إضاءة على سيرة القاص والكاتب الفلسطيني مروان العسلي
تاريخ النشر: 12/05/12 | 13:29مروان العسلي واحد من أعلام الحركة الأدبية والصحفية الفلسطينية تحت الإحتلال. ولد سنة 1929 في زهرة المدائن (القدس) لأسرة فلسطينية ثرية ،تعلم في مدارس غزة ثم في مدرسة صهيون بالقدس ، وإلتحق بعد ذلك بكلية الحقوق لكنه لم يتمكن من إتمام دراسته فيها بسبب الأحداث والمواجهات والصدامات في فلسطين عام 1948.
إلتحق مروان بالعمل في لجنة الصليب الأحمر الدولية ، وبعدها في وكالة غوث اللاجئين حتى أصبح مساعداً لمدير عمليات الوكالة في الأردن عام 1964.
عشق مروان العسلي الكتابة والعمل الصحفي منذ الصغر، وعمل في صحيفتي “فلسطين” و”الجهاد”، وفي عام 1978 تحقق حلمه بإصدار مجلة “الشراع”، التي استقطبت أقلاماً فلسطينية عديدة وساهمت في تنشيط الحياة الثقافية والفلسطينية في المناطق المحتلة.
وفي الثاني عشر من تشرين الأول عام 1980فجعت الأوساط الأدبية والثقافية والإعلامية والشعبية الفلسطينية بوفاة مؤسس “الشراع” مروان العسلي ،ورثاه الأدباء والشعراء بكلمات مؤثرة ، ومن الذين أبنوه الشاعر علي الخليلي ، الذي كان يعمل إلى جانبه في إصدار “الشراع ” ومما كتبه في حينه :” مثل كوكب هائل هو قلب مروان العسلي ، توهج وتوهج ولم ينطفئ، رغم الصمت المذهل ، فجأة أيها الصديق الكبير تتناثر حبات قلبك، ثم يحاول “الشراع” أن يندفع فيبكي ، هكذا ، لا تسقط الآن، ولكنك تنتشر في أرضنا المحتلة ، أترى اذن، أرثيك، في هذا؟ كيف؟أمس قبل ساعات جئت تضحك، وتقول أن المسألة عابرة، وإن قلبك بحجم الكرة الأرضية كلها يخفق، ويخفق، ويتحدى، وان طموحك ورؤيتك للمستقبل يتجاوزان الزمن العادي،وان “الشراع” باق طالما كانت نسمة ريح، وطالما بقي البحر ، اذن كيف أرثيك؟ أيها الفنان الذي يتدفق حيوية وصحة واصرار، كيف تستطيع أن تتوقف لحظة واحدة؟؟!”.
كان مروان العسلي إنساناً عصامياً ، يبني مجداً وصرحاً شامخاً ، لم يعرف اليأس والإحباط والكلل.كان مقاتلاً من أجل بناء مؤسسة صحفية وإعلامية غدت فيما بعد أكبر مؤسسة فلسطينية ،إلا أن سلطات الإحتلال قمعتها وأغلقتها.
وكان صحفياً ملتزماً وكاتباً ساخراً وقاصاً بارعاً ومحللاً سياسياً عرف بمواقفه الوطنية الجريئة التي لا تساوم.
في قصصه كتب مروان العسلي عن واقع الإنسان الفلسطيني تحت الإحتلال ، في المخيم والأزقة والمنفى وتحت الحصار، وجاءت كتاباته شفافة وجارحة معاً ، تعانق وترسم الحلم والمستقبل والأمل ، وبذلك قدّم للناس نماذج وصور حية من صميم البيئة الشعبية ، ومن الأدب الملتزم الواعي الذي يرسم طريق الخلاص والتحرر وتحقيق الأماني والآمال.
من كتابات مروان العسلي الصحفية التي تناول فيها قضايا اجتماعية ساخنة مقالاً بعنوان “هذا المرض” ويعالج فيه وباءً اجتماعياً يستشري في المجتمع العربي والفلسطيني ، وباء التقليد الأعمى ، ويقول فيه :”في دمنا مرض خبيث. إنه يعمل تخريباً فينا ويفسد علينا حياتنا ويجعل الطابع المميز لنا السقم والسأم.وهذا المرض ، ليست له أعراض كبقية أمراض الإنسان، وليس له علاج في الصيدليات وعند الأطباء، أو حتى في المستشفيات.
أن أعراضه نلمحها في وجوه الناس ونقرأها في عيونهم ، وعلاجه الوحيد تجده في قلوبهم ونفوسهم وعقولهم ، وكلنا مرضى ، كلنا مرضى بداء التقليد الأعمىى والغيرة الحمقاء.
أنظر إلى من هم حولك ، فماذا تجد؟
الناس ليس لهم من شغل إلا النظر بعيون محدقة ألى ما يفعله الغير.
أنهم يبصبصون إلى الذين حولهم يلتمسون اكتشاف مكنونات صدورهم وأحوالهم ، ومجريات أمورهم ، فإن ألقوا أحد أصاب بعض النجاح، أخذوا في نهش كيانه، واعملوا فيه عيونهم وألسنتهم وحقد قلوبهم حتى يأتوا فيه عيونهم وألسنتهم وحقد قلوبهم حتى يأتوا عليه ويجهزوا على البقية الباقية من أثره.
في النهاية ، يظل مروان العسلي رمزاً من رموز القصة والمقالة الصحفية في المناطق الفلسطينية المحتلة ، وتبدو تجربته الإبداعية الحقيقية عبر رحلته الأدبية الطويلة والراسخة ، التي توقفت برحيله عن عالمنا.