البلاد طلبت اهلها …
تاريخ النشر: 16/05/12 | 11:10لا ابالغ ، ولا أتجنّى ، ولا أتهكّم ،ان قلت لكم أن أكثر من رُبع اقتصاد بلدتنا وكغيرها من البلدات العربية يضيع في جيوب الباعة المتجولين , الذين يبدأون صباحهم قبل ان يفيق أبناء بلدتي , يسابقون ابن البلد في لقمتة ولقمة ابنائه. في الحارة الفوقى يتجول”تندر” مملوء بالبطيخ , وصاحبه يصيح “على السكين البطيخ”…ومن اخر الشارع يزاحمه باص “كايا” ولصعوبة صعوده يقف في وسط الشارع مطالبا نساء الحارة في تخفيف حمولته من “الشالات , والملابس الداخلية , وقمصان النوم الحمراء” .و تلتم النساء على سيارة “بارلينغو بيضاء مملوئه بغبرة الداخلين لبائع الخبز من القرية المجاورة ….. ومن خلفهم , يخفق زامور سيارة صفراء , متسوبيشي قديمة, تحمل لوحة السلطة الفلسطينة , وقد حمل عليها افخر انواع السجاجيد . مربوطة في سلالم على سقف السيارة تخوفا لسقوطها خلال عبوره الطرق الترابية خلال تهريبها … اما بائع الحلوى المتجول , فيختار موقعه بجانب مؤسسة رسمية , يعرض من خلاله كل ما تشتهي الانفس وبابسط الاسعار.
تدق ساعة العمل …. ابو فتحي صاحب محل الخضار في وسط البلد … يرش خضاره بدلو من المياه , يرتب حبات البندورة في صفوف عامودية , وينقب الشوائب من ” سحارة الخيار ” ينتظر رزق ربه , يقوم يصلي الظهر , يغلق محله وفي قلبه غصه , يفكر في اجرة استئجار اخر الشهر , ثمن الخضار الذي لم يدفعه , الخضار الذي سوف “يعطبن” بسبب مكوثه يومين في ذات “السحارة” …اجرة العامل , الضريبة في نهاية الشهر , ارنونا المجلس , فاتورة الكهرباء , فاتورة المياه , يأخذ نفسا مغلولا, وجهه اصفر ,صدره بدأ يصعد وينزل بسرعة , يلتقط أنفاسه.. يقوم ويغيّر مكانه لعلها تأتي الرزقة..
وبرهبة، أرى خيط الدموع الرفيعة تسلسل من تحت جفنيه…. وهكذا صاحب المخبز , وصاحب المتجر , وصاحب البقالة ,وصاحب السجاجيد………
تأتي الحاجة “ام العبد” تسأله عن ثمن البندورة , تقلبها , تفاصله عن ثمنها , لا اريدها ….تتمتم بعض الكلمات ” يقطعكم ما اغلاكم ” بكرا يأتي صاحبنا , ابو السيارة الصفراء .
ما زال “ابناء البلد”يقفون متقاويين على كدحهم بنبل اخلاقهم ، يبتلعون غصّاتهم بابتسامة مصطنعة…فأرجوكم لا ترموهم تحت أقدام بائعين دخلوا بلداتنا غرباء!!!..
أرجوكم أرحموا “أبناء البلد” قليلاً..
بقلم ربيع ملحم , عرعرة