من الأدب الساخر

تاريخ النشر: 06/09/14 | 10:38

أقيمت ندوة في حيفا حول الأدب الساخر شارك فيها نخبة من كتابنا المعروفين، أذكر منهم سلمان ناطور، سهيل كيوان وتركي عامر.
ارتأيت اليوم وبعد افتتاح السنة المدرسية أن أقدم لكم مادة من كتابي “أستاذ قد الدنيا”- لوحات ساخرة. كفر قاسم: مكتبة الشعب -1979، ص 13.

بالطبع يعي القارئ الحصيف أن الهدف من الأدب الساخر هو إصلاحي بنّـاء.
غني عن القول أن كل كلمة في هذه الكتابة لها موقعها ولها وقعها.
………………………………………………………..

* معلم القواعد *
أنا الأستاذ سليم عطيه، أستاذ النحو والصرف والبيان، وكم يشار لي بالبنان!
ولو كنت أدركت سيبويه لما ألّف (الكتاب)، ولحضرت مجالس الأخفش والفراء، وكان لي شأن أي شأن.
إذن، فأنا نسيج وحدي في هذا الباب. ذلك لأنني مؤمن أن السليقة كافية لتعليم النحو، وإذا اضطر الطالب أن يتعلم فعليه ألا يتقيد بطريقة (هربرت)- من مقدمة وعرض واستنتاج، بل عليه أن يقرأ في الصف، ويحفظ القاعدة غيبًا، فالقواعد غاية للغة لا وسيلة.
هم يقرأون وأنا أحلم. المعذرة أفكر في إعراب كلمة…
والكلمة التي أخشى على نفسي منها أسكّنها حسب القاعدة (سكّن تسلم).
….

لما كنت مضطرًا أن أفتح فمي بضع دقائق – كي يؤكدوا لأهلهم أنني أعلم – تحضرني أمثلة قريبة من واقع الطالب: ضرب المعلمُ الطالبَ ضربًا–
وتتكرر (جمل الضرب) في كل درس، وينال الطالب هذا العذاب أسوة بعمرو الذي أكل الضربات من زيد منذ القدم، كل ذلك حبًا وإكرامًا لخاطر النحو والصرف.
..
سألني طالب – وما أقل أسئلتهم ، فهم أما متثائب، أو ينظر ولا يرى، أو يصغي ولا يسمع:
لماذا سمي حرف العلة بهذا الاسم؟
قلت له بغير حماسة – يقينًا مني بأن هذا السؤال هو من أحد الماكرين الغيورين الذين يبغون الإيقاع بي:
– لأنه مريض، ومصاب بالعلة.
– وكيف يا أستاذ؟ سلامته؟
– إنه مريض، معتل، وهذا يكفي.
– لعله الزكام، يا أستاذ!؟
– تهزأ بي يا حيوان؟! اخرج من الصف!
….
أصدقكم برغم أنني نحوي كبير إلا أنني لم أفهم تمامًا لماذا سمي “حرف علة”، ولم أبحث في مصدر يرشدني، فأنا لا أملك وقتًا، إذ أن وقتي موزع بين المقاهي والملاهي، وبعضه أعالج فيه الشؤون العائلية، ومن هم المرشحون للانتخابات القادمة؟ وفي تشكيل الرئاسة.
….
كنت تقدمت لامتحان القبول في الجامعة – حتى أكون معلمًا في الثانوية، وأعطوني قطعة لشكلها. وكنت أظن أنني أخطأت في كلمة أو كلمتين، وإذا بي “أخطئ” في العشرات – على حد زعمهم.
قلت:
– الممتحِــن لا يعرف اللغة، وهو أجنبي لا يتذوق لغتنا، شأن المستشرقين المدّعين.
– لم يصلحوا ورقتي، وقدروا العلامة تقديرًا.
– متحيزون ضدي يريدون أن يحدوا من اعتزازي بنفسي وبلغتي.

وعندما راجعتهم لم يصدّقوا أنني معلم في إحدى المدارس الابتدائية، بل يجب أن أكون محاضرًا في الجامعة.
اعتذرت لهم، فوقتي لا يسمح لي.
أو ليس الاهتمام بمن يكون الرئيس أهم من شكل أو تشكيل القطعة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا؟؟!!
من لا يصدّق فليسأل!

ب.فاروق مواسي

faroqq

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة