أطفالنا والاعلام

تاريخ النشر: 09/09/14 | 19:15

لا يمكن تجاهل دور الاعلام البارز في التربية، خاصة حين يكون الحديث عن مجتمعنا الذي لا تزال الام فيه مقتنعة ان دور التلفاز في حياة اطفالها اكبر من دورها، وتتناسى انها اول من اختار للطفل برامجه التي يشاهدها وانها اختارت الا تطفئ التلفاز بحجة رغبة الطفل في مشاهدته. اطفالنا يغرقون في اعلام معظمه لا يتلاءم مع جيلهم ومع دينهم والقيم التي يجب ان يكبروا عليها.
لنبدأ بعرض الاوراق، لنبدأ اولا بمعرفة ما يتعرض اليه ابناؤنا حين يشاهدون التلفاز (اتحدث عن التلفاز فقط كمثال ولان الاصغر سنا يشاهدونه بدلا من الحاسوب)، دعونا نبدأ بما يدعى برامج الاطفال في القنوات الناطقة بالعربية، اولا تكاد لا ترى اي برنامج او مسلسل للأطفال ذو قيمة دينية او اجتماعية تضفي الى الطفل شيئا، وتندر في معظم البرامج المعلومات بل يدور البرنامج حول مسابقة سخيفة عادة (لنفكر مثلا في مسابقة تتلخص بامتحان معرفة الاطفال المشاركين بتفاصيل مسلسل بن تن، اقصد هنا حتى تفاصيلا صغيرة)، برامج الاطفال العربية عادة ما لا تمت لواقع الطفل العربي بصلة، يعيشون في كوكبهم الذي يشمل مسابقات واغان ولا شيء اخر. واما عن المسلسلات فمعظمها ايضا بلا هدف واضح سوى التسلية، ملأ وقت الشاشة وجذب الاطفال، فمثلا ما الحاجة لا يشمل مسلسل اطفال علاقة غرامية بين شخصيات في الصف الاول الابتدائي؟ المشكلة ليست فقط في انعدام القيم من المسلسلات بل في وجود قيم اخرى هدامة.
طبعا هناك قنوات دينية وتربوية ستقول الام ان ابنائها يشاهدونها، وستفخر بذلك دون ملاحظة ان هذه القنوات ايضا تحتوي على خطر غير بسيط، فكل (ليس معظم للأسف، وللمهنية قد استثني قناة واحدة او اثنتين) هذه القنوات ذات ميول سياسية، والفرق كبير بين الهدف الديني والهدف السياسي، عندما يكون هدف القناة سياسيا يحصل امران عادة: اولا تأخذ القناة من الدين ما يلائمها ويعجبها، وبهذا تتجاهل هذه القنوات معظم القيم الدينية، ثانيا يكون هدف القناة في المقام الاول التجنيد، تجنيد الاطفال لفكرة معينة قد تجر عملا ما يمكن ان يكون خطرا في بعض الاحيان. لنتذكر ان البيئة التي يعيش فيها اطفالنا مختلفة تماما عن البيئة التي يعيش فيها معظم جمهور هذه القنوات، لنتذكر ان اطفالنا يجيد اكثر من نصفهم القراءة والكتابة، وان السياسة تلعب دورها البشع في حياتنا منذ نعومة اظفرنا، وان اطفالنا بحاجة الى التوعية اكثر من حاجتهم الى التسلية.
(طبعا كل ما قيل اعلاه لا يعلل ان تسمح الام لطفلها الصغير بمشاهدة نشرات الاخبار خلال فترات الحرب مثلا)
لكن لا بد من مواكبة العصر ومعرفة ان التلفاز ليس الجهاز الاعلامي الوحيد الذي يتعرض له اطفالنا، لنتحدث مثلا عن الاجهزة اللوحية، التي يستخدمها الاطفال للعب والتسلية (لا حاجة لذكر قلة الالعاب التعليمية)، هناك نوعان من الخطر في هذا الجهاز، اولا لو كانت الام تشاهد ما تحتويه الالعاب الالكترونية وتهتم بتربية ابنها فلن تسمح بوصول هذه الاجهزة الى الطفل، هنا ايضا نرى نوعا من الهجوم على اخلاق الصغير، فمثلا ما الحاجة ليكون من يشرح اللعبة للطفل هي “صديقته” التي تحذره من الاشرار لا نها “تحبه”، وطبعا تظهر صورة هذه “الصديقة” بضع مرات خلال اللعبة. الخطر الثاني في هذه الاجهزة هي صغر حجمها وسهولة حملها، فمثل هذه الاجهزة توفر للطفل بيئة يسهل فيها اخفاء ما يشاهد او يفعل، ويصعب على الام مراقبة ما يتعرض له طفلها.
المشكلة ليست في جيل اليوم، وليست في التكنولوجيا الحديثة، المشكلة هي الوالدان اللذان اغمضا اعينهما عن كل المخاطر التي يتعرض لها الطفل ثم بدآ بلوم الطفل نفسه على الحال التي وصل اليها.
بقلم عائشة حجار- جمعية سند

465465456465

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة