صفات الرجولة في القرآن الكريم
تاريخ النشر: 30/08/14 | 14:54الصفة الأولى للرجولة: التعلق بالمساجد وحب الطهارة
يقول الله – تعالى -: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}1.
أين مكان أولئك الرجال؟ هل هم في المجتمعات الفارغة التي تُفْرِغ الرجولة من معانيها؟
كلا – {فِيهِ رِجَالٌ}2 في هذا المسجد رجال، {يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}3 فيأتون إلى المسجد على طهارة، فكان جزاؤهم أن أحب الله هؤلاء الرجال الذين من صفتهم الطهارة لأن{اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}4، هذه صفة من صفات الرجال العظماء الذين حازوا على شرف الرجولة.
الصفة الثانية للرجولة: ذكر الله – تعالى -، وإقام الصلاة وترك ما يلهي عنها
يقول الله – عز وجل -:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}5.
مَن في هذا المسجد؟
إنهم رجالٌ!
قال بعض السلف – رحمه الله -: “يبيعون ويشترون – هؤلاء الرجال -؛ ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة”،
الصفة الثالثة للرجولة: الثبات على المنهج الرباني
قال الله – عز وجل – مادحاً صنفاً من أصناف الرجالِ {منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُوَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}6، لم يبدلوا ولم يغيروا ولم ينحرفوا، بل هم مستقيمون على هذا المنهاج، ينتظرون أمر الله – تعالى – أن يتوفاهم وهم سائرون على هذا الدرب، لا يلوُون على شيء إلا مرضاة ربهم – عز وجل -، إنه الثبات على المنهج الذي افتقده كثيرٌ من المسلمين اليوم وانحرفوا عن منهج الله.
الصفة الرابعة للرجولة: تأييد الرسل ومناصرتهم
قال – تعالى -: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ}7.
من صفات الرجولة أن نكون أعواناً للرسل، حرباً على أعداء الرسل، وليس حرباً على الرسل، وأن نكون مؤيدين لدعوة الرسل، لا مثبطين عن دعوة الرسل، وأن نكون مستجيبين لدعوة الرسل، متبعين لا عاصين، ولا مبتدعين، ولا معاندين.
وكم من الرجال من يمتلك هذه الصفة اليوم؟
كم من الرجال من يؤيد دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم-؟
إنهم قليل.
الصفة الخامسة للرجولة: تقديم النصيحة في حال الخوف
ولقد كان هذا الرجل مؤمناً {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ}8 فيتشاورون في أمرك، {لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}9 لأني أكشف لك مخططاتهم، وأعرِّي لك دسائسهم ونياتهم الخبيثة، فاخرج من هذه المدينة، قال ابن كثير – رحمه الله -: “وُصِف بالرجولة؛ لأنه خالف الطريق يعني بالطرق الجادة التي تُسلك في الشارع، فسلك طريقاً أقرب من طريق الذين بُعثوا وراءه، فسبق إلى موسى وحذره، قال: إن الناس آتون ورائي ليقبضوا عليك ويقتلوك، أعوان فرعون الطاغية: {فَاخْرُجْ إِنِّي لَِكَ مِنَ النِّاصِحِينَ}”10.
نسأل الله تعالى أن يصلح ظواهرنا وبواطننا، وأن يجعل نياتنا خالصة له إنه على كل شيء قدير.