حكم الاجبار على الزواج
تاريخ النشر: 06/09/14 | 10:38الولاية حق منحته الشريعة لبعض الأفراد على غيرهم لمعانٍ مرادها تحصيل المصالح ودرء المفاسد، ويكتسب هؤلاء الأفراد بها صفة تنفيذ قولهم على غيرهم، رضي هذا الغير أو لم يرض، ولقد جعل الشرع الشريف العجز وعدم الأهلية سببين للولاية على الغير، ويكفي وجود أحدهما لقيام داعيها. ولقد ذكر الفقهاء أنواعًا للولاية، منها الولاية على النفس، والتي منها ولاية الإجبار، وهذه الولاية ينطبق عليها التعريف السابق للولاية تمامًا؛ حيث ينفذ رأي المتصف بها (الولي) على المولى عليه سواء رضي الأخير أو لم يرض. قال في “الدر المختار”: “والولاية تنفيذ القول على الغير”.
ولقد رأى السادة الحنفية أن ولاية الإجبار لا تكون إلا على الصغيرة، فِعلّة هذه الولاية الصَّغَر؛ ولذا لا تكون على الكبيرة البالغة بأي حال، بل الولاية على الكبيرة البالغة عندهم ولاية ندب واستحباب، ويجعلون ولاية الإجبار هذه للولي العصبة بترتيب الإرث. قال في ” تبيين الحقائق “: ” وهي – أي الولاية – في النكاح نوعان: ولاية ندب واستحباب، وهو الولاية على البالغة العاقلة بكرًا كانت أو ثيبًا، وولاية إجبار وهو الولاية على الصغيرة بكرًا كانت أو ثيبًا “.
وقال في “كنز الحقائق”: “وللولي إنكاح الصغير والصغيرة، والولي العصبة بترتيب الإرث “.
أما السادة المالكية والشافعية فقد رأوا أن ولاية الإجبار هذه تثبت على البكر صغيرة كانت أو كبيرة، ورأى السادة المالكية أنها تختص بالأب فقط، وجعلها السادة الشافعية حقًّا للأب والجد. قال الباجي في ” المنتقى”: ” ولا يملك إجبارها – أي البكر – جدٌّ ولا غيره من الأولياء إلاَّ الأب وحده، قاله مالك “.
وقال السيوطي في ” الأشباه والنظائر “: ” واختص الأب والجد لأب بأحكام منها… ولاية الإجبار في النكاح للبنت والابن “.
وقال الخطيب في ” مغني المحتاج “: ” وللأب تزويج البكر صغيرة أو كبيرة بغير، إذنها ويستحب استئذانها، وليس له تزويج ثيب إلا بإذنها، فإن كانت صغيرة لم تزوج حتى تبلغ، والجد كالأب عند عدمه “.
وتزويج الولي للمرأة البالغة العاقلة شرط نفاذه الإذن – أي إذنها – والرضا وبلوغ السن.
وقد ذهب الإمام الشافعي إلى عدم إجازة تزويج الرجل ابنته من مجنون ؛ قال في ” الأم “: ” ولو زوجها كفؤًا أجذم أو أبرص أو مجنونًا أو خصيًّا مجبوبًا أو غير مجبوب لم يجز عليها ؛ لأنها لو كانت بالغًا كان لها الخيار إذا علمت هي بداء من هذه الأدواء “.
ومما سبق وفي واقعة السؤال، وإذا كان الحال كما ذُكِر:فإنه لا يجوز تزويج الفتاة البالغة ثمانية عشر عامًا بغير رضاها سواء كان هذا الزواج من كفؤ أو من غيره، ويضاف إلى المانع من صحة هذا الزواج أن يكون هذا الزواج من شخص في حكم المجنون كالمعتوه الذي عتهه متصل ؛ لأن الزواج من مثل هذا الشخص غير جائز إلاَّ برضا الفتاة البالغة.
والله سبحانه وتعالى أعلم