حكاية مثل شعبي مظلوم: بنت الخواضة خواضة!!
تاريخ النشر: 29/04/12 | 23:02قصة هذا المثل سمعتها من العم المرحوم أحمد مصطفى بيادسه “أبو النجيب” في سنوات الخمسين المتقدمة من القرن الماضي، حينها كنت حدثاﹰ أحب بل أحّن الاستماع إلى القصص والحكايات التاريخية، التراثية، والشعبية، ومن ضمنها الأمثلة الشعبية ذات الطابع المحلي والإقليمي بالذات، وقد عرف المرحوم في بلدنا بالحكواتي، كان يتردد على البيوت محتضنا الكتب التاريخية وكتب السير مثل: الزير سالم، الأميرة ذات الهمّة، فتح الشام، تغريبة بني هلال وغير ذلك، ساردا على أسماع أصحاب هذه البيوت ومن جاورهم ومن دعي للاستماع ومن خلال هذه الكتب، القصص المثيرة والسير التي تشّد المجتمعين إلى الإنصات إليها.
كان المرحوم احد أعمدة هذا الفن الذي اندثر أو في طريقه إلى الاندثار الكلّي، لتوفر الكتب بين الأيدي بعد أن اختفت الأميّة تقريبا ولولوجنا إلى عالم التكنولوجيا المتطورة والشبكات العنكبوتية والتواصل الاجتماعي، إنها حكاية مثل في رأيي أننا ظلمناه وما زلنا….
هذا المثل يخرجه الكثيرون ، وللأسف، عن سياقه الحقيقي الايجابي وكما ورد في الأصل، شوه هذا المثل ونكل به لدرجة وصل معها إلى أنه نادرا ما يضرب به لأمور ايجابية تتسم بالأصالة، بالنسب الطيب، بالكرم ، بحسن التدبير والترتيب ، فعندما يقال بنت الخواضة فأول ما يتبادر إلى ذهن السامع الذي ضلل وغرر به وأخفيت عنه حقيقة هذا المثل أن “بنت الخواضة” أي أنها ابنة منتهكة العرض والشرف، سيئة السيرة والأخلاق الماجنة سيئة التدبير المنزلي والى ما هنالك من صفات سلبية، والحقيقة أن مجرد استعمال كلمة “خواضة” لأكبر دلالة على عمل فيه الجرأة والشجاعة فهي من الفعل خاض، يخوض، فتقول خاض النهر أو خاض في الكلام ، فالخواضة هنا وفي هذا المثل بالذات هي الأنثى التي تخوض النهر أو الوادي ولا تبالي وكل ذلك من أجل المساعدة أو الانقاذ.
لقد ظلمنا هذا المثل ظلما جائرا حتى يندر أن نجد من يضرب به لأمور تتسم بالشهامة، بالأصالة، بالأقدام أو بالكرم ولا أبالغ إذا قلت أن استعماله لهذه الأغراض يصل إلى درجة العدم ، ولا يستعمل وللأسف الشديد إلا في حالات التشهير والتجريح والتحقير فيقولون عن الأنثى، أي أنثى سواءا كانت من بني البشر أو غير البشر والتي تخرج عن الأصول المرعية أنها خواضة وأمها من قبلها خواضة ، وبهذا يخرجون المثل “بنت الخواضة خواضة” اعتباطا وجهلا عن سياقه….
ولنرجع إلى أصل المثل: وهناك من يلفظ الضاد ظاءا فيقول “بنت الخواظة خواظة”….
يقال أن أميرا عربيا أي شيخ قبيلة، كانت ترافقه ابنته وبصحبتهما قافلة قليلة العدد من الجمال والنياق يتقدمها جمل ضخم… تصل القافلة إلى حافة نهر قليل العمق أو واد جار ، يقف الجمل الضخم أمام النهر أو الوادي ويحجم ولا يجرؤ على العبور… حاول الشيخ وبكل قواه إرغام الجمل وبقية القافلة على العبور ولكن دون جدوى ، عندها تقدمت ابنة الشيخ من أبيها وقالت له مشيرة بيدها إلى ناقة صغيرة كانت تقف خلف القافلة لتقول له: أذكر جيدا يا والدي أن أم هذه الناقة الصغيرة كانت تخوض النهر عندما كنا نتعرض لمثل هذه الحادثة!! توجه الشيخ نحو الناقة التي أشارت إليها ابنته وقادها إلى مقدمة القافلة على حافة النهير ، ويا للعجب ، فقد حدث ما لم يتوقعه الوالد فقد تقدمت الناقة وعبرت الماء ومن ورائها بقية القافلة، عندها قال الشيخ جملته المشهورة والتي أصبحت فيما بعد مثلا: حقا أن “ابنة الخواضة خواضة” أرأيتم لمن يضرب هذا المثل؟!!
أليس لأهل الأقدام والجرأة وحتى الحكمة.
يسلموا يا ابا اياد قصه رائعه فيها الكثير من العبر
جميل ما سردتَ يا صاحب موهبة السرد . حقا هذا ما أعرفه عن المثل وإن كان كثيرون من ناس قرانا يحرفونه لأغراضهم والطعن الخلقي فيمن يشاؤون الإساءة له . ولا أكتمك أنني حين سمعت المثل أول مرة ، قفز إلى ذهني بعدٌ آخر للمثل ، فالناقة ( المرأة ) في القديم كانت ولا زالت مقياس الجرأة والإقدام والتضحية والمغامرة لما فيه الصالح العام : اجتياز المصاعب وتجاوز الأزمات المعترضة . أحييك أستاذ حسني على أسلوبك الجميل والمفيد في الكتابة . ابراهيم مالك
أعجبني هذا التحليل وهذا التخريج للمثل اللذَيْن يختلفان عمّا يتناقله
غالبيّة الناس من الدلالة والمعنى!
احييك أبا اياد على طرقك لمثل هذا الموضوع . انه من التراث .بارك الله عليك .
القصه رائعه فى سردها لكن ما سمعناه كلمات فى البدايه واخري فى النهايه لم تكتب وان كنت نميل الى قصها من الحكايه لوجه الله