خطبة الجمعة من كفرقرع بعنوان “وقفات مع العام الدراسي الجديد”
تاريخ النشر: 04/09/14 | 7:47بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة؛ أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 3 ذو القعدة 1435هـ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري آل أبو نعسه، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك ‘‘وقفات مع العام الدراسي‘‘ بمناسبة بدء السنة الدراسية الجديدة؛ هذا وأم في جموع المصلين الشيخ أسامة مسلماني، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
حيث تمحورت الخطبة حول: وصايا للطلاب / وصايا للمعلمين / وصايا للمدراء / وصايا لأولياء الأمور / أهمية مناهج التعليم.
العلمُ أساسُ نَهضةِ الأُمَمِ وتقدُّمِهَا، ورفعةِ الشعوبِ وازدهارِهَا، فمَا مِنْ أُمَّةٍ نالَتْ حظًّا مِنَ الرفعَةِ والعُلوِّ، وبلغَتْ منْزلةً مِنَ النهضةِ والسمُوِّ، إلاَّ كانَ العلمُ أساسَهَا، والمعرفةُ سبيلَهَا، قالَ تعالَى: ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ))، ولذلكَ اهتمَّ الإسلامُ بالعلمِ اهتماماً عظيماً، فوجَّهَ الناسَ إلَى القراءةِ؛ لأنَّهَا سبيلُ العلمِ، قالَ سبحانَهُ:((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ))، وأقسَمَ اللهُ عزَّ وجلَّ بأدواتِ العلمِ ووسائلِ تحصيلِهِ، فِي إشارةٍ إلَى أهميةِ كتابةِ العلمِ وتوثيقِهِ؛ فقالَ عزَّ وجلَّ:((ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ))، كمَا رفَعَ الإسلامُ مِنْ شأنِ العالِمِ والمتعلمِ، قالَ اللهُ تعالَى: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ)).
ها هي المدارس سوف تفتح أبوابها ويقبل عليها طلابها ليبدءوا عامهم الجديد فيحسن بنا في هذه الجمعة المباركة أن نقف بعض الوقفات مع هذه المناسبة العظيمة.
لا ريب أن مهمة كل رسول إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير قال تعالى:((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)). ومن يقم بهذه المهمة من بعدهم إنما يتشرف بتقمص رداء الرسل، وخلافتهم في أجلّ مهنة وأشرفها، وهي إرشاد الناس وتعليمهم باليسر والسماحة، وليس بالعسف والقهر والإذلال، قال: «إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا وميسرًا».”.
وأردف الشيخ قائلاً: شرف عظيم لكل من أُدرج اسمه في قائمة المصلحين أن يشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم في مهمته الجليلة، فهو القدوة الذي كمّله الله تعالى ليكون أسوة لأمته، يقول معاوية بن الحكم: «ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه».
لقد تخرج على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم جيل عرفه التاريخ صفاء ونقاء وحبًّا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة، لقد عاشوا -والله- شموسًا في ظلام الكون، وسيوفًا في وجه الباطل، ومصاحف تتحرك على الأرض، وقلوبًا ترقّ لكل ضعيف ومسكين، قوم أعزهم الله بدينه، فكانوا مفاتيح كنوز الأرض وقادتها دون منازع.
يقول جرير بن عبد الله البجلي: «ما حجبني النبي منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي» رواه البخاري. وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: «ما سئل رسول الله شيئًا قط فقال: لا». وقال أنس: «والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لِمَ فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا» رواه مسلم.
وفي قصة معاوية بن الحكم، وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمّته معاوية وهو يصلي يقول: «فحدّقَني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إليّ؟! قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت. فلما انصرف رسول الله دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه» رواه النسائي وصححه الألباني.
وقام أعرابي فبال في المسجد: «فتناوله الناس، فقال لهم النبي: «دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» رواه البخاري..”.
وتابع الشيخ حديثه بالقول: فأخلص نيتك يا بني في العلم واطلب العلم لترفع عن نفسك الجهل واطلب العلم لتنفع غيرك وأمتك واطلب العلم لأجل العلم لأن العلم زينة. انك ما ترى عالماً في أي مجال إلا والناس يكنون له الاحترام والتبجيل لا تطلبوا العلم لأجل الوظيفة، فالوظيفة رزق والرزق بيد الله وحده واعملوا وجددوا فكلٌ يسر لما خلق له.
يا بني انك تتوجه غداً لقلعة من قلاع العلم فابدأ فيها بسم الله وعلى بركة الله ولتكن بدايتك جادة ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد فهذا طبع الكسول ومن كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة.
إنها حقوق وواجبات وأمانات ومسئوليات برأت من حملها الأرض والسموات وأشفق من ثقلها الجبال الشم الراسيات وحملها الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات في زمن ضاعت فيه الأمانات.
يا أسفى على التعليم يوم أن تتناقض فيه الأفكار والآراء ويمتلئ بالغش والفوضى ويخرج أجيالا أصابها الضعف والخواء.
يا أسفى على التعليم يوم إن اعتمد على حشو المعلومات وحرفية النصوص دون اعتبار لمعانيها ودون غرس للقيم وبناء للمبادئ إلا ما رحم ربك فأصبح الطالب يحفظ النص ثم يفرغه في ورقة الامتحان ثم ينتهي الأمر دون أن يلامس النصُ القلبَ.
فيا أبنائنا ويا إخواننا ويا طلابنا إن طلب الشهوات والإنسياق وراء العواطف واللذات لا يستوي ولن يستوي أبداً مع طلب العلم ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ))؛ ويقول سبحانه وتعالى ﴿(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)﴾؛ يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور *** ونور الله لا يهدى لعاصي
وإختتم الشيخ خطبته بالقول: أيها الآباء.. أيها الطلاب.. أيها المعلمون.. أيها الإداريون…. تعلمون جيداً أن التعليم اليوم في ضعف شديد فأنقذوا المدارس وأصلحوا التعليم وليقم كل منكم بواجبه على وجه الوفاء والتمام فإن ضعف التعليم يترتب عليه ضعف الأمة وقوة التعليم يترتب عليه قوة يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)..”.