المصالح والخيرات
تاريخ النشر: 27/09/14 | 10:44يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه “مفتاح دار السعادة”: المصالح والخيرات، واللذات والكمالات؛ كلها لا تُنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب.
وقد أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأنّ بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة والملذة.
فلا فرحة لمن لا همّ له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلا استراح طويلا، وإذا تحمل مشقة الصبر ساعة قاده لحياة الأبد.
وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة، والله المستعان، ولا قوة إلا بالله.
وكلما كانت النفوس أشرف، والهمة أعلى، كان تعب البدن أوفر، وحظه من الراحة أقل، كما قال المتنبي:
وإذا كانت النفـوسُ كبــارًا
تعبت في مرادهـا الأجسـام
وقال ابن الرومي:
قلب يظلُّ على أفكاره ويَدٌ تُمْضِي الأمورَ ونفسٌ لهوها التعَبُ
وقال مسلم في صحيحه، قال يحيى بن أبي كثير: “لا ينال العلم براحة الجسم”.
ولا ريب عند كل عاقل أن كمال الراحة بحسب التعب، وكمال النعيم بحسب تحمل المشاق في طريقه، وإنما تخلُصُ الراحةُ واللذةُ والنعيمُ في دار السلام، فأما في هذه الدار فكلا ولمَّا.
الهرب من العُجب
كان سفيان -رحمه الله- إذا رأى حلقة درسه قد كبرت قام عجلًا مرعوبًا وقال: أُخذنا والله ولم نشعر، قال: فتبعه الناس يومًا وقالوا له: مثلك لا يخاف من ذلك. قال: بلى، أنا أخوف الناس من ذلك. لما أعرفه من دناءة أخلاقي. ووالله لو رآني عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالسًا في مثل هذا المجلس لضربني بالدرة وأقامني، وقال لي: أنت لا تصلح لمثل هذا.
الفرج موحود
يقول الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله في مذكراته: “سيأتي على هؤلاء المتألمين المعذبين بمرض ينغص عليهم عيشهم، أو فقرٍ ينكد عليهم أيامهم، أو سجن ظالم يقيد أيديهم، ويحرمهم أهلهم وأولادهم، أو عذاب مستمر من جبار آثم يغاديهم به ويماسيهم.. سيأتي على هؤلاء يوم يكون فيه هذا كله ذكرى في النفس، وحديثًا في المجالس.. ومهما اشتد الضيق فالفرج موجود.. وإن لم يرَ البائس الفرج في الدنيا، فما الدنيا؟ أيام معدودة.. وإن الحياة الباقية لهي الحياة الآخرة، وهنالك يُعوَّض المظلوم تعويضًا يرضيه، ويروي الظالم ما قدم لنفسه”.
من كمال الأدب
قال أحد الصالحين: لو خيرت بين الركعتين والجنة لاخترت الركعتين على الجنة. قيل له: وكيف ذلك؟ قال: لأن في الركعتين رضا الله والجنة رضا نفسي، ومن كمال الأدب أن أقدم رضا الله على رضا نفسي.
حفظ الوقت والساعات
كان أبو بكر بن عياش يقول: لو سقط من أحدهم درهم لظل يومه يقول: إنا لله ذهب درهمي، وهو يذهب عمره، ولا يقول: ذهب عمري، وقد كان لله أقوام يبادرون الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات.
هكذا يموت العلماء
جاء في ترجمة العلامة النحوي أحمد بن يحيى المعروف بثعلب -رحمه الله-: “كان سبب وفاته أنه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر، وكان قد لحقه صمم لا يسمع إلا بعد تعب، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق، فصدمته فرس، فألقته في هوة، فأخرج منها وهو كالمختلط، فحمل إلى منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم”.
سمعت حسنًا وكتبت حسنًا
قال فرقد السبخي –رحمه الله: دَخَلُوا عَلَى سُفْيانَ الثَّوري في مَرَضِهِ الَّذِي مَات فِيه؛ فَحدَّثه رَجُلٌ بِحَدِيثٍ فَأَعْجَبَهُ؛ فَضَرَبَ يَدَهُ إِلى تَحْتَ فِرَاشِهِ فَأَخْرَجَ أَلْوَاحًا لَهُ فَكَتَبَ ذَلِكَ الحدِيث. فقالوا له: على هذه الحال منك؟ فقال: إِنَّهُ حَسَنٌ، فَقَد سَمِعْتُ حَسنًا، وَإِنْ مِتُّ فَقَدْ كَتَبْتُ حَسنًا.
في طلب الحديث
قال أبو مسعود عبد الرحيم الحاجي: سمعت ابن طاهر يقول: بُلت الدم في طلب الحديث مرتين، مرة في بغداد، وأخرى في مكة، كنت أمشي حافيا في الحر، فلحقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري، وما سألت في حال الطلب أحدا، كنت أعيش على ما يأتي.
أخطأ سيبويه
تناقش ابن تيمية مع أبي حيان النحوي حول مسألة في النحو، فاحتج أبو حيان بكلام سيبويه فقال ابن تيمية: أسيبويه نبي النحو أرسله الله به حتى يكون معصومًا؟ سيبويه أخطأ في القرآن في ثمانين موضعًا لا تفهمها أنت ولا هو.
لا تعد إلينا فتفسد قلوبنا
ذكر الراغب الأصفهاني في محاضراته أنه أتى رجل إلى شقيق البلخي يطلبه فقالت امراته: قد خرج إلى الجهاد. فقال: وما خلـف لكم؟ قالت: أرازقٌ شقيق أم مرزوق؟.
فقـال: بل مرزوق! قالت: إن المرزوق خلف علينا الرازق.. يا هذا لا تعد إلينا فتفسد على الله قلوبنا.
أبكي على ابن آدم
مر أحد الصالحين برجل يشوي اللحم فبكى!!
فقال الشواء: مالك تبكي أكنت محتاجا إلى اللحم؟؟
قال: لا ولكن أبكي على ابن آدم. يدخل الحيوان النار ميتا وابن آدم يدخلها حيا!!
سألت الدنيا والآخرة
قال تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
قال الإمام القرطبي في التفسير: هذه الآية من جوامع الدعاء التي عَمّت الدنيا والآخرة.
قيل لأنس بن مالك: أدعُ الله لنا. فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
قالوا: زِدْنا. قال: ما تريدون؟ قد سألت الدنيا والآخرة.
كيف الفلاح؟؟؟
قال الإمام أبو حامد الغزالي: كيف الفلاح بين إيمان ناقص، وأمل زائد، ومرض لا طبيب له ولا عائد، وهوى مستيقظ، وعقل راقد، ساهيًا في غمرته، عامهًا سكرته، سابحًا في لجة جهله، مستوحشًا من ربه، مستأنسًا بخلقه، ذكر الناس فاكهته وقوته، وذكر الله حبسه وموته، لله منه جزء يسير من ظاهره وقلبه ويقينه لغيره.
لو لم تكن تذبل
دخل عثمان بن إدريس ومنذر بن سعيد البلوطي على الخليفة الناصر وهو في قصر الزهراء في الأندلس، فأنشد أبو عثمان أبياتًا أطرى بها الخليفة على هذا البناء، فابتهج الناصر، واهتز لهذا الإطراء، أما منذر بن سعيد، فإنه أطرق رأسه ساعة، ثم رفع رأسه وقال:
يا باني الزهراء مستغرقًا
أوقاته فيها؛ أما تمهل
لله ما أحسنها رونقًا
لو لم تكن زهرتها تذبل
فقال الناصر: إذا هبَّ عليها نسيم التذكار، وسقتها مدامع الخشوع لا تذبل إن شاء الله.
فقال منذر: اللهم اشهد، فإني قد بثثت ما عندي، ولم آلُ نصحًا.
وأصاب منذر فيما قال، فقد ذبلت زهرة الزهراء، وتهدمت قصورها يوم قام محمد بن هشام على بني عامر، وانتُزع الملك من أيديهم، واستولي على قرطبة سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
مع كل سيجارة ركعتان
جاء شاب إلى الشيخ خالد الجبير فسأله: يا شيخ قد أقلعت عن كل شيء يغضب ربي.. إلا التدخين. فقال له الشيخ: هل تريد أن تتوب عنه؟ قال: والله يا شيخ حاولت بكل الطرق فلم أستطع. فقال له: بعد كل سيجارة تدخنها.. قم وتوضأ حتى لو كنت على وضوئك ثم صل ركعتين لله. بعد فترة عاد إليه هذا الشاب وهو يضحك..!!
فقال له الشيخ: ما يضحكك يا أخي؟
فقال له الشخص: رغم أنني كنت أدخن 30 سيجارة يوميا إلا أنه في اليوم الأول مع كل سيجارة أريد إشعالها كان الشيطان يوسوس لي قائلا: مش لازم يا أخي.. لسة هاتقوم وتتوضأ وتصلي كمان؟؟ لا.. لا.. لا
فدخنت 5 سجائر بدلا من 30 وفي اليوم الثاني 3 سجائر واكتمل الأسبوع وأنا قد أقلعت عنها نهائيا.
فقال له الشيخ: والله لم أكن أتخيل أنها قد تنفع مع التدخين.