أم الفحم أمانة في أعناقنا
تاريخ النشر: 07/05/12 | 8:04أهلنا الأعزاء …….كما يبدو أن هناك قضايا جوهرية في مضمون العلاقات الاجتماعية التي نعيشها في بلدنا تحتاج التوقّف عند كل منها وإجراء حساب نفس صريح وجريء لكي نقود مجتمعنا الفحماوي الأصيل إلى برّ الأمان ونخلّصه من موبقات دخيلة تفسد وتعكِّر صفو حياتنا اليومية وتحوّلها إلى كابوس يقض مضاجع الأكثرية الساحقة من المواطنين الذين يطمحون بحياة آمنة وهادئة.
الكثيرون من سكان أم الفحم وأنا واحد منهم يشعرون بألم كبير وتذمّر غير مسبوق في تاريخ بلدنا ويتساءلون بحقّ، ما الذي حدث وما هي الاسباب والدوافع التي حصلت ولماذا تدهورت الحياة الاجتماعية الآمنة في مدينتنا الوادعة ؟!!!، إن التحصيل الحاصل من جراء هذا التدهور يتوجّب من كل الغيورين على مستقبل البلد أن يضعوا الاصبع على الجرح ومداواته بحكمة ومسؤولية، فليس من العيب محاسبة أنفسنا إن أخفقنا، ألعيب هو أن لا نعترف بقصورنا وأن نصر على مواصلة أنماط تعاملنا الخاطئة فقط لكي لا تمسّ مكانتنا، أو كبريائنا وموقعنا، لأن أمان ومصلحة هذا البلد أهم بكثير من أي مصلحة ضيّقة مهما تكن.
بلدنا واجهت ولا تزال تواجه العنف والجريمة، تنتهك حرمات وأملاك المدينة ومؤسساتها، ترتكب الجرائم في وضح النهار وفي الليالي الظلماء ونلحظ أن ضحايا الجريمة هم من المواطنين الأبرياء، فإن مقتل عائلة أبو هيكل قبل عدّة أشهر مثلا، قد هزّت مشاعر سكان المدينة والوسط العربي برمّته، فهل نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الانفلات؟! وهل نكتفي بإلقاء المسؤولية على شمّاعة السلطة والشرطة؟!!.
أهل بلدي الأحباء
إن الجريمة النكراء التي حصلت هذا الاسبوع في ام الفحم وراح ضحيتها إبن بلدنا البارّ الممرض احمد محمد غزال، ضحية العقلية المتحجِّرة المجرمة التي تتسرّب إلى مجتمعنا من خلال اشخاص يتستّرون بالدين والدين منهم براء. ومرة أخرى أؤكِّد أنني لا أقصد من مقالتي هذه اليوم ومقالتي في الاسبوع الماضي وكأني أبحث عن إعلان موقف فقط، كما وصف أحد الإخوة مقالتي السابقة بالموقف الدبلوماسي، لأن أم الفحم فوق الأشخاص وفوق الأحزاب وفوق الحركات على اختلاف أنواعها، أم الفحم هي عزيزة على الجميع وباعتقادي إن الغالبية الساحقة من سكانها لا يضمرون لها إلا كل الحب وكل الخير.
إخوتي وأحبائي
إن جريمة القتل الهمجية التي راح ضحيتها المواطن الفحماوي احمد غزال هذا الاسبوع يجب عدم حصرها بخلاف هنا ونقاش هناك، فهي جريمة نكراء يرفضها بالتأكيد كل سكان البلد، ولكن وقوعها بعد الهبّة الشعبية الجماهيرية في الأشهر الأخيرة ضد العنف والجريمة يدقّ ناقوس الخطر أمام كافة الأحزاب والحركات الدينية والاجتماعية في المدينة، بما في ذلك اللجنة الشعبية لمكافحة العنف والجريمة، وتضعهم أمام مجهر الشارع ومسؤوليتهم ودورهم في وقف هذه الظاهرة الملعونة والمرفوضة في كافة الشرائع الدينية والعلاقات الاجتماعية المبنية على أصول التعايش المسالم الحقيقي بين كل الناس على اختلاف انتماءاتهم وأصولهم، وكما جاء في الحديث الكريم (لا يقفن احدكم موقفا يقتل فيه رجل ظلمًا، فإن اللعنة تنزل على من حضره ولم يدفع عنه).
أدعو عبر هذه المقالة أهالي أم الفحم جميعًا، لأرباب العائلات، للأمهات والآباء، أن يكرِّسوا جلّ اهتمامهم على تأسيس أبنائهم منذ الصغر على التربية الصالحة، المبنية على المحبة والتعاون البنّاء والشعور بالانتماء الوطني للبيت والحارة والبلد. علينا أن نكثّف جهودنا في زرع بذور المحبة والتسامح في الأجيال الناشئة، بدلاً من اللجوء للحقد والكراهية والعداء، أن نسعى لحل اختلافنا بالطرق السلمية وبلغة الحوار الديمقراطي بدلا من أساليب العنف والجريمة الرائجة في مجتمعنا اليوم، علينا جميعا أن نتصدّى لهذه الظاهرة ولجمها، وهنا أذكِّر بالحديث المسند القائل (إن أموالكم وأعراضكم ودماءكم حرام عليكم كحرمة يومكم في شهركم هذا في بلدكم هذا)، كما وأتقدم إلى ممثلي الأحزاب والحركات السياسية والدينية إلى التعاون واللحمة بالموقف لكي نعطي المثال والنموذج الصالح وبذلك نحظى باحترام الناس كل الناس وبالتالي لا بد أن ننجح في تقليص هوّة العنف والجريمة المستشرية وتصويب طاقاتنا للحفاظ على سلامة وأمن المواطنين، لكي نتفرّغ لقضايانا المصيرية، لأن أم الفحم أمانة في أعناقنا جميعا ويجب أن نصونها كبؤبؤ العين.
بقلم د. عفو إغبارية