دعم الحركة الفنية الفلسطينية
تاريخ النشر: 01/09/14 | 14:56أثناء تجوالي في دول العالم المختلفة وجدت العديد من النماذج والتجارب الخاصة بتنمية وتطوير الحركة الفنية في هذه البلد أو تلك، وركزت على وجوه التنافس الموجود بين هذه الدول بالتعريف بفنانيها ومثقفيها ونخبها الإبداعية، بحيث يتم تسخير جهود جبارة على كل المستويات لتعزيز الحضور الفني والوجوه الفنية المقصودة لتبرز أمام العالم وتعبر عن الوجه الفني للدول.
وخلال تجوالي في العديد من الدول العالمية، ومن خلال المتابعات الإعلامية التي أقوم بها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات، وجدت أن نسبة كبيرة من الإبداع الفني مغمورة في فلسطين، تعيش وتموت ولا يخرج إبداعها عن إطار المعارف المحصورة التي تعلم بها، دون أن تبرز للعالم ببصمة فنية فلسطينية لها نكهتها وسماتها.
الأدب والشعر، والمسرح والعمل الوثائقي، والرسم التشكيلي والتعبيري والتجريدي، الخط العربي الاحترافي، التصوير الفوتوغرافي، الزجل والأهازيج، الفلكلور الشعبي، التمثيل والفنون التعبيرية، كلها موجودة بمستويات مميزة تضاهي المستويات العالمية، ولكنها لا تجد طريقها نحو العالمية.
أدرك أن فلسطين تحت الاحتلال، وأن الاحتلال يحاول جاهداً أن يقضي على بذار الأمل والتوهج في فلسطين، ولكني أدرك أيضاً أن المعاناة تصنع مدارس فنية خاصة بها، وتستفز عقول وقلوب المبدعين فيزيدوا من حجم وشكل ومستويات عطائهم بشكل يعجز المتابعون عن اقتفائه.
بعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية، وبداية دخولها لمناطق نفوذها في الضفة وغزة، بتنا أمام جسم مؤسساتي حكومي اسمه وزارة الثقافة، واسم حكومي آخر اسمه وزارة الإعلام، ووزارة تحمل اسم الشباب، وغيرها من الجهات الرسمية التي تمنينا فعلاً أن تخلف مناخ الإبداع وترفع راية الفن والأدب والفلكلور الفلسطيني، ولكني شخصياً – وقد يتفق معي كثيرون – أصبت بالإحباط من شكل تعاطيها مع الفن الفلسطيني، الذي خبا أواره ولم يستعر.
على مستوى المناهج الدراسية والسياسات التعليمية الhساسية والثانوية والعليا،تصدمك نتائج تحليل المنهاج، فلو فرغت القيم والمفاهيم والقيم التربوية والسلوكية والنفس- حركية فيها لوجدتها لا تخرج للمجتمع إنساناً قادراً على الإبداع في تخصص فني واحد، مع أن هناك آلاف التجارب الدولية التي يمكن لنا اقتباسها وتضمينها في هذا المجال كمنهج.
ومع افتقادنا المعاهد التخصصية الحاضنة – ولو وُجدت اسماً – فنحن اليوم نتوجه صوب الفرد وصناعته لنفسه، وهذا لن يتيح له مجالاً للإبداع العالمي والظهور على مسرح الأحداث الفنية، فالصناعة الإعلامية للوجوه تتطلب احترافية عالية، في عالم التلحين والغناء والعمل الفني الجماعي إنتاجا وإخراجاً وتسويقاً.
سنبقى بحاجة لأن نصرخ في وجه المسؤولين ليتحملوا مسؤولياتهم، وفي وجه مؤسسات المجتمع المدني أن تحتضن الإبداع وترعاه، وفي القطاع الخاص كي يدخل في ميدان الخدمة العامة ورعاية المبدعين، وفي المبدعين أن لا يفقدوا الأمل حتى الرمق الأخير، فلربما تغيرت الأحوال ووجد المبدعون يداً حانية تصنع لهم نجوميتهم المستحقة على المسرح الكوني.
د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي