مع العودة إلى أحضان المدارس
تاريخ النشر: 31/08/14 | 10:20قيل: الأمّ هي مدرسة الطفل الأولى، فهي -مع الأب- تسهم في بناء شخصيّته ، وفي بلورة ميوله ومواقفه، وفي غرس حبّ الاستطلاع والثقة بالنفس!
وتأتي المدرسة بمعلّميها وبرامجها وأجوائها لتواصل عمليّة التربيّة والتعليم، وفي الآونة الأخيرة تتعالى الأصوات المطالبة بإحداث تغيير في جهاز التعليم والتربية، خاصّة على ضوء النتائج المتدنّية في امتحانات البجروت في المدارس الثانويّة، ونتائج امتحانات النجاعة والنماء “الميتساف” والامتحانات الدولية (Pirls، Pisa) في المدارس الإعداديّة والابتدائيّة.
وهناك من يحمّل جهاز التربية والتعليم المسؤولية عن انتشار العديد من الظواهر السلبيّة في مجتمعنا مثل: ضعف الانتماء القوميّ والوطنيّ لصالح الانتماء الطائفيّ والعائليّ، والتسيّب القيميّ واللجوء للعنف الجسديّ واللفظيّ بعيدًا عن الحوار الإنسانيّ الحضاريّ.
ولا ننسى انتشار التفكير الخرافيّ والإيمان بالغيبيات، والانجرار وراء العاطفة والمظاهر البرّاقة، بعيدًا عن المنطق والموضوعيّة.
لكلّ ذلك نجد أنّ توقّعات الأهل والمجتمع من المدارس كثيرة ومتشعّبة:
إنّنا نناشد مدارسنا العمل على تنمية شخصية الطالب المتكاملة بجميع أبعادها وجوانبها العقلية والعاطفية والبدنية والنفسية والروحية والجمالية.
نتوقّع من مدارسنا الاهتمام ببناء أجسام طلابنا، وغرس محبّة الفنون وتذوّقها في نفوسهم: من موسيقى وغناء ورسم وتمثيل .. في حصص ثابتة، وعلى أيدي معلّمين مختصّين بذلك!
لا يكفي التأكيد على تنمية المهارات العقلية والإلمام بالمعلومات والمعارف في فروع المعرفة المختلفة، فالعلامات العالية والتحصيل المعرفي الجيد ليست كافية!
ينبغي التأكيد على إكساب المتعلمين مهارات التعلّم الذاتيّ، وتزويدهم بالأدوات والمعارف والمهارات اللازمة لمواصلة التعلّم الذاتيّ المستقلّ مدى الحياة من المهد إلى اللحد.
وهناك حاجة للتخلص من أساليب التلقين والإيداع، والعمل على تنمية مهارات التفكير العليا:
التفكير الناقد، والتفكير الإبداعيّ الابتكاريّ!
إنّنا نطمح أن تقوم مدارسنا بتعزيز هويّة الطلاب وانتمائهم لمجتمعهم وشعبهم ولأمّتهم وثقافتهم مع الانفتاح على الثقافات الإنسانيّة الأخرى.
ونتوقّع أن تعمل مدارسنا على ترسيخ المواقف والاتجاهات الإيجابيّة لدى المتعلّمين المتمثّلة في:
تحمّل المسئوليّة، والتعاون مع الآخرين، والتزام الحوار البنّاء، واحترام آراء الغير حتّى وإن اختلفت عن آرائنا تمشّيا مع مقولة: “اختلافُ الرأيِ لا يفسدُ للودّ قضيّة!”
وأن تعملَ أيضا على ترسيخ قيم الحقّ والعدل والمساواة لدى أحبّائنا الطلاب!
نناشد مدارسنا الاعتناء بتنمية ما يعرف بالذكاء العاطفيّ – بدون إهمال الذكاء الأكاديميّ العقليّ – المتمثل باكتساب المهارات الحياتيّة العاطفيّة المطلوبة مثل: الوعي بالذات والتحكم بالانفعالات والنزعات، القدرة على التواصل مع الآخرين والتعامل معهم بمرونة وتسامح وتعاطف، المثابرة وتوفر الدافعية…(انظر: كتاب “الذكاء العاطفيّ” دانييل جولمان، الكويت، 2000)
وأخيرًا:
نناشد مدارسنا أن تعمل على تحبيب لغتنا العربيّة الخالدة لدى طلابنا، وعلى إكسابهم مهاراتها الأساسيّة: القراءة والاستماع للنصوص المختلفة مع الفهم (بمستوياته المختلفة!)، التعبير الكتابيّ والشفويّ الجيّد، الإقبال على المطالعة الذاتيّة وتذوّق الأدب!
إنّ إتقان مهارات اللغة الأساسيّة يشكّل المفتاح للتعامل مع جميع المواضيع الدراسيّة، ويسهم في تحقيق التقدّم والنجاح فيها.
لتحقيق تلك التوقّعات والأهداف نتوقّع أن يجد الطلاب في مدارسهم معلّمين ومعلّمات ومديرين /مديرات يرون في عملهم رسالة سامية، ونقول لهم: أحبّوا طلابكم واحترموا مهنتكم المقدّسة، واحرصوا على النماء والتجدّد!
وللأهل نقول: تابعوا الأبناء بقلوبكم ومحبّتكم، وامنحوهم كلّ ما يحتاجون من عناية ورعاية.
إنّنا على ثقة، انّ التعاون والتناغم بين جميع الاطراف كفيل بتخريج أجيال واعية ناجحة واثقة تشقّ طريقها في دروب العلم والمعرفة لترتقي إلى أعلى مراتب التتفوّق والتميّز.
نتمنّى للجميع عاما دراسيّا موفّقا تتحقّق فيه الأهداف المنشودة!
وكلّ عام والجميع بألف خير وسعادة!
د. محمود أبو فنه