العدل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
تاريخ النشر: 30/03/15 | 0:00العدل من الأخلاق النبوية والشمائل المحمديّة التي اتّصف بها الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان عدله يسع القريب والبعيد والعدو قبل الصديق، بل وصل عدله إلى حد أن طلب من الصحابة أن يقتصوا منه خشية أن يكون لحقهم منه أذى، وحاشاه صلوات الله وسلامه عليه بأبي هو وأمي.
تروي الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يوم بدر يعدل صفوف أصحابه يوم بدر بعود سواك كان في يده -وفي رواية قدح-، وهو خارج عن الصف، فطعن رسول الله في بعود سواك برقة، وقال: استو يا سواد، فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق، فاقدني –أي اجعلني اقتص منك-، فكشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بطنه، فقال: استقد –اقتص-، فأحتضنه سواد وقبل بطنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسل: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله، حضر ما ترى، ولم آمن من القتل في المعركة، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله بخير.
ففي قصّة المرأة المخزومية التي سرقت، استعان أهلها بأسامة بن زيد كي يشفع لهم عند رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فلم يقبل شفاعته، وقال كلمة خلّدها التاريخ: “أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت –وحاشاها رضي الله عنها- لقطعت يدها”.
ومن عدله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله عدم تمييزه بين أصحابه في حله وترحاله، فعن عبد الله بن مسعود قال: “كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة و علي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال: وكانت عقبة -دور- رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالا: نحن نمشي عنك، فقال: ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما”.
بل حتى الحيوانات كانت تنال حظاً من رعايته صلى الله عليه وآله وسلم وعدله، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حائطا لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمسح عليه فسكت، فقال: “لمن هذا الجمل”، فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال له: “أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؛ فإنه شكى إليّ أنك تجيعه وتدئبه – أي تتعبه”.
كل هذه وغيرها الكثير من صور العدل في حياة النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله نجدها في جوانب سيرته العطرة التي تعبر نبراسًا للمسلمين في حياتهم.