الحق يؤخذ ولا يعطى

تاريخ النشر: 22/05/12 | 8:07

يتم تسويق مدينة حيفا للخارج كرمز “للتعايش” ، ولكن في الحقيقة هنالك تجاهل مستمر لاحتياجات المواطن العربي في حيفا ،من ضمنها مجال التخطيط حيث نلاحظ تمركز السكان العرب في عدة أحياء غالبيتها قديمة ، الخدمات فيها شبه معدومة ، بنيتها التحتية متأخرة ، ومستوى المعيشة فيها متدن . ولكن لم يتم العمل على سد هذه الفجوات بين الوسطين اليهودي والعربي في حيفا ، فإهمال الأحياء العربية لا يزال مستمراً ، ولم نلحظ نقطة تحول من قبل ادارة بلدية حيفا عندما وضعت تخطيطاً جديداً للخارطة الهيكلية لمدينة حيفا ، بل على العكس فإن الخريطة كما هي مقترحة ليس فقط لا تفي باحتياجات الوسط العربي بل تزيد من حدة الفجوات القائمة .

أقيمت الأحياء القديمة في حيفا بدون بنية تحتية ملائمة لمتطلبات العصر ، فلم يتم تخصيص مساحات خضراء كافية ، لا توجد حلول لمشاكل وقوف السيارات المستعصية في حيفا ، هنالك نقص كبير في المباني الجماهيرية والخدمات الاجتماعية، ووضع خارطة جديدة بمثابة فرصة لا تعوض لإيجاد حلول للمشاكل المذكورة. ولكن بلدية حيفا في خارطتها الهيكلية المقترحة بدلاً من إيجاد الحلول ستسمح في زيادة حقوق البناء الأمر الذي سيزيد من حدة الاكتظاظ في الأحياء المذكورة ، ودون العمل على تحسين البنى التحتية في الأحياء القديمة.

الوسط العربي في حيفا بحاجة ماسة لإيجاد حلول فورية لمشكلة السكن ، فالمجتمع العربي في ضائقة سكن بسبب التكاثر الطبيعي ، وبسبب الهجرة من القرى والمدن العربية الى مدينة حيفا . من ناحية أخرى أقتصر الوجود العربي في حيفا على الأحياء القريبة من الأماكن التي توفر له الخدمات الملائمة ، وخاصة في مجال التربية والتعليم ، الأمر الذي أدى الى اكتظاظ في المباني السكنية في ظل غياب التخطيط ، وبالتالي أدى الى اكتظاظ وبدون توفر بنية تحتية ملائمة. وللأسف التخطيط الجديد للخارطة الهيكلية الجديدة والذي بموجبه تم اقتراح بناء مجمعات سكنية جديدة في مناطق بعيدة عن مركز الأحياء العربية ، ستخدم فعلياً الوسط اليهودي فقط. وأكبر دليل على سوء التخطيط والحاجة الماسة الى انشاء مبان سكنية للوسط العربي ،هو إنشاء المباني السكنية في شارع المطران حجار حيث ساهم في تفاقم الكثافة السكانية في هذا الحي ، وبدون توفر بنية تحتية ملائمة.

الوسط العربي بحاجة الى تحسين مستوى الخدمات وبشكل خاص في مجال التربية والتعليم وفي مجال الثقافة. التعليم في الوسط العربي في حيفا نشأ بالأساس بفضل مؤسسات تربوية دينية عريقة قدمت ولا تزال تقدم الكثير للمجتمع الحيفاوي ، وحتى هذه المدارس والمؤسسات تعاني من انعدام البنية التحتية وعدم توفر فرص التوسع ، وبشكل عام التعليم الرسمي وغير الرسمي يعاني من انعدام الاستثمار ورصد الميزانيات الكافية ، فأين الملاعب والحدائق وقاعات الرياضة والمسرح والمختبرات ، هنالك مدارس عربية تعاني من اكتظاظ غير مبرر وحتى عدم توفر غرف تعليم كافية تلائم العصر. التخطيط الجديد للخارطة الهيكلية الجديدة ملزم بإحداث تغيير جذري بالتخطيط ورصد الميزانيات لجهاز التعليم في الوسط العربي ، في سبيل النهوض بالتعليم العربي ولضمان حل جذري لمستقبل التعليم العربي في مدينة حيفا ، وذلك بتخصيص منطقة لإنشاء” قرية تعليم” على سبيل المثال ، أو عدة مراكز تعليمية تشمل مناطق خضراء . بالطبع هنالك حاجة أيضاً لتطوير التجارة والسياحة في الوسط العربي أيضاً بحيث تعود بالفائدة من الناحية الاقتصادية على المواطنين العرب في المدينة ، الحفاظ على المعالم الأثرية العربية في المدينة من خلال رصد الميزانيات لترميمها .

ربما يبدو للبعض أن ما أعرضه من مطالب للوسط العربي تبدو شبه خيالية ولا يمكن أن تتحقق، ربما هي مجرد أحلام جميلة لا يمكن أن تترجم على أرض الواقع ، ربما .. لأننا اعتدنا أن نحصل على الفتات ، وأن نقبل بما يتعطف علينا المسؤولين من ميزانيات ، وربما لأن قادتنا وأعضاء البلدية العرب الحاليين يغطون في سباتهم ، أو بأحسن الأحوال لا يعلمون كيف يحصلون على الحقوق والمكاسب الجماهيرية . ولكن يجب أن يعلم الجميع بأن الحق يؤخذ ولا يعطى ، وفرصتكم اليوم هي فرصة ذهبية لن تتكرر مرة أخرى ، فيحق لكل مواطن أو لجنة حي أن تعترض على الخارطة الهيكلية لأنها لا تلبي احتياجاتهم ، ومن ضمنها ما ذكرته في هذا المقال ، وعندها ستكون ادارة البلدية مضطرة الى تلبية مطالبكم العادلة وإلا سيتم عرقلة المصادقة على الخارطة الهيكلية من قبلكم وهذا ما لا تريده ادارة البلدية ، فتابعوا الصحف ووسائل الاعلام ، وعند نشر الاعلانات عن إيداع الخارطة الهيكلية يمكنكم تقديم الاعتراضات بعد الاطلاع عليها ، والمطالبة بأن تشمل احتياجات الوسط العربي.

بقلم  عفيف شليوط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة