المرافعة القانونيّة :نهج نضالي مؤثر أم سيف ذو حدّين؟
تاريخ النشر: 24/05/12 | 5:57أصدر مركز مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة في حيفا،العدد الثالث عشر من مجلة “جدل” الإلكترونية.وقد جاء في كلمة المحرّر الضيف لها العدد:”تثير تجربة المرافعة القانونيّة للفلسطينيّين في إسرائيل الممتدّة عَبْر عقود من الزمن تساؤلات عديدة” و تفرض قضيّة منح الشرعيّة للنظام من خلال المرافعة القانونيّة نفسها للبحث بشكل أكثر إلحاحًا, لذلك نحاول هنا تسليط الضوء على بعض الأوجه المهمّة للمرافعة القانونيّة،الجماهيريّة منها على وجه الخصوص،والمرتبطة بمدى تأثير ومساهمة المرافعة القانونيّة على منح وإضفاء الشرعيّة على النظام السياسيّ القائم، وبعلاقة تبنّي المرافعة القانونيّة نهجًا نضاليًّا مع وسائل نضاليّة أخرى متاحة أمام الفلسطينيّين في إسرائيل”.
وقد كان المحرر الضيف لهذا العدد المحامي علاء محاجنة، وهو محامٍ مستقل مَقرُّهُ القدس، وقد عمل في السابق مستشارًا قانونيًّا في وحدة المفاوضات الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير،ومحاميًا في مركز عدالة,ويتضمن العدد الحالي إضافة الى كلمة المحرر الضيف مقالاً تحليليّاً بقلمه أيضاً، كما يتضمن ست وجهات نظر.
في مقاله التحليليّ يرى المحامي علاء محاجنة أنّ المرافعة القانونيّة أفضت إلى نتيجتين:الأولى تعزيزها ثقة الفلسطينيّين في إسرائيل في النظام القانونيّ ومؤسّساته،وعلى رأسها المحكمة العليا,الثانية إضعافها اعتماد وسائل نضاليّة خارج الحلبة القانونيّة في محاولة التصدّي لهذا القانون.وعليه فهو يحذّر من مغبّة الاعتماد الدائم والفوريّ لإستراتيجيّة المرافعة القانونيّة أمام المحاكم الإسرائيليّة في جميع القضايا، وبمعزل عن الظروف السياسيّة،لِما في ذلك من تأثير على الأشكال الأخرى للنضال السياسيّ.
وفي باب وجهات النظر،يرى المحامي حسن جبارين في المرافعة القانونيّة ممارسةً سياسيّة لكن “بوسائل أخرى”. لكنّه يعتقد أيضًا بوجوب عدم إضفاء وزن زائد على مهنة المحاماة وعلى عمليّة المرافعة القانونيّة ككلّ،ولا على قدرة الأنظمة القمعيّة على الإقناع (إقناع المواطنين المضطهَدين والرأي العامّ).في نظره، مسألة إضفاء الشرعيّة على النظام هي حاسمة بالنسبة لضحايا النظام أكثر ممّا هي بالنسبة لمؤسّسي النظام.
في سياق تقييمه للمرافعة القانونيّة في إسرائيل، ينطلق المحامي مازن المصري من كون المنظومة الدستوريّة السائدة تتّسم بالعرْقيّة على اعتبار أنّ إسرائيل تُعرِّف نفسها دولةً يهوديّة،وبالتالي فهو يعرض وجود خلل بنيويّ يتعلّق بهذا التعريف.لذلك، هو يستنتج أنّ أيّ محاولة للتغيير من خلال هذا المسار ستكون محدودة أصلاً،ولن يكون في وسعها إحداث تغيير جذريّ وحقيقيّ في الوضع القائم بسبب هذا الخلل البنيويّ.
يعتقد د. غاد بارزيلاي أنّه لا ضير من الاستمرار في المرافعة القانونيّة أمام المحاكم الإسرائيليّة،مع وجوب حصرها في قضايا أقلّ جوهريّة وأقلّ أهمّـيّة،وكذلك تجنُّب إبراز النجاحات القانونيّة عند إحرازها،في محاولة الحدّ من إضفاء الشرعيّة على النظام,وتستمرّ هذه التوجّهات وصولاً إلى دعوات صريحة لتبنّي نهج مقاطعة شاملة للمرافعة القانونيّة،والتركيز -عوضًا عن ذلك- على التعبئة المحلّـيّة والمرافَعة الدوليّة،كما هو الأمرُ في مقالة المحامي أحمد أمارة المتعلّقة بالنضال القانونيّ حول قضايا الأرض والمسكن في النقب.
في المقابل،يرى د. أمل جمّال أنّ بمقدور الهيئات التي اختَطَّت المرافعةَ القانونيّةَ نهجًا نضاليًّا،التأثير على ادّعاء الشرعيّة من خلال دراسة الخطاب القانونيّ دراسةً معمّقة بغية التغلّب على ما يعتريه من قصور,بالإضافة إلى ذلك ثمّة ضرورة للعمل على دمج العمل القانونيّ داخل العمل السياسيّ العامّ من خلال التفكير في وضع إستراتيجيّات عمل بديلة تربطها مع العمل القانونيّ علاقة تكامليّة.
وفي خضمّ الدعوات المتزايدة لاعتماد أكبر على القانون الدوليّ والهيئات والمحاكم الدوليّة في السياق الإسرائيليّ الداخليّ، في ما يخصّ علاقة الدولة بمواطنيها الفلسطينيّين،تأتي مقالة د.هالة خوري-بشارات لتُسلِّط الضوء على الإمكانات القانونيّة والسياسيّة المحدودة لهذا المسار.