نتكلّم العربية…
تاريخ النشر: 01/06/12 | 7:57أنا أعاني.. فالعربية روحي وقلبي.. وصديقتي من طفولتي.. ولغة أبي وأمي.. وكلمات ديني.. لكني أعيش فترة أراها تهضم ولا تكرّم.. جالست شبابا من أهلنا يصعب عليهم تحدثها.. وتلقيت رسائل عبر البريد الآلي من إخواني مكتوبة بالعبرية.. وكشف لي بعضهم أن جهات مسؤولة في بلدنا تتكاتب بينها يوميا بغير لغتها لسهولة إيجاد التعابير في اللغة الأخرى.. وصعوبة استخراجها من العربية..
كم أعاني.. أعمل يوميا على تصحيح الكلمات.. وطرح البديل العربي.. واعادة صياغة الجمل مع المتحدث معي.. كل ذلك لأنها العربية.. روحي ومهجة قلبي.. وارى عنها إعراضا ولها استبدالا.. فأنا أنتفض..
أسعى لخدمتها.. أطمع أن يحبها الناس جميعا.. ولا ينافس في حبها لغة أخرى.. وأن يكون الحب عربيا بالكلمة والصوت والصورة.. لأنها تستحق..
من أجلها أصيغ مشروعا هذه الأيام أحلم بتحقيقه، نعم قد أرسلته لبعض أصحاب القرار في بلدي وما زلت أنتظر الرد ولكن كلي أمل أن أرى هذا المشروع قد كبر ويسير بيننا، ويصبح لساننا الذي ننطق به، ووليدنا الذي نرى أنفسنا من خلاله.. وعلى هذا سأنافح.
لم لا.. واللغة هي جزء اساسي في الشخصية.. وصحتها للثقة بالنفس.. كصحة الغذاء الطبيعي للجسد.. او قل صحة الرضاعة الطبيعية للمولود.
إن للتعلم والتكلم باللغة الأم تأثيرا سحرياً على النمو الفكري والإرادي لشخصية الأنسان. لأن اللغة تحتوي على المنابع الغذائية الخاصة لكل ثقافة، والرمز الجيني لهوية الجماعة والأمة التي ينتمي لهما الفرد.
ما هي العلاقة بين اللغة وشخصية الأنسان؟
اللغة تحمل في جوهرها هوية الفرد. مَنْ هو؟ إلى أي مجتمعٍ ينتمي؟ أو أية ثقافة يمثل؟. اللغة تحمل بين حروفها ومفرداتها ماضي وحاضر ومستقبل المجتمع، وتخبئ وتحمي تاريخ وذكريات الآباء والأجداد وآمال الشباب وأحلام الطفولة. لهذا بقدر ما يقوم الفرد والمجتمع بالحفاظ على لغتهم يقوي نظام المناعة الإنتمائية وتحمي اللغة هوية الفرد وتنشئ شخصية سليمة فكرياً ومستقرة وقوية نفسيا.
هناك علاقة وثيقة بين اللغة والأحلام المستقبلية!
مهما تعلم او تكلم الفرد لغة اخرى وأجادها، فلا تفتح هذه اللغة أسرارها له إلا اذا كان إبنها لأنها انخرطت في بنية دماغه من صغره، خاصة اذا تكلم اللغة الأخرى وهو يعيش في محيطه الثقافي الإجتماعي الخاص.
لكن عندما يكون الحوار الاساسي في حياته صافيا بلغته لا يمنع ان يتعلم أية لغة أخرى، عندها سيؤدي هذا إلى غناً لغوياً. بدون انهيار ما بناه الفرد من احلام وخيالات طفولية. والناشىء الذي يستعمل لغة الأم صافية تسهل عليه تعلم اللغة الثانية، وهذا ما يخلق الشخصية الناجحة.
من هنا كان لا بد من ( تكلّم العربية)
الانسان العربي في وسطنا يعيش ويتعايش ضمن تعددية ثقافية، وما ذكر عن كون اللغة مقوما أساسيا من مقومات الشخصية أخذ يتناقص. وأصبح التعدد اللغوي في الجملة الواحدة ينظر إليه أحيانا على أنه العجز في التقاط الكلمة العربية وأحيانا أخرى غناً ثقافياً ونظرة ثالثة أنه حرية لا تأثير لها ونظرة رابعة أن صاحب الصنعة يكون هو المؤثر.
مهما كان الرأي بهذه الوجهات المختلفة إلا أن الواجب هو أن نشجع اللغة العربية ونطلقها من سجنها، إنطلاقة يفتح معها باب الغنى الثقافي ويتطور الوعي والفهم لدى الفرد. أي أنه بقدر ما يحترم لغة وثقافة الآخر يضاعف احترامه للغته وثقافته.
ومن هنا لابد من برمجة لغوية لمختلف الشرائح من الطلاب الى الوالدين الى المعلم وكذلك الإدارات باستخدام العناصر المولدة للقدرة والتحفيز والدافعية لدى الافراد للفت التوجه الى “تكلم العربية”
فمن يصافحني او يوافقني على هذا المشروع ومن اليوم فصاعدا يقول بحق أنا أتكلم العربية.. ومن يفتح مصراعيه لنتعاون على تطوير الاحوال والاجيال حتى نصل الى لسان عربي مبين.
بإحترام: هاني طه خبير التدريب والتنمية البشرية
أبارك هذا الحرص على سلامة اللغة العربيّة، وأحيّي هذا الانتماء للغة الضاد الخالدة!
مشروع جدير بالمتابعة وبالمزيد من الدراسة.
أرجو الالتفات إلى أنّ الفعل المضارع من “صاغ” هو “يصوغ” وأنّنا نكتب
“غنًى” لا “غنًا” – بمعنى الثراء!