عدالة تكشف معطيات خطيرة حول عنف الشرطة
تاريخ النشر: 30/09/14 | 12:49عشيّة الذكرى الرابعة عشر لهبّة أكتوبر 2000، ينشر مركز عدالة تقريرًا تحت عنوان: “ماحاش- ضوء أخضر لعنف الشرطة” يتضمن معطيات خطيرة حول ممارسات وحدة التحقيق مع رجال الشرطة “ماحاش”. تؤكّد هذه المعطيات على أن تواطؤ الوحدة في التحقيق بالشكاوى الموجهة ضدّ الشرطة لا يزال مستمرًا حتى يومنا هذا، وأن تقاعسها المتعمّد في التحقيقات، والذي أدى بنهاية المطاف لإغلاق ملفّات التحقيق ضد قتلة 13 شابًا تظاهروا في أكتوبر 2000، لا زال يُنتهج بأوسع الأشكال الممكنة بعد 14 عامًا على استشهاد الشبّان.
بحسب المعطيات الرسمية، بين العام 2011 و2013، قُدّم لـ”ماحاش” 11,282 شكوى ضد رجال الشرطة. هذا العدد الهائل، بحدّ ذاته، يؤكد أن الشرطة لا زالت مستمرّة بالاعتداءات والقمع. 93% من هذه الملفات أغلقت دون أن يتم اتخاذ أي إجراء ضد رجال الشرطة المشتكى ضدهم. 72% من الملفات أغلقت من دون أن يتم التحقيق بها أبدًا، وتحت أسباب واهية مثل عدم معرفة المشتبه به، عدم وجود مخالفة، وفي أحيان كثيرة يغلق الملف دون أن تُذكر الأسباب. 21% من مجمل الشكاوى أغلقت الملفات بعد التحقيق، نصف الشكاوى التي أغلقت بعد التحقيق أغلقت لعدم وجود إثباتات. فقط في 3.3% قدّم رجل الشرطة لمحاكمة تأديبيّة داخليّة، وفي 2.7% فقط قُدّموا لإجراءات جنائيّة. مركز عدالة حصل على هذه المعطيات بعد أن طالب وزارة القضاء بالكشف عنها بموجب قانون حريّة المعلومات.
وقال المحامي آرام محاميد من مركز عدالة تعقيبا على هذه المعطيات أن الردود التي تلقّاها مركز عدالة من ماحاش على شكاوى كان قد قدّمها باسم متظاهرين تم الاعتداء عليهم خلال المظاهرات ضد قانون برافر، تؤكّد أن ماحاش لا زالت تنتهج ممارسات عديدة، معروفة ومتّبعة، تستغلها لتغلق الملفّات دون محاسبة رجال الشرطة. ادعاءات مثل “عدم تحديد هوية رجال الشرطة المشتكى ضدهم”، وأساليب مثل إغلاق الملف دون طلب الاستماع إلى شهادة المشتكي، إغلاق الإمكانية بوجه المشتكين لتقديم الاستئناف على قرار إغلاق الملف بشكل فعال، عدم كشف أسباب إغلاق الملف، ادعاء الشرطة بانها مخولة لإغلاق الملف حتى لو كان هناك عنف مبالغ به من قبل الشرطة. هذه كلها أساليب لا زالت تُمارس يوميًا في أروقة وحدة التحقيق مع الشرطة.
وأضاف المحامي محاميد أن عدم التعرف على هوية رجال الشرطة، مثلا، هو أحد التبريرات الأكثر استخداما لدى ماحاش لإغلاق الملفّات، حيث تدّعي الوحدة بأن هوية رجل الشرطة غير معروفة للمشتكي، لكن ما لا تذكره أن عدم المقدرة على تمييز هوية رجل الشرطة تنبع بالأساس من أن رجال الشرطة يخرقون القانون حيث أنهم لا يعلقون على ستراتهم البطاقة التي تعرّف أسماءهم، أي أنهم يخرقون القانون. عدم وضع هذه البطاقات، يصعّب على المشتكين ذكر أسماء رجال الشرطة الذين يعتدون عليهم. يُذكر كذلك أن ماحاش لا تبذل أي مجهود من أجل معرفة هويّة المعتدين من رجال الشرطة، مثل عرض صور أمام المشتكي ليميّز المعتدي أو فحص قوائم رجال الشرطة المشاركين في الحدث.
كذلك، ورغم أنها رسميًا تتيح إمكانية الاستئناف على قراراتها، إلا أن ماحاش لا تتيح إمكانيّة فعّالة وناجعة للاستئناف. وهي عمليًا تغلق باب الاستئناف بطرق التفافيّة. هكذا مثلا، لا توضّح ماحاش الأسباب التي بسببها تم إغلاق الملفّات، أو أنها، حتى إن وضّحت، لا تتيح للمحامين الذين يمثلون المشتكين أن يطلعوا على مواد التحقيق والأدلة التي اعتمدت عليها ماحاش لإغلاق الملف، أو انها تتيح لهم الاطلاع على الأدلة أشهر طويلة بعد أن تنتهي مهلة الاستئناف.
كذا مثلًا، تلقّى عدالة في 20.2.2014 ردودًا بإغلاق ملفات شكاوى كان قد قدمها ضد عنف الشرطة بحق متظاهرتين في يوم الغضب ضد مخطط برافر في حيفا، على أثر ذلك قدم عدالة طلبًا للاطلاع على الأدلة التي على أساسها اتخذت الشرطة قرارها، اليوم، وبعد مرور 7 أشهر على الطلب، لم يتلقى مركز عدالة أي جواب من الشرطة بعد.
نهايةً، جاء من مركز عدالة في التقرير أنّ: “يظهر من المعطيات الموضوعة أمامنا صورة مطابقة للصورة التي ظهرت في جزئيّ تقرير “المتّهمون” من العام 2006 و 2011. لا زالت وحدة التحقيق مع الشرطة تنفّذ مهمتها المعهودة: توفير الحصانة والحماية لرجال الشرطة أثناء ممارستهم لأبشع أعمال العنف والقمع. هذا الوضع الذي توفّره وحدة ماحاش يحصّن رجال الشرطة من المحاسبة والعقوبة والإفلات من المسؤوليّة، ويشكّل عاملًا يكرّس عنف الشرطة بشكلٍ عام، واتجاه المواطنين العرب بشكلٍ خاص.”
وأضاف التقرير ملخصًا: “على وزارة القضاء أن تعيد تعريف مهام محققي ماحاش، وأن تحدد أساليب العمل والتحقيق، بهدف تغيير الوضع القائم الذي فيه ينعدم أدنى مجهود للتحقيق ولكشف رجال الشرطة المشتبه بهم. كذلك، تجدر بوزارة القضاء وضع جدول زمني محدد وسريع لتنفيذ التحقيقات بشكلٍ ناجعٍ ومستقل. هذا الوضع الذي تتوفر فيه الحصانة لرجال الشرطة الذين يخرقون القانون وينتهكون حقوق الناس ويعتدون عليهم، يقع تحت المسؤوليّة المباشرة للجهاز القضائي ومؤسسات الدولة في إسرائيل، وواجب هذه المؤسسات أن تعمل فورًا لتغيير هذا الوضع. لطالما لا تؤدّي هذه الأجهزة مسؤوليّاتها لتغيير الوضع القائم، فهي تتحمل المسؤولية تمامًا كما تتحمّله ماحاش.”