من استقام على امر الله ضمن الله له سعادته
تاريخ النشر: 04/03/15 | 12:49من أدق تعريفات العبادة أنها طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
هي طاعة، الأقوياء يطاعون قسراً، لكن الله عز وجل ما أراد أن تكون علاقته بخلقه علاقة إكراه: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [سورة البقرة الآية : 256]
أراد أن تكون علاقة عباده به علاقة حب: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [سورة المائدة الآية : 54] ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾ [سورة البقرة الآية : 165]
هي طاعة طوعية، لكن ممزوجة بمحبة قلبية، العلماء قالوا: ما عبد الله من أحبه ولم يطعه، وما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، إذاً طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
اصل الدين معرفة الله
هناك جانب أصل في هذا التعريف هو السلوك، فما لم نلتزم، ما لم نستقم، لن نقطف من ثمار الدين شيئاً، إن لم نستقم على أمر الله أصبح الدين ثقافة، أصبح خلفية، أرضية، نزعة، اهتماماً، أما الدين حتى نقطف ثماره كلها ينبغي أن نستقيم على أمر الله، فالأصل في هذا التعريف الالتزام، يسبق هذا الالتزام أن نعرف الله، يقول سيدنا علي:” أصل الدين معرفة الله”، نتائج هذا الالتزام السعادة الأبدية.
فـلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنـا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـا
ولو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـا
* * *
ولو نسمت من قربنا لك نسمة لــمت غريباً واشتياقاً لقربنـا
ولو لاح مـن أنوارنا لك لائح تــركت جميع الكائنات لأجلنـا
* * *
فما حبنا سهل و كل من ادعـى سهولته قلنا له قـد جهلتنـــا
فأيسر ما في الحب للصب قتله وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
من استقام على امر الله، ضمن الله له سعادته
إذاً الإنسان المخلوق الأول لأنه قَبِل حمل الأمانة، فكرمه الله: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ﴾ [سورة الجاثية الآية : 13]
﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ [سورة الإسراء]
والإنسان هو المخلوق المكلف: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء الجسم الطعام والشراب، الإنسان إذا لبى حاجات قلبه، وعقله، وجسمه، تفوق، إن لبى واحدة تطرف، فعلى وجه الأرض ستة آلاف مليون ما منهم واحد إلا وهو حريص على سلامة وجوده، وكمال وجوده، واستمرار وجوده، سلامة وجوده بتطبيق تعليمات الصانع، لأنه أعقد آلة في الكون تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، وصانعه رب العالمين، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، هي القرآن الكريم والسنة، فإذا طبق هذا الإنسان تعليمات خالقه سلم من كل عطب، اختار امرأة صالحة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: “تسره إذا نظر إليها، تحفظه إذا غاب عنها، تطيعه إن أمرها”. اختار دخلاً حلالاً، ربى أولاده تربية صحيحة، فحينما يستقيم على أمر الله يضمن سلامته.