الحرب على غزة أهدافها ونتائجها
تاريخ النشر: 06/09/14 | 9:23رغم توقف القتال والمواجهة العسكرية في قطاع غزة إلا أن الحرب لم تضع أوزارها بعد، والتهديدات الإسرائيلية بشن عدوان جديد على شعبنا الفلسطيني، وضد حركة المقاومة الفلسطينية في غزة لا تزال قائمة وتتزايد يوماً بعد يوم.
لقد شنت إسرائيل حربها العدوانية على غزة بهدف خلق وقائع جديدة على الأرض، وتحقيق جملة من الأهداف السياسية والعسكرية، من ضمنها كسر إرادة التحرر لدى شعبنا الفلسطيني ودفعه للاستسلام، وتصفية المقاومة الفلسطينية بكل قياداتها وأجنحتها وتشكيلاتها وفصائلها المختلفة، ومحو قضية شعبنا الوطنية عن الخريطة السياسية، وتحقيق “حلم” “كي الوعي الجماعي الفلسطيني “، الذي دعا إليه رئيس أركان الاحتلال سابقاً موشيه يعلون.
وفي الحقيقة والواقع أن إسرائيل لم تحقق أيّاً من أهداف حربها الإجرامية البهيمية على غزة، التي استخدمت خلالها كل إمكاناتها الحربية البرية والبحرية والجوية ولم تنس شيئاً، وتجاوزت الحرمات كلها، فاستهدفت المساجد والمستشفيات والجامعات والمدارس التابعة لوكالة الغوث (الأنروا)، ونفذت جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين العزل. وما ميز غاراتها الهمجية الإبادية هو أسلوب القوة والبطش والقتل واقتراف الجرائم والمذابح ضد الإنسانية.
ومن نافل القول، ان السبب الأساسي لهذه الحرب هو الانتقام من الفلسطينيين إثر عودة غزة للعمق الفلسطيني مع بدء تنفيذ اتفاق المصالحة وبدء تشكيل حكومة وفاق وطني، وضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتكريس الانقسام على الساحة الفلسطينية.
وأمام العدوان الإسرائيلي الشرس والمجنون فقد صمدت المقاومة الفلسطيني واحداً وخمسين يوماً، وأثبتت غزة، عروس الدم، التي جربت العدوان أكثر من مرة، وتعودت على النار وهدير المدافع، إنها تجيد المقاومة والتحدي والصمود والمجابهة والدفاع عن النفس وإشعال البراكين تحت أقدام الغزاة المحتلين وإطفاء لهيب المعركة بأجساد أبنائها وشهدائها، فانتصر الدم على السيف، وانتصرتعزة في المعركة، رغم فداحة الخسائر والدمار الهائل وسقوط الكم الكبير من الشهداء.
لقد كشفت هذه الحرب تواطؤ وتآمر أنظمة الصمت والذل والانكسار والهزيمة والخيانة التي وقفت مع العدوان، وعرت ما يسمى ب”الجامعة العربية” التي لم تفعل شيئاً ووقفت تتفرج على ذبح الفلسطينيين. كذلك عمقت العزلة الدولية لإسرائيل وزادت حجم الأزمة السياسية فيها، وأظهرت مدى التفاعل والتلاحم بين المقاومة والحاضنة الشعبية، ووضعت القضية الفلسطينية على مصاف الأحداث العالمية، وأحدثت تحولاً سياسياً في أوساط الرأي العالمي وجد تعبيراً له في المظاهرات الاحتجاجية في عدد من مدن العالم وسحب السفراء من إسرائيل، نصرة لغزة وفلسطين وإدانة للنهج العدواني الإسرائيلي والغطرسة الإسرائيلية.
ولا شك أن السياسة الإسرائيلية القائمة على القهر والظلم والاحتلال والاستيطان والتنكر للحق الفلسطيني، لن تجلب الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والمعيشي والراحة النفسية للشعب الإسرائيلي، بل تعمق الكراهية والتطرف والعداء المتواصل.
إن المشهد الغزي الحالي هو مشهد جديد لم تعتد عليه المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، وسيظل خطر الحرب قائم ما لم يستفد قادة وحكام إسرائيل من تجربة ودروس الحروب، والجنوح للسلم وتغيير سياستهم العدوانية والاستيطانية والاعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني بإقامة دولتهم الحرة المستقلة على التراب الوطني في حدود الرابع من حزيران العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
لقد سقط الخيار العسكري وفشل في تحقيق أهدافه، والحل الوحيد للصراع القائم بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي فقط هو الحل السياسي الذي يجلب السلام ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
شاكر فريد حسن