إليك يا معلّمتي
تاريخ النشر: 06/06/12 | 5:57كنت طفلًا كلُّ همِّي
أنْ أقومَ الصّبحَ مَعَ صوتِ الصّياح
لألبّي أملي المكبوت في ظلّ الصّباح
بعدَ ساعاتٍ قليلة
يرسل الفجرُ تباشيرَ النّهار
… تملأ الشمسُ تغاريدَ الأمل
وأرى روحي تتوه
من جنون العشق في هذي الحياة.
يخرج الأهل إلى حقل العمل
علّهم يأتون بالقمحِ وموسوعِ الأمل
ويعودون إلى الدّار بُعَيد العصرِ أو قبلَ الظّلام
وتصون الدّار أختي ..ثمّ تأتي جدّتي أمّ الكرام
كان ذاك الوقت متّسعي
أصرف الوقت بأصناف اللّعب
لا أَكِلُّ ..لا أَمِلُّ..لا أريد المدرسة .
فجأةً جاء صباح
غيّر المجنون مَنْحى طَرَبي
إذ رآني جارُنا قرْبَ غُرَف
يدرسُ الطّلّابُ فيها..يضحكون.. يمرحون ..يأكلون
ينشدون في طرب
وإذا بالجار يحملني وقد هُنْت عليه
فصرخت …واعترضت وتوسّلت إليه
يا إلهي !كيف يرضى الجارُ أن يحرمَ روحي
من هواها وصِباها
متعةً كانت ولا أهوى سواها
جاء بي الجار وقال:ستُّ هذا طالبٌ
هو جيل المدرسة !!
وأراه كلَّ يومٍ …قربَ هذا الصّفِّ يلهو
يسمع الألحانَ ممّا الصّفّ يشدو
وإذا حاولت إمساكًا به …يجري ويعدو.
وإذا بالستّ تأتي بمحاذاة صُراخي
وتقول : لا عليك يا ملاكي!!
أنت ضيفٌ عندنا
فتمَلملتُ قليلًا , وغفت عيناي من صوتٍ حنون
ثمّ قالت :ما دهاكَ يا صغيري؟؟
إفتحِ العينين لا تُبدي الخَجل
واجبٌ أن تخجلَ الستُّ وما هانَ البطل
هدّأت روعي وكانت
نعمةً لم أحظَ من قبل لقاها
رغم جيلي شبَّ قلبي في هواها
ثمّ جاء الوقتُ … وقتُ الأكل والكلُّ فتح
ما لديه من قليل الأكل أو حلوى فَرَح
فنظرْتُ ..كلّهم مدّوا الأيادي.. فخجلت
وإذا الستُّ الملاك …قُربَ روحي
وأتى الصّوْتُ ينادي :هل أكَلْت ؟
تاهت الرّوحُ بها
خنقت روحي من الأعماق ..فبكيت.
أذكر الصّورة في كلّ وضوح
قامَتِ السّتُّ بتقسيمِ شطيرة
هي ما تملِكُها هذي الأميرة
قدّمَتْها في حُنُوٍّ ولياقة
غّذت الرّوح بأخلاقِ الأناقة
ثمّ قالت : في الغد الآتي ستأتي ومعك
كلّ ما ترغب من أكلٍ وحلوى وعلك
منذ ذاك اليوم أهْوَى المدرسة
وأقوم الصّبح فجرًا
أشرب النّورَ وروحي هامسة
لك ربّي كلّ شكرٍ للنّفوس الغارسة.
ملاحظة :معلّمتي كانت من الطيبة المثلّث واسمها بثينة حسني صالح جبارة
أرجو ممّن يقرأ القصيدة وله علاقة ومعرفة بهذه المعلّمة الفاضلة إيصالها مع كلمات شكر وتقدير خاصّين يليقان بها .
ما أجمل هذه الكلمات , لقد أعدتنا أيّها الكريم إلى طفولتنا , روعتك أنّك لا تنسى أهل الجميل لأنّك جميل ..وتحيّة لمعلمتك الملاك .
كثير. حلو الشعر مثلك ياعسل ويا ورد الياسمين والقرنفل
من أجمل ما قرأت هذه السنة ,وسأقرأها لطلابي لأنها تستحق أن يسمعها الصغير قبل الكبير ,تحمل من أسس التربية والأخلاق الكثير , ومن ردّ المعروف ولو بعد حين ,كنت أتمنّى لو كتبت هذه القصيدة من أجلي , لأنّها تاج على الرّأس , بارك الله بالشاعر ومشاعره الفياضة وتهنئة خاصة لمعلمته الأصيلة.