جلال الدين الرومي من بلخ إلى قونيا

تاريخ النشر: 03/09/14 | 16:36

اسمحوا لي في هذه الفرصة السانحة بأن أقف مع شخصية تاريخية فرضت نفسها على مسرح الأحداث في جغرافيا واسعة من العالم، لنتعرف اليوم كنخبة عربية، وكشباب عرب على شخصية من الشخصيات الريادية في مسرح الحياة، ألا وهي شخصية العالم الصوفي جلال الدين الرومي.

اسمه الحقيقي هو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي، كما عرف أيضا باسم مولانا جَلَال الدِّين الرُّومي، وعندما يطلق اسم مولانا في الأناضول فهو المقصود.

شاعر وعالم ومتصوف، سافر مع والده بهاء الدين ولد من بلخ في رحلة طويلة صقلت شخصيته وتعرف من خلالها على العديد من كبار علماء الصوفية، واستمر يتتلمذ ويتدرج في مسالك التصوف حتى بات يعرف بأنه صاحب كتاب المثنوي المشهور بالفارسية، والذي تمت ترجمته للعديد من لغات العالم، وهو كذلك صاحب الطريقة المولوية المنسوبة إلى (مولانا) جلال الدين الرومي.

كانت رحلته من بلخ في بلاد فارس والتي تركها وانتقل مع أبيه منها إلى بغداد في الرابعة من عمره، ومنها إلى مدينة قونيا التركية في عهد دولة السلاجقة الأتراك، مسيرة معرفية متعددة المشارب والمعارف، وأكسبته خيرة وتجربة وثقافة عرفت بها شخصيته.

ومع أنه عمل كمدرس واشتهر كفقيه في قونيا، إلا أنه ترك التدريس واعتزل الدنيا وتصوّف، وأشغل نفسه بالعديد من القراءات الصوفية وسماع الموسيقى ونظم الأشعار وإنشادها، هذه الأشعار والمهارات التي كتبت بلغته الفارسية تركت تأثيرا واسعا في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية و الأوردية و البنغالية والتركية وغيرها.

انتشرت المولوية بعد وفاته بصورة كبيرة فاقت شهرتها في حياته، وانتشرت كذلك ثقافة الرقصة الدائرية التي يؤديها أتباع المولوية والمعروفة باسم ( السما ) واشتهر عالمياً بفضل عباراته وتوجيهاته حول التسامح الديني، والتواضع ونحوها.

المؤكد أن حياته وشخصيته وأفكاره قد أثارت المثير من الجلية حوله في الساحة الفكرية والدينية، وقد وصل الأمر ببعض العلماء والمفكرين إلى اتهامه بالعديد من الصفات اللاذعة، وقاموسا بالتنفيذ منه ومن أفكاره التي رأوا أنها تصادم الدين وتؤدي إلى ميوعة أحكامه، في وقت وصفه فيه محبوه بأنه من رواد الفكر الصوفي العالمي.

أطلق جلال الدين الرومي على الموت مصطلح ( شبه عروس ) أي ليلة العرس، لأن المحب يلتقي فيها بمن يحب، وحين وفاته في عام 1273م، دفن في مدينة قونيا التركية، وبعد مماته قام ابنه سلطان ولد بتأسيس الطريقة المولوية الصوفية التي لا تزال منتشرة حتى يومنا هذا.

نقطة هامة برأيي، وهي أن محاكمة الإنسان تتم بناء على عصره وطبيعته وليس في عصر آخر، فقد كانت لجلال الدين الرومي صفات مميزة في مجال تثبيت الهوية الدينية لدى الكثير من الناس في زمنه الذي اشتهر بالهزيمة النفسية والانكسار.

بقلم المستشار د. نزار نبيل أبو منشار” الحرباوي”

nezar7rbawe1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة