قصّة اللاجئة…."جلاء إبراهيم من مخيّم جنين"

تاريخ النشر: 16/05/12 | 2:42

سألت أبي عن زمانٍ بعيد….مضى عهدُه واسْتَثارَ البنون

وماذا يجول بخاطرِ روحٍ ……سقاها الزّمانُ سيوفَ المنون

وهل”قرية الشّيخ”حلمُ الصّبا…يدوم لكم حضنُها كالحصون

فقال: وقد سال دمعُ العيون….وأخفى البريقَ بِغَلْقِ الجفون

أَعَدْتِ خيالي لمهد صباي ..إلى بلدي في الشّمال الحنون

وأذكر أنّي ترعرعت فيه …….وعشت حياة الهنا والسّكون

فتصدح عندَ الصّباحِ الطّيورُ…وتسكبُ في الأذنِ شتّى الفنون

وأسهر ليلي بطولٍ وعَرْضٍ …وَأَرقبُ نَجْمًا وأهوى السّكون

فلا همَّ دنيا يزاحمُ روحي …. ولا أعْرِفَنْ ما يثيرُ الشّجون

أساعدُ أهلي وأَرْوي الحقولَ…وأشبعُ من فاكهاتِ الغصون

وقمح البيادر تهواه روحي…فنطحن قسمًا وقسمًا نصون

وزيتون أرضي حماه إلهي …فزادُ الجميعِ يغذّي البطون

وكرمة جدّي قناديل شَهْدٍ..تذوب النّفوس بعطر الجفون

وينبوع ماءٍ يغذّي الجرار……..وتزهو به فارعات المتون

وأعراس عزٍّ وألحان حادٍ.. ..وحلقات دبكٍ بدون مُجون

نجول بوادٍ ونعلو جبالًا.. ..جمال الهضاب يسرُّ العيون

وفي ليلةٍ ما لها من غدٍ ……أتانا العدوُّ بنار الأتون

وأعملَ فينا مجازرَ رُعْبٍ…وصارت نفوسُ العذارى تهون

ولم يبق حلٌّ أمام الجموعِ ..فإمّا المماتٌ وإمّا السّجون

تريّثت حتّى أتى أهلُنا …فَهِمْت وهامَ معي الآخرون

وباتت حياتي حياةَ هوانٍ ….حياةَ نزوحٍ تشيبُ الذّقون

فعِشْتِ جلاءُ حياةَ التّشرُّد..حياةً لعمري تصيبُ الجنون

ومرّت سُنونٌ على والدي ..فجاء اليهود وذاق المنون

وعشنا حياةً تهدّ الجبالَ …فلُوحق أهلي وزجّوا السّجون

توالت كوارثُ تلوَ الكوارثِ.. فمحمودُ أسقَوْهُ سُمَّ المنون

وما كان أن سجنوا أحمد ….ولم يبق لي غير أخٍّ مصون

فيا حسرتاه تمرّ الحياة ….. وأهلي ببُؤسٍ تعدُّ القرون

وأفخر أنّي أخت الشهيد …وبنت الشّهيد وروحي شجون

‫6 تعليقات

  1. سلمت يمناك أيّها الكبير….تصويرك أروع من رائع….لماذا لا تضع صورة لك لنتعرّف على إنسان كبير مثلك …لقد تأثّرت بما قرأت …وردّدت بعض الأبيات وحفظتها.
    فقال: وقد سال دمعُ العيون….وأخفى البريقَ بِغَلْقِ الجفون

    أَعَدْتِ خيالي لمهد صباي ..إلى بلدي في الشّمال الحنون

    وأذكر أنّي ترعرعت فيه …….وعشت حياة الهنا والسّكون

    فتصدح عندَ الصّباحِ الطّيورُ…وتسكبُ في الأذنِ شتّى الفنون

    وأسهر ليلي بطولٍ وعَرْضٍ …وَأَرقبُ نَجْمًا وأهوى السّكون

    فلا همَّ دنيا يزاحمُ روحي …. ولا أعْرِفَنْ ما يثيرُ الشّجون

    أساعدُ أهلي وأَرْوي الحقولَ…وأشبعُ من فاكهاتِ الغصون

    وقمح البيادر تهواه روحي…فنطحن قسمًا وقسمًا نصون

    وزيتون أرضي حماه إلهي …فزادُ الجميعِ يغذّي البطون

    وكرمة جدّي قناديل شَهْدٍ..تذوب النّفوس بعطر الجفون

    وينبوع ماءٍ يغذّي الجرار……..وتزهو به فارعات المتون
    أرجو لك التالق والإبداع

  2. اشكر أخي الأستاذ شريف على القصيده التي كتبها وهي قصة تهجير أهلي من بلد الشيخ الى ان اسقرينا في مخيم جنين وما كتبه أخي شريف هي قصة حقيقيه \شكرا لك اخي شريف وبارك الله فيك

  3. الأستاذ زهدي غاوي المحترم !!
    لك تحيّاتي وشكري لاهتمامك وحسن تعليقك …وروعة انتمائك…دمت بخير

  4. الأخت أم عبدالله المحترمة!
    إنّ هذه الأبيات الّتي أثرت من خلالها قضيّة النّزوح …هي حقيقيّة في واقعها…وهذا ما حدث مع أهل الأخت جلاء الّتي عاشت حياة التّشرُّد من مخيّم الجلزون إلى مخيّم جنين…وما معنى حياة المخيّم….فهؤلاء هم أهل القضيّة ….ولا يملك أحد الحقّ في المساومة على قضيّتهم ….شكرًا لاهتمامك ..وروحك العالية.بالنّسبة للصّورة سأضع إن شاء الله ..دمت بخير.

  5. إلى أختي المحترمة جلاء إبراهيم !!..لقد رأيت في قصّة نزوحكم عنوة من بلدة الشّيخ الّتي كانت مهد صبا والدك ومرتع جدّك وأهلك …نموذجًا مصغّرًا لما حلّ بأهلنا في فلسطين …وهي كارثة لم يسبق ان خطّ التّاريخ مأساة تشابهها …فإخراج النّاس من ديارهم وبعثرة أرواحهم في شتّى بقاع الدّنيا هي من أبشع الجرائم الإنسانيّة إن لم تكن أبشعها ..
    لقد حاولت العودة بكم إلى بلدكم ثمّ تهجيركم …ثمّ ملاحقتكم بعد نكسة67 واستشهاد والدك رحمه الله …ليتلوه أخوك رحمه الله …لينضمّا إلى قافلة الشّهداء….أرجو أن أكون قد وفّقت في تصوير واقعكم وإلقاء الضّوْء على أشرف قضيّة الّتي هي حقٌّ يأبى النسيان…..دمت بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة