كاد المعلم ان يكون قتيلا
تاريخ النشر: 23/05/12 | 14:54كنت اقرأ بالصدفة فصلا من سيرة حياة الروائي اليوناني الكبير نيكوس كازانتزاكيس. وفي ذلك الجزء من مذكّراته يروي الكاتب جانبا من تجربته أيام الدراسة وكيف أن العصا التي بيد المدرّس كانت هي الأداة.في الأيام الخوالي يوم كانت هناك تربية حقيقية ومربّون عظام،فمن اليوم الأول يقل للمعلمين : لكم اللحم ولنا العظم.
في زمان قريب , التقيت أستاذي في الابتدائي , وما زلت أتذكر نبره صوته ,وبحته المتواصلة, وهي تذكر على بدء موعد الدرس ,”وصوت لطم كف مخمس لأحدهم فكان ذلك الصوت الذي يكسر الهمس …حتى اننا كنا نحفظ اسمه الرباعي , حضنته بقوة المشتاق وحضنني بلطف النبلاء , نظر الي محدقا متأملا في وجهي , منتقلا الى جهة رقبتي , متفقدا أذني؟,!!! كانه يطبطب على بطيخة !!!فما فعل ذلك الا ليستدل على علامة كف او فركة اذن او اثار طبشورة وراء اذني ,قد تذكره بذلك الطالب المشاكس او المشاغب ,فلم يجد ولا أي من العلامات الي ذكرتها ,قال الأن استطيع محادثك وذكرني باسمك!!! , فلما عرفني بانت عليه علامات التعجب والاستغراب, متسائلا عن “القفزة ” الطولية التي غيرت ملامحي والتغير الحاصل على قامتي …فلما استفسرت عن صحته ,فتنهد هازا رأسه , قائلا , في التقرير الطبي الاخير , قيل لي انه عندي سكري “وأعول ذلك بسبب ثقالة دم بعضكم , واعاني من فشل كلوي من اثر لطاخة بعض الطلاب , وجلطة في الجهة الشمال من اثر تشديدي على الوظائف , ولا اسمع جيدا مما دعاني لأن استخدم سماعة طبية ,وكل ذالك من اثر همسكم وضجيجكم اثناء الدرس, ومؤخرا البس نظارة طبية من اثر تشديدي في مراقبة الامتحانات ومحاولة مسك بعضكم “على الحامي ” فقررت الخروح للتقاعد وانا بثقة انني بنيت لبنة لهذا الوطن ولهذه البلاد , فيالق من الامة ,بنينا انا وزملائي لها شباب أشاوس , سوف يدافعون على الحاضر والماضي باظافرهم واسنانهم …
عزيزي الشاهد على أوضاع اليوم , قيمة المعلم أصبحت في الحضيض والسبب هم الأباء , فبعضهم عند سماع ا ابنه وبخ بطريقة ما , وأن “المحروس ولده ” جرح شعوره امام زميلاته واصدقائه , يأتي ذلك الاب فاقدا كل القيم وحتى اثناء قيادته سيارته يبدأ بانزال الحزام ولفه عل كف يده , متأهبا لخبط ذلك المعلم , وكم نسمع يوميا عن قصص , ان طالبا مزع المعلم “كف” , وان معلما نجى باعجوبة من “شلوط ” وبسبب رشاقته كونه معلم رياضه استطاع الهروب من قطيع زعران هاجموه “بمخمسيه ” وحاوله لكمه في “بوكس لكن رعاية الله كانت في المرصاد ,!!!!
افشلوك يا رجل الطبشورة ففشلوا من ورائك الجيل , لأن رفعة القوم هي من رفعة المعلم , فان ضاعت قيمة المعلم , ضعنا بأكملنا وضاعت كلمتنا وفرقت جماعاتنا ,فكيف لا وربنا تعالى قال في كتابة , “نون والقلم وما يسطرون” …
وختاما أقول لو أن هذه الشرذمة الفاسدة من الطلاب الذين تربّوا على وقع ضربات العصي وهي تلسع جنوبهم وتلهب مؤخّراتهم عندما يخطئون أو ينحرفون لما استهانوا بأساتذتهم ولما استهتروا بنظام أو قانون، بل ولما تحوّلوا إلى زعران وميليشيات مسلحة تمارس استهتارها وبلطجتها على المعلمين دون أن تجد من يوقفها ويلجم سعارها وأصبحوا ينشدون قم للمعلم وفه التنكيلا – كاد المعلم ان يكون قتيلا …. اذكرهم انه انه لا يوجد مهنة شريفة وعظيمة كمهنة التعليم,ولكم لمن استشعرها !!!!
بقلم ربيع ملحم
موضوع اكثر من رائع ، اعجبني اسلوبك كتابتك كل الاحترام ، اتمنى ان يكون دور للاهل في تعليمهم وتربيتهم على احترام المعلم فهذا برائي فرض وليس واجب في هذا الزمان …. وشكرا للكاتب والى الامام، كل الاحترام رائع
قم للمعلم وفه التبجيل كاد المعلم ان يكون رسولا
الا ليت الزمان يعود وتعود معه الحياه البسيطه المبنيه على الاحترام والتقدير والتبجيل لمن لهم الفضل في تربيتنا وتعليمنا