عرب، ومتابعة ما ينشرونه على صفحاتهم الخاصة، ومن ثم تقديم شكاوى للمشغلين أو للمؤسسة الأكاديمية في حال نشر رأي سياسي يبدي تعاطفًا مع سكان قطاع غزة أو مناهضًا للإجماع الإسرائيلي. وشهدنا حالات فصل لعمال عرب أو دعوتهم لجلسات استماع قبل الفصل. كما قامت مؤسسات أكاديمية بدعوة طلاب لجلسات الاستماع ولجان طاعة تمهيدا لاتخاذ إجراءات عقابية بحقهم. بالغالب، تأتي هذه الإقالات أو التهديد بالفصل من العمل والتعليم كإجراءات عقابية مخالفة للقانون الذي يمنع هذه العقوبات. كما أن الحالات التي وصلتنا، بأغلبيتها الساحقة، لا تصل حد المخالفات الجنائية التي تستوجب اتخاذ إجراءات عقابية بحق الناشر. جميع الحالات، حتى وإن كان بعضها مثير للجدل من الناحية السياسية، تقع في نطاق حرية التعبير. بالإضافة لذلك، في حال كان هنالك شبهات لارتكاب شخص ما مخالفة كمخالفات التحريض للعنف أو العنصرية، فإن الحل هو تقديم بلاغ في الشرطة وليس الإقالة من العمل أو الفصل من المؤسسة الأكاديمية”.
نتهم الشرطة بالوحشية والتعسف
يصر نواب التجمع على فضح عنف وتعسف الشرطة اتجاه المتظاهرين العرب على خلفية مناهضتهم للحرب على غزة وتعاملها الوحشيّ ضد قيادات الجماهير العربيّة عموما وضد النواب جمال زحالقة وحنين زعبي وباسل غطاس ومحمد بركة وغيرهم.
في هذا السياق، قدم النائب د. جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع البرلمانية، شكوى رسمية ضد الشرطة في وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحش)، بعد الاعتداء عليه من قبل الشرطة خلال مظاهرة حيفا، مما أدى إلى كسر في ضلعه. وجاء في الشكوى، التي سطرها المحامي مؤيد ميعاري، أن أفراد الشرطة هجموا بوحشية على المتظاهرين، ضد العدوان على غزة، ودفعوا زحالقة بقوة ، وحين قال لهم بأنه لا يحق لهم أن يتصرفوا بهذا الشكل خاصة وانه عضو كنيست، نظروا إلى الضابط “حاييم ازراد”، الذي وقف بجوارهم، وكان رده أن “استمروا، لا تترددوا”، وانقضوا عليه ورموه أرضًا واعتدوا عليه بالضرب والركلات، ولم يتوقفوا حتى حين قال لهم بأنه تلقى ضربة قوية في الخصر الأيمن، بل اعتدوا عليه مرة أخرى، حيث امسك شرطي برقبته وانهال عليه شرطي أخر بالضرب من الخلف، على مرأى ومسمع الضباط.
وبعد الاعتداء توجه زحالقة إلى المستشفيات ثلاث مرات وتلقى علاجًا بالمسكنات، وأظهرت صور الرينتجين في مستشفى “شعاري تسيدق” أن هناك كسر في الضلع رقم 11 في القفص الصدري، وأرفق زحالقة الشكوى بوثائق طبية وصور تدل على حيثيات الاعتداء عليه.
وحذر زحالقة في رسالة لرئيس الكنيست من الاعتداءات المتكررة على النواب وقيادات ومنتخبي الجمهور العربي، ووجه رسالة اخرى الى المستشار القضائي للحكومة لأخذ دوره في محاسبة الشرطة على تجاوزاتها واعتداءاتها على المتظاهرين. واستنكر زحالقة حملة الاعتقالات التعسفية والعشوائية للشباب المتظاهر. وقال: “اسرائيل في حالة هستيريا حربية وأفراد الشرطة يتصرفون وكأنهم على الجبهة يحاربون من يعتبرونه عدوًا”. وشدد على ضرورة توحيد الجهود في مواجهة السياسات العدائية الانتقامية لأذرع السلطة وبالأخص الشرطة والمخابرات.
واستعرضت النائبة حنين زعبي في الشكوى التي قدمتها ضد الشرطة، حيثيات الاعتداء عليها في مظاهرة حيفا، وجاء في شهادتها التي أرفقت للشكوى الرسمية التي سطرها المحامي نديم شحادة من مركز عدالة، “كنت في مقدمة المظاهرة وفجأة دفعت الشرطة المتظاهرين بالدروع وسقطت أرضا وواصلوا دفعي ، رغم علمهم بأنني عضو كنيست لم يتورعوا بدفعي، بل ونعتوني بكلمات بذيئة”.
وأضافت زعبي في شهادتها: “عقب ذلك حاصرت الشرطة المتظاهرين في مكان ضيق ومنعتهم من التحرك، واعتدت عليهم بقسوة ووحشية ودفعتهم نحو الجدران بواسطة الخيالة، وعندما حاولت الاقتراب من المتظاهرين مر بجانبي أفراد الوحدات الخاصة ودفعني أحدهم بواسطة حقيبته ونعتني بكلمة نابية. وفي خضم الصراخ والضجة سمعت شرطي يقول لي (ليسقط صاروخ على رأسك)، وحاصرني الشرطيون وشعرت بضربات على كل أنحاء جسمي”.
وأردفت زعبي: “وسط الاعتداء ومحاصرتي والاستفراد بي بهدف حجبي عن أنظار المتظاهرين والإعلام والصحافيين وعدسات الكاميرات، سمعت أحدهم يصرخ ويقول (أحضروا الأصفاد، يوجد اعتداء على شرطي) وفعلا كبلوني نحو دقيقة وأكثر، وبعدها سمعت أحدهم يقول أحضروا المفاتيح وحرروها”.
و أشارت زعبي أن الشرطة تجاهلت تساؤلاتها حول من اعتدى عليها، الأمر الذي دفعها للتوجه لقائد الشرطة الذي تواجد بالمكان، وسألته إذا كان شاهد الاعتداء عليها ولحظة تكبيلها، إلا أنه أجاب باستهتار ونعتها ب “كاذبة”. وأكدت أنه منذ لحظة بدء الاعتداء عليها وحتى تحريرها من الأصفاد، حاصرها أفراد الشرطة وحجبوها عن الأنظار لينفذوا كيدهم بعيدًا عن التوثيق.
وعانت زعبي آلاما حادة في أنحاء جسمها نتيجة الاعتداء، حيث أشار الكشف الطبي إلى وجود كدمات وأضرار صحية قاسية.
وطالبت زعبي وحدة التحقيق مع الشرطة “ماحش” بإجراء تحقيق جدي حول الاعتداء عليها وعنف الشرطة ضد المتظاهرين وتقديم أفراد الشرطة للمحاكمة، كما طالبت بنشر الصور والفيديو التي بحوزة الشرطة وتوثق الحدث.
وقال المحامي نديم شحادة أن الشهادات والصور والفيديوهات التي توثق مجريات التظاهرة، تثبت استعمال الشرطة للعنف ضد المتظاهرين عموما وضد النواب جمال زحالقة وحنين زعبي وباسل غطاس خصوصا، إضافة للتعامل الفظ معهم وإهانتهم وتكبيل النائبة حنين بالأغلال، متجاهلة كونهم ممثلي جمهور.
وأضاف شحادة: “إن تعامل الشرطة مع متظاهرة بهذه الصورة البشعة والوحشية، وبغض النظر عن منصبها، دونما أن تعتدي أو تخل بالنظام أو تعرقل عمل الشرطة هو أمر ممنوع وغير قانوني ومرفوض كليًا. وجوهر الشكوى يؤكد أن القانون يمنع التعامل مع متظاهرة امرأة بهذا الشكل فكم بالحري مع عضوة كنيست”.
وأشار شحادة أن عشرات الشكاوى قدمت بالماضي لشعبية التحقيق مع أفراد الشرطة “ماحش” حول استخدام الشرطة للعنف ضد المتظاهرين، إلا أن جميع الملفات أغلقت وبقيت بعضها والتي ما زالت قيد العلاج والتحقيق ولم تصدر قرارات بشأنها، ولا نلمس أي جدية من قبل ماحش وفق ما نرجو ونطالب، وفي أغلب الأحيان وفي مثل هذه الملفات تقوم ماحش باستدعاء المشتكي لأخذ شهادته فقط، ويبقى احتمال فتح تحقيق فعال وجدي ضئيل جدًا.