وجوه.. ووجوه في القرآن

تاريخ النشر: 12/09/14 | 17:56

من منا لايهتم بمظهره وشكاله وجمال وجهه وهيئته أمام غيره من الناس، فهناك كثيرون يقضون أوقاتا طويلة أمام المرآة ظنا منهم أن هذا يجعل شكل وجوههم جميلا وجذابا في عيون الآخرين.

لكن السؤال هنا: هل شكل وجوهنا سيظل يوم القيامة كما كان عليه في الدنيا ؟!.. وهل من كان ذو بشرة بيضاء في الدنيا أو غيرهم من أصحاب البشرة السمراء سيظلون كما هم؟!

إليك عزيزي القارىء تفسير بعض آيات القرآن الكريم التي توضح لنا فريقي يوم القيامة أصحاب الوجوه البيضاء وغيرهم من أصحاب الوجوه السوداء، وذلك نقلا عن كتاب (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ) للشيخ /عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله -.

سورة آل عمران (آية: 106 – 107 )
“يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”.

التفسير: يخبرالله تعالى عن حال يوم القيامة وما فيه من آثار الجزاء بالعدل والفضل،فقال:‏ ‏”‏يوم تبيض وجوه‏”‏ وهي وجوه أهل السعادة والخير، أهل الائتلاف والاعتصام بحبل الله.

“‏وتسود وجوه‏”‏ وهي وجوه أهل الشقاوة والشر، أهل الفرقة والاختلاف، هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي والهوان والذلة والفضيحة، وأولئك أبيضت وجوههم، لما في قلوبهم من البهجة والسرور والنعيم والحبور الذي ظهرت آثاره على وجوههم.

‏”فأما الذين اسودت وجوههم‏”‏ فيقال لهم على وجه التوبيخ والتقريع‏:‏ ‏”‏أكفرتم بعد إيمانكم‏”‏ أي‏:‏ كيف آثرتم الكفر والضلال على الإيمان والهدى‏؟‏ وكيف تركتم سبيل الرشاد وسلكتم طريق الغي‏؟‏ ‏”‏فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون‏”‏ فليس يليق بكم إلا النار، ولا تستحقون إلا الخزي والفضيحة والعار‏.‏

“وأما الذين ابيضت وجوههم‏” فيهنئون أكمل تهنئة ويبشرون أعظم بشارة، وذلك أنهم يبشرون بدخول الجنات ورضى ربهم ورحمته ‏، “‏ففي رحمة الله هم فيها خالدون‏”‏ وإذا كانوا خالدين في الرحمة، فالجنة أثر من آثار رحمته تعالى، فهم خالدون فيها بما فيها من النعيم المقيم والعيش السليم، في جوار أرحم الراحمين، لما بين الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

يونس (من 25 إلى 27)
“وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏”.

التفسير: عم تعالى عباده بالدعوة إلى دار السلام، والحث على ذلك، والترغيب، وخص بالهداية من شاء استخلاصه واصطفاءه، فهذا فضله وإحسانه، والله يختص برحمته من يشاء، وذلك عدله وحكمته، وليس لأحد عليه حجة بعد البيان والرسل، وسمى الله الجنة ‏”‏دار السلام‏”‏ لسلامتها من جميع الآفات والنقائص، وذلك لكمال نعيمها وتمامه وبقائه، وحسنه من كل وجه‏.‏

ولما دعا إلى دار السلام، كأن النفوس تشوقت إلى الأعمال الموجبة لها الموصلة إليها، فأخبر عنها بقوله‏:‏ ‏”‏لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ‏”‏ أي‏:‏ للذين أحسنوا في عبادة الخالق، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته، وقاموا بما قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي، من بذل الإحسان المالي، والإحسان البدني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهلين، ونصيحة المعرضين، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان‏.‏

فهؤلاء الذين أحسنوا، لهم ‏”‏الحسنى‏”‏ وهي الجنة الكاملة في حسنها و ‏”‏زيادة‏”‏ وهي النظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، والفوز برضاه والبهجة بقربه، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون، ويسأله السائلون‏.‏
ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال‏:‏ ‏”‏وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ‏” أي‏:‏ لا ينالهم مكروه، بوجه من الوجوه، لأن المكروه، إذا وقع بالإنسان، تبين ذلك في وجهه، وتغير وتكدر‏.‏

لما ذكر أصحاب الجنة ذكر أصحاب النار، فذكر أن بضاعتهم التي اكتسبوها في الدنيا هي الأعمال السيئة المسخطة لله، من أنواع الكفر والتكذيب، وأصناف المعاصي، فجزاؤهم سيئة مثلها أي‏:‏ جزاء يسوؤهم بحسب ما عملوا من السيئات على اختلاف أحوالهم‏.‏

“وَتَرْهَقُهُمْ‏”‏ أي‏:‏ تغشاهم ‏”‏ذِلَّةٌ‏”‏ في قلوبهم وخوف من عذاب الله، لا يدفعه عنهم دافع ولا يعصمهم منه عاصم، وتسري تلك الذلة الباطنة إلى ظاهرهم، فتكون سوادًا في الوجوه ‏.‏

“كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏” فكم بين الفريقين من الفرق، ويا بعد ما بينهما من التفاوت‏؟‏‏!‏

الزمر (60 – 61)
“وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏”.

التفسير: يخبر تعالى عن خزي الذين كذبوا عليه، وأن وجوههم يوم القيامة مسودة كأنها الليل البهيم، يعرفهم بذلك أهل الموقف، فالحق أبلج واضح كأنه الصبح،‏.‏فكما سوَّدوا وجه الحق بالكذب، سود اللّه وجوههم، جزاء من جنس عملهم‏.‏

فلهم سواد الوجوه، ولهم العذاب الشديد في جهنم، ولهذا قال‏:‏ ‏”‏أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ‏” عن الحق، وعن عبادة ربهم، المفترين عليه‏؟‏ بلى واللّه، إن فيها لعقوبة وخزيا وسخطا، يبلغ من المتكبرين كل مبلغ، ويؤخذ الحق منهم بها‏.‏

والكذب على اللّه يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة، والإخبار عنه بما لا يليق بجلاله، أو ادعاء النبوة، أو القول في شرعه بما لم يقله، والإخبار بأنه قاله وشرعه‏.‏

ولما ذكر حالة المتكبرين، ذكر حالة المتقين، فقال‏:‏ “وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِم‏”‏ أي‏:‏ بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة، وهي تقوى اللّه تعالى، التي هي العدة عند كل هول وشدة‏.‏ ‏”‏لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ‏”‏ أي‏:‏ العذاب الذي يسوؤهم ‏”وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏”‏ فنفى عنهم مباشرة العذاب وخوفه، وهذا غاية الأمان‏.‏

فلهم الأمن التام، يصحبهم حتى يوصلهم إلى دار السلام، فحينئذ يأمنون من كل سوء ومكروه، وتجري عليهم نضرة النعيم، ويقولون ‏”‏الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ‏”.

القيامة من (22 إلى 25)
” وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ‏”.

التفسير: إيثار الآخرة، ببيان حال أهلها وتفاوتهم فيها، فقال في جزاء المؤثرين للآخرة على الدنيا‏:‏ ‏”وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ‏”‏ أي‏:‏ حسنة بهية، لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح، ‏”إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ‏” أي‏:‏ تنظر إلى ربها على حسب مراتبهم‏:‏ منهم من ينظره كل يوم بكرة وعشيا، ومنهم من ينظره كل جمعة مرة واحدة، فيتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وجماله الباهر، الذي ليس كمثله شيء، فإذا رأوه نسوا ما هم فيه من النعيم وحصل لهم من اللذة والسرور ما لا يمكن التعبير عنه، ونضرت وجوههم فازدادوا جمالا إلى جمالهم.

وقال في المؤثرين العاجلة على الآجلة‏:‏ ‏”وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ‏”‏ أي‏:‏ معبسة ومكدرة ، خاشعة ذليلة‏.‏ ‏”‏تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ‏”‏ أي‏:‏ عقوبة شديدة، وعذاب أليم، فلذلك تغيرت وجوههم وعبست‏.

عبس(من 38إلى 42)
“وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ‏”.

التفسير: فأما السعداء، فـوجوههم ‏”‏يومئذ‏ ‏مُسْفِرَةٌ‏”‏ أي‏:‏ قد ظهر فيها السرور والبهجة، من ما عرفوا من نجاتهم، وفوزهم بالنعيم، ‏”ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ‏”‏ الأشقياء ‏”يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا‏”‏ أي‏:‏ تغشاها ‏”‏قَتَرَةٌ‏”‏ فهي سوداء مظلمة مدلهمة، قد أيست من كل خير، وعرفت شقاءها وهلاكها‏.‏

“أُولَئِكَ‏”‏ الذين بهذا الوصف ‏”هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ‏”‏ أي‏:‏ الذين كفروا بنعمة الله وكذبوا بآيات الله، وتجرأوا على محارمه‏.‏

الغاشية (2 إلى 16)
“وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ‏”.

التفسير: يذكر تعالى أحوال يوم القيامة وما فيها من الأهوال الطامة، وأنها تغشى الخلائق بشدائدها، فيجازون بأعمالهم، ويتميزون ‏”‏إلى‏” فريقين‏:‏ فريقًا في الجنة، وفريقًا في السعير‏.‏

فأخبر عن وصف كلا الفريقين، فقال في ‏”‏وصف‏” أهل النار‏:‏ ‏”‏وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ‏”‏ أي‏:‏ يوم القيامة ‏”خَاشِعَة‏”‏ من الذل، والفضيحة والخزي‏.‏

“عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ‏”‏ أي‏:‏ تاعبة في العذاب، تجر على وجوهها، وتغشى وجوههم النار‏.‏

وقوله‏:‏ ‏”‏تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً‏”‏ أي‏:‏ شديدًا حرها، تحيط بهم من كل مكان، ‏”تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ‏”‏ أي‏:‏ حارة شديدة الحرارة ‏”وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ‏”‏ فهذا شرابهم‏.‏

وأما طعامهم فـ ‏”‏لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ‏” وذلك أن المقصود من الطعام أحد أمرين‏:‏ إما أن يسد جوع صاحبه ويزيل عنه ألمه، وإما أن يسمن بدنه من الهزال، وهذا الطعام ليس فيه شيء من هذين الأمرين، بل هو طعام في غاية المرارة والنتن والخسة.

وأما أهل الخير، فوجوههم يوم القيامة ‏”‏نَاعِمَةٌ‏” أي‏:‏ قد جرت عليهم نضرة النعيم، فنضرت أبدانهم، واستنارت وجوههم، وسروا غاية السرور‏.‏

“لِسَعْيِهَا‏”‏ الذي قدمته في الدنيا من الأعمال الصالحة، والإحسان إلى عباد الله، ‏‏”رَاضِيَةٍ‏”‏ إذ وجدت ثوابه مدخرًا مضاعفًا، فحمدت عقباه، وحصل لها كل ما تتمناه، وذلك أنها ‏”‏فِي جَنَّةٍ‏”‏ جامعة لأنواع النعيم كلها، ‏”عَالِيَةٍ‏”‏ في محلها ومنازلها، فمحلها في أعلى عليين، ومنازلها مساكن عالية، لها غرف ومن فوق الغرف غرف مبنية يشرفون منها على ما أعد الله لهم من الكرامة‏.‏

“قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ‏”‏ أي‏:‏ كثيرة الفواكه اللذيذة، المثمرة بالثمار الحسنة، السهلة التناول، بحيث ينالونها على أي‏:‏ حال كانوا، لا يحتاجون أن يصعدوا شجرة، أو يستعصي عليهم منها ثمرة‏.‏

“لَا تَسْمَعُ فِيهَا‏”‏ أي‏:‏ الجنة ‏”‏لَاغِيَةً‏”‏ أي‏:‏ كلمة لغو وباطل، فضلًا عن الكلام المحرم، بل كلامهم كلام حسن ‏[‏نافع‏]‏ مشتمل على ذكر الله تعالى، وذكر نعمه المتواترة عليهم، و‏[‏على‏]‏ الآداب المستحسنة بين المتعاشرين، الذي يسر القلوب، ويشرح الصدور‏.‏

“فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ‏”‏ وهذا اسم جنس أي‏:‏ فيها العيون الجارية التي يفجرونها ويصرفونها كيف شاءوا، وأنى أرادوا‏.‏

“‏فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ‏”‏ و ‏‏ السرر ‏:‏ جمع سرير، وهي المجالس المرتفعة في ذاتها، وبما عليها من الفرش اللينة الوطيئة‏.

“‏وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ‏” أي‏:‏ أوان ممتلئة من أنواع الأشربة اللذيذة، قد وضعت بين أيديهم، وأعدت لهم، وصارت تحت طلبهم واختيارهم، يطوف بها عليهم الولدان المخلدون‏.‏

“‏وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ‏”‏ أي‏:‏ وسائد من الحرير والاستبرق وغيرهما مما لا يعلمه إلا الله، قد صفت للجلوس والاتكاء عليها، وقد أريحوا عن أن يضعوها، و يصفوها بأنفسهم‏.‏

“‏وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ‏” والزرابي ‏[‏هي‏:‏‏]‏ البسط الحسان، مبثوثة أي‏:‏ مملوءة بها مجالسهم من كل جانب‏.‏

والآن بعد أن تعرفنا عن التفاوت والاختلافات بين الوجوه يوم القيامة.. اعلم أن عملك في دنياك.. واستعدادك لاخرتك.. هو ماسيحدد أي الوجوه ستنتمي إليها يوم العرض عليه –سبحانه وتعالى ؟!

4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة