لوحات في الثقافة العربيّة !! بقلم:أنصار وتد
تاريخ النشر: 05/05/12 | 22:55لوحة 1:
ينظر الزوج بِحيرةٍ إلى زوايا البيت، يتفقد المكان علّه بذلك يجد مكاناً يتسع لجهاز التلفاز الجديد ذي الشاشة الكبيرة الذي اشتراه…
يسأل زوجته: ما رأيكِ لو أزلنا تلك الخزانة في الصالة؟
الزوجة: لا لا, أنتَ تعرف أنها خزانة ثمينة من إرث المرحومة والدتي… أريد أن يراها الضيوف حين يدخلون المنزل!
الزوج: حسناً… وماذا تقترحين؟ هل من مكانٍ للتلفاز؟
الزوجة: يمكنكَ إزالة المكتبة… فلا أحد يقرأ ما عليها من كتب! أنتَ تعلم أنّ الأولاد بصعوبة يجدون وقتاً لقراءة كتب المدرسة !! ومن جهة أخرى أنت تريحني بذلك من إزالة الغبار المتراكم…
الزوج: كما تريدين… فكرة جيّدة!
لوحة 2:
محرّر في مجلة “ثقافية” لرئيس التحرير:
– في هذا العدد بالذات… أشعر بأن هنالك فائض في صفحات المجلة! أي الصفحات تقترح أن نقلّص؛ صفحات الفن؟
– طبعًا، لا… ما بكَ؟ فصفحات الفن هي الأكثر قراءة في مجلتنا.
– إذًا وجدتها!! صفحات الإعلان؟
– أأنتَ مجنون؟ بالطبع لا , إيّاك أنْ تقترب من صفحات الإعلان… إنّها عماد المجلّة!
يمكنك حذف قسم الثقافة؛ فمن يطرق بابه قراءةً ؟!!
لوحة 3:
بعد الإعلان عن ندوة “ثقافيّة” في أحد المراكز الأكاديميّة، ولشُحّ عدد المشاركين في الفعالية “اضطُرت” الإدارة لإجبار الطلاب على المشاركة في الحدث؛ كجزء من مواد الدراسة المطلوبة، وبذلك تضمن “أن تعم الفائدة” على الطلاب الأكاديميين وتظهر من جهتها بمظهر “مشرّف” أمام الزوّار…
وفي السياق نفسه، بعد الإعلان عن فعالية ترفيهيّة لإحدى الفنانات و”ستاند كوميدي” في الأكاديمية ذاتها… اضطرّ عدد كبير من الطلاب المشاركين للوقوف لمدة ثلاث ساعات كاملة “إيثارا”ً منهم لأهمية المشاركة في الحدث!!
مِما لا شكّ فيه، أنّ قياس مدى تطوّر أيّ مجتمع وازدهاره منوط بفاعلية مجموعة من المعايير وتطبيقها فيه، ومن أهمّها، كما أرى، هو مستوى الثقافة في النسيج المجتمعيّ، والوعي لدى أبناء المجتمع لدور الثقافة الفعّال في رُقي مجتمعهم والسير به إلى شاطئ الأمان.
لكن للأسف شديده، من يلقي نظرة على مستوى الثقافة في مجتمعنا العربيّ سيدرك (بما لا يدع مجالاً للشك) غياب أو بالأصح تغييب هذا المعيار كعِماد للساحة المجتمعيّة.
أرى بداية أنّه من المفضّل العودة لتعريف كلمة مثقف والتي لا تعني، كما يظن كثيرون، الحصول على الشهادات العليا والكتب الكثيرة التي تضج بها مكتباتنا فقط…
إنّ الثقافة، كما أراها، هي ذات مفهوم شامل لأسلوب حياة يدخل في جميع مجالاتها المختلفة، ولا ينحصر على مفهوم القراءة والكتب فحسب، بل إنّ المثقف هو الذي يستطيع بثقافته وعلمه الانصهار في واقعه والتأثير فيه مع التغيير نحو الأفضل!
فمن المؤسف أنّ الجيل الناشئ من أبنائنا وبناتنا اليوم، ونحن على علم بذلك، يعرف فنانة العريّ والرقص ويحفظ أغانيها وسيرتها الذاتية عن ظهر غيب أكثر من معرفته بسيرة النبي، عليه أفضل الصلاة والسلام، وأكثر من اطّلاعه على قصص الصحابة العظماء، وأكثر من تدبّره لآيات القرآن الكريم… أين نحنُ من ديننا وتوقنا؛ لبناء مجتمع سليم ينهض بالقيم الإسلاميّة الراقية؟!
إنّ المفتاح لتحقيق الثقافة والنهوض بالمجتمع نحو الأفضل، كما أرى، هو القراءة؛ تلك النافذة التي تُطلع القارئ على فكر غيره وعلمه، تُنَمّي تفكيره وعواطفه، تُثري خبراته وتُكسبه بأيسر الطرق من المعارف والمهارات ما يُكمل به حياته الشخصيّة والعمليّة والمجتمعيّة ككل!
أرجو من وراء كلماتي تلك، أنْ نعي أمانة تطوّر المجتمع ومسؤوليتنا اتّجاهه ونتعاون بذلك يدًا واحدة؛ لنشهد فيه لوحات “مُشرِّفة” و”مُشرِقة” من الثقافة العربيّة تنبض بالحضارة والرُقي!
ما أجمل هذه الكلمات التي تلامس الواقع المشهود؛ شكرًا لكِ أيتها الغالية، بورك مسعاك….