القصيدة السمراء
تاريخ النشر: 06/06/12 | 8:45هنا..
حين فاضت جداول حزنك
على خدود قلبك
أخذت كمشة تراب مصمصي
في جيب معطفك المغبر بالزعتر
لتنثررها قطرات..
على حدود ظلك،
في المرايا النيووركية..
هناك..
من فمك …
تشتعل إنتفاضة حزنك،
في مترو منهاتن..
تحت المصابيح الكهربية..
فينسكب الحب العامري
في خطوط الهاتف الدمشقي البيروتي..
الحيفاوي اليافوي..
ممزوجا بعطر نعناعك..
هناك ..
تجتمع خلايا الذاكرة المهرولة
كخلية فدائية..
نحو حريتك الموعودة
في سماعات الة التسجيل الساخنة كجدران جهنم..
والمرطبة بجزيات معتقة….
من حنينك المجيدوني..
التكدست في خلجان فؤادك
فما عاد يحتمل رفرفة جناحي فراشة…
تطل عليك من المنشية..
ولا طنين نحلة جبلية
او قافيه متخفية مكشرة..
وما عاد يقبل فؤادك..
دعوات التحقيق المبعثرة
على مائدة الفطور..
ترطبها منقوشة بزيت تخرج للتو من معصرة..
ما عاد قلبك يقبل..
اختباء مقال.. سجلته بالحبر السري.
وكان تفاصيل الحياة صارت مسخرة..
***
هنا..
ماذا يعطيك الأمل حين يتكدس الألم..
بعلو عمارات الكرياة ..والموساد والشاباك..
سوى قفزه لمقعد طائرة…
جانب الشباك..
تبلله دموع الوداع…..
وتعثر الكلمات في الحنجرة…
يلعن دولة ..
اصبحت سجن لنسر..
وأمست معتقل لبلبل وقبره…
باختصار ..دولة مدبرة صارت مدبرة..
****
يا راشد..
يا راشد التكوين والتلوين ..
والكفين…والجبين..
يا راشد القلم والقوافي والقصيدة..
يا حسين السمرة..والأحلام الزهيدة..
من لفح الشمس سرقت سمرة الوشاح..
ومن همس السنابل..
استعرت بلسم الجراح
وهاجرت للقصيدة..
وطيب الكلام…صار سلاح
تحكيه عن حرية لا تغفو ولا تنام..
وعن وطن .. سرقوه ..
وعن شعب صار اسمه الان .. شعب الخيام..
تحكيه عن تمرد لعكاز وحجاره…
.كما في الاحلام…
****
اذا.. كيف تغفو وكيف تنام…
حين تفيض جداول حزنك
على خدود قلبك..
والسهام تتلوها سهام..
والقنابل تحرق الحجارة والفراشات والحمام..
اذا كيف تنام…؟؟
وجنازير دبابات فولاذية عتيقة..
في سجل التاريخ هي صديقة
تسحق اللحم الآدمي على تلال الزعتر..
اذا كيف تنام…؟؟؟
وجيش جرار..
يسحق الجدة والطفل والحقيبة والدفتر..
فكيف تنام؟؟
ورصاص المجندون يعبر الشبابيك…الى البيدر..
كيف تنام…ولا تصحو…
وفي مصمص قلوب…
ترحل اليك….
تناجيك ليل نهار ..ولا تغفو…
كيف تنام؟؟؟ ولا تصحو..
قبل ان تقطع يدهم؟؟
وقبل ان تكسر قيدهم…
وتسحق كيدهم..
كيف تنام؟؟
******
هل وضعوا لك سما في معتقك الأحمر…
ام غمروا فضائك
بغاز اغبر او اصفر أواخضر؟؟
ام رموك بسحر نار..
تاكلك بصمت دون تذمر..
فتنام لأبد الآبدين..
بلا همس.. ولا انين..
بلا قلم… بلا قصائد وقوافي..
بلا حلم أمل وداع دعاء للروح شافي
فتسمو من قلب القصيدة..
وتسمو من روح شعرك الوافي ..
لتعود وتنام على تلة…
ترقب منها نورالشمس…وزهر اللوز…
والمطر الناعم الصافي…
****
وكيف لا تنام يا راشد القلب والحب والحكاية..
وأحباب في البلد لك..
يصبحون عليك بعطر التحيات
ويمسون عليك بهمس العوافي..
(كلمات مهداة الى الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل راشد حسين.)
يا لروعة الحروف وهي تتنقل بخطوات واثقة نحو هدفها الأسمى ….لتنقل لنا صورة عنفوان شاعر أسمر قال كلمته المشهورة :”أحمد لن أنكسر”….وقد استطعت أيّها الأخ الشّاعر أن تسطّر مراحل مهمّة في حياته تمثّل مقطعًا عرضيًّا لتاريخ قضيّتنا …ومهما حاولت ربط الجزئيّات سأفشل ..لأنّك دخلت أدقّ التفاصيل ولا أريد أن يفتقدها القارئ ..فأنسحب بهدوء ودعائي أن يزيدك الله عطاءً وخصوبة….تحيّاتي.
لا يوجد كلمات تظهر مدى الرقي في كتابة هذه الاسطر