“أميرة الوجد” والحب العذري
تاريخ النشر: 07/09/14 | 8:01صدر ديوان”أميرة الوجد” للشاعر فراس حج محمد عام 2014 عن عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل في رام الله، ويقع الديوان الذي صممه شريف سمحان في 200 صفحة من الحجم المتوسط.
جاء في الصفحة 3 من الديوان” ما الشعر إلا فكرة عليا تهدى إلى تلك الأميرة” وهذه هي فلسفة الشاعر في فهمه للشعر وأسباب كتابته له. ومن يقرأ الديوان سيجد ضمير الغائبة يعود إلى فتاة من لحم ودم، يتغزل بها الشاعر.
وفي الصفحة 7 يواصل الشاعر متسائلا:”هل كانت تلك القصائد قرابين لجرح ما زال أخضر، هل ستتقبلها مني أم سأكون مثل هابيل في ثوب قابيل المحكوم عليه بالشقاء الأبديّ؟”
وهذا يشي بأن الشاعر يعيش قصة حبّ من جانب واحد، وأنه سيكون قتيل الحبّ مثل هابيل الذي قتله شقيقه قابيل، كما جاء في الرواية الدينية، وبالتالي كتب على نفسه الشقاء الأبديّ. وفي تقديري أن الشاعر لم يوفق بهذا التشبيه، لأن قابيل وهابيل أخوان، والشاعر وعشيقته ليسا كذلك ولن يكونا.
لكن تعلُّق الشاعر بحبيبته شبيه بقيس بن الملوح وحبيبته ليلى، مع الفارق طبعا، فليلى كانت تحب قيسها الذي جُنّ في هواها، لكن والدها حال دون زواجهما لأن قيسا تغزّل بها، وهذا ينافي العادات القبلية. وزوّجها من غيره. فازداد جنون قيس ودار في الصحاري الى أن التقى زوج ليلى في بيته دون أن يعرفه، ولما علم من هو مضيفه سأله:
بربّك هل ضممت إليك ليلى… قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفّت عليك قرون ليلى… رفيف الأقحوانة في نداها
وديوان الشاعر فراس حج محمد قصائد غزل من الغلاف الى الغلاف، وهذه ميّزة لصالح الشاعر، الذي يكتب لنا قصائد الغزل في زمن طغى فيه الواقع السياسي المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني على كتابات الشعراء والأدباء. وهذا الديون يجيب على التساؤل: أين قصائد أو روايات أو قصص الغزل في الأدب الفلسطيني المعاصر.
وقد يكون التشابه بين فراس حج محمد وقيس بن الملوح في أن كليهما كتبا غزلا عذريا طغى عليه الوجد، بلا اسفاف وبعيدا عن الغزل المكشوف، أو التعرض لمفاتن الجسد.
بل ان فراس حج محمد يتوسل العشق منها، وقد يشتم نفسه ارضاء لها:
إن تقل عني سفيه…مع تحيات هدايا
لم أكذبها بقول…”فأنا نبع الدنايا”.ص36
وهو لا يرضى بديلا لها فيقول:
ليس في القلب نساء…غير تلك الجوهرية
من تجلت في طريقي…شبه أنوار بهيّة ص60
بل انه يخاف الموت في هواها فيقول:
إن أتاك النعي يوما…أبلغيهم بالبقية
“مات يرجوني بحب…مات من شوق إليّه”ص62
والشواهد في هذا الديوان على حالة العشق التي يعيشها الشاعر كثيرة، وهذا يدعو الى قراءة الديوان قراءة مستفيضة وناقدة.
جميل السلحوت