سطّر يا قلم…"الصمت القاتل"
تاريخ النشر: 15/05/12 | 22:19تم الإعلان مؤخراً عن تأسيس حركة شعبية من سكان مدينة حيفا أطلقت على نفسها اسم “حركة إعادة المدينة لحيفا” ، تتألف من أكاديميين ، أصحاب مهن حرة ، مهندسين معماريين ومخططي مدن ، ناشطين اجتماعيين ، فنانين وآخرين. نشأت هذه الحركة كرد فعل على مشروع القطار الكهربائي في مدينة حيفا ، والذي خططت له شركة “قطار اسرائيل” والحكومة ، وحسب الدراسات التي أجرتها هذه الحركة بعد أن قارنت الأمر مع مشاريع مماثلة في العالم ، توصلت الى نتائج مذهلة تثير الرعب من حيث شدة خطورتها على حياة سكان أجزاء كبيرة من سكان المدينة ، حيث أن هذا المشروع حسب ما ورد في الموقع الألكتروني للحركة ، إذا تم تنفيذه حسب التخطيط الحالي ، سيؤدي الى إنبعاث إشعاعات مسرطنة للمنطقة وللمباني المتاخمة لخط السكة الحديدية لهذا القطار ، هذا بالاضافة الى عزل المدينة عن البحر .
ورد في الموقع الألكتروني للحركة أن مشروع القطار الكهربائي يحتاج الى نصب أعمدة كهربائية ستؤدي الى إرسال طاقة موجية ألكترو مغناطيسية تصل الى 25,000 كيلو وات AC.وبموجب التعليمات يمنع أن يتواجد الناس أكثر من 4 ساعات على بعد حتى 12 متراً من مكان السكة الحديدية. وفي حديث لي مع أحد المسؤولين في هذه الحركة قال لي أنه حسب الأبحاث التي أجروها تبين أنه في حالة تشغيل القطار الكهربائي حسب التخطيط الحالي ، يجب تفريغ المنطقة المتاخمة للسكة من السكان في سبيل انقاذ حياتهم بعد تعرضهم للإشعاعات المذكورة.
عملياً ، إذا تم تنفيذ هذا المشروع بدون إجراء تعديلات وتغييرات جذرية ، هذا يعني إنشاء منطقة موت عازلة بين المدينة والبحر، هذا يعني تهجير وتفريغ مناطق عدة في المدينة من السكان ،من ضمنها سكان حي محطة الكرمل، البيوت المتاخمة لشاطىء البحر وبناية مطرانية الموارنة ، كنيسة الملاك جبرائيل وكنيسة غريغوريوس حجّار.
بالمقابل هنالك خطط بديلة لتشغيل القطار الكهربائي من قبل حركة إعادة المدينة لحيفا ، منها حرف مسار القطار من المناطق السكنية في مدينة حيفا ، وبهذا يتم التخفيف من خطر الاشعاعات ، أو حفر مسار للسكة الحديدية للقطار وتحويل المسار في المناطق السكنية في داخل أنفاق ، وهذا أيضاً من شأنه أن يخفف من خطورة الاشعاعات .
ولكن من المثير للدهشة ، والأمر الذي لم أستطع فهمه هو موقف ادارة بلدية حيفا ورئيسها من الموضوع ، فقد وافق المجلس البلدي في حيفا بأغلبيته على الحل الوسط والتراضي بين بلدية حيفا وشركة “قطار اسرائيل” ، وحسب المعلومات التي نشرت في وسائل الاعلام حول جلسة المجلس البلدي المذكورة ، لم يتمكن أعضاء المجلس من الاطلاع على اتفاقية التسوية إلا قبل انعقاد الجلسة بلحظات ، الأمر الذي لم يمكنهم من دراسة الاتفاقية بعمق والاطلاع على خطورة وسلبية الاتفاق المذكور. ومن المثير للشبهات عدم حضور رئيس البلدية يونا ياهف للجلسة المذكورة، هذا بالاضافة لكيفية عرض الموضوع في الجلسة ودون اطلاع أعضاء المجلس البلدي قبل انعقاد الجلسة ولوقت كاف ليتمكنوا من دراسة الموضوع . أما أعضاء كتلة حزب الخضر فغادروا الجلسة بشكل احتجاجي وقبل اجراء التصويت على القرار، مستنكرين الألاعيب والخدع التي مورست من أجل تمرير هذا القرار .
وأنا أتساءل : هل الى هذا الحد وصل الاستهتار من قبل المسؤولين وأصحاب رؤوس الأموال بحياة الناس وسلامتهم ؟! هل الى هذا الحد لم تعد المعالم التاريخية وأماكن العبادة تهم المسؤولين وحتى سكان مدينة حيفا الذين يلتزمون الصمت ، هذا الصمت القاتل ، والذي يعتبر مشاركة في الجريمة البشعة التي ترتكب بحق سكان وأحياء مدينة حيفا السفلى.
على القيادات العربية في حيفا ، ولجان الأحياء والمؤسسات الشعبية والدينية أن تتحرك من أجل وقف هذا المخطط ، يداً بيد الى جانب الأحزاب والحركات المعارضة في الشارع اليهودي ، كما تم التلاحم في الهبة الشعبية من أجل قضية العدالة الاجتماعية ، فإن عجز رئيس بلدية حيفا عن حمايتنا ، فعلينا أن نتحرك وبسرعة لنحمي أنفسنا بأنفسنا .
بقلم عفيف شليوط