محمد عاكف أرصوي.. الشاعر والمرجعية
تاريخ النشر: 01/09/14 | 17:26من الرائع أن نتحدث عمن يستحق أن نتحدث عنه، وأن نذكر من يكون لذكره ولذكراه معنى، وحديثنا اليوم عن إنسان موسوعي، في الشعر والأدب أستاذ الأساتذة، وفي السياسة عنوان، وفي الفكر مرجعية ومرتكز، وفي الحرب مناضل من طراز فريد، إنه الشاعر الكبير محمد عاكف آرصوي، شاعر أمة وسياسي عصر محتقن بالأحداث.
لنبدأ بالتعريف به بإيجاز لتعرف عنه الأجيال، فقد ولد الشاعر محمد عاكف في اسطنبول سنة 1873م، في عائلة متعلمة متعددة الأعراق، فهو من أب تركي اسمه محمد طاهر، وأمه من بخارى تدعى أمينة، وقد اكتسب من عائلته ووالده تحديداً الكثير من المعارف، فقد تعلم العربية على يد والده الذي كان مدرساً في مدرسة الفاتح، ودرس في مدرسة البيطرة، وتخرج فيها سنة 1893 ليعمل مفتشاً في وزارة الزراعة، وحفظ القرآن وهو في التاسعة من عمره، ودرس الحديث، واللغة العربية، والفارسية والفرنسية وأخذ العديد من الثقافات العالمية من خلالها.
تجول محمد عاكف أرصوي في مناطق الأناضول والبلقان ومصر والجزيرة العربية، وكان حريصاً على الاقتراب من الناس وأن يسبر أغوارهم وأحوالهم، وأن يتعرف على أدبهم وثقافاتهم المتعددة.
عمل آرصوي في العديد من المجالات، فقد عمل مدرساً في إسطنبول، وشارك في إصدار مجلة الصراط المستقيم وغيرها من مصادر المعرفة التي انتشرت في تلك الحقبة، وعُين مدرساً للأدب في دار الفنون “جامعة اسطنبول”، وكان مختصاً بتدريس الأدب العربي وأصول الترجمة بين العربية والتركية.
اشتهر محمد عاكف آرصوي بكتابه الأدبي الكبير الذي سماه الصفحات، والذي لخص فيه حبه للأمة الواحدة ودافع عن المشرق الإسلامي في وجه حملات التجهيل والتغريب.
نشيد الاستقلال التركي الذي ألفه محمد عاكف أرصوي، كان تحفة أدبية لافتة، فقد ضمنه أكثر من سبعين كلمة عربية الأصل برغم انقلاب الحروف إلى اللاتينية بعد قيام الجمهورية التركية، وقد قرئ النشيد في مجلس الأمة في حالة وقوف نواب المجلس تقديراً له.
اليوم، إذا زرت تركيا في عصرها الحديث، فلا تكاد تجد قرية ولا مدينة ولا حياً إلا وفيه اسم محمد عاكف، محطات المترو والترام، في المراكز الثقافية وأحياء المدن، في المؤسسات الأهلية والفعاليات المتنوعة، كجزء من الفضل الذي يكنه الإنسان التركي اليوم لهذا الرائد المبدع.
د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي