الأساس الثالث: سنة أولى زواج

وقد جمع الله بينكما في خير وانتقل كلاكما لمكان جديد لم تألفاه ولم تسكنا فيه بيتكما الذي انفقتما الكثير من الوقت والمال لتجهيزه. فالبيت جديد لكليكما وستبدأن سويا بكتابة الذكريات فيه ولمسؤوليات جديدة لم تألفاها من قبل. اول سنة للزواج تكون ممزوجة بأحاسيس متضاربة احساس بالحب والفرح واحيانا بالغربة احيانا اخرى بالحنين للعزوبية ولبيت الاهل. وللأسف البعض يشعر ان شريك حياته قد خدعه فهو لم يبقى كما كان ايام الخطوبة تغير كثيرا او يرى الزوج ان زوجته تغيرت كثيرا فيبدءان بالتذمر كما يتذمران بأن الحياة مملة وليست مليئة بالإثارة. ولكن لحظة تمهلا فالزواج ليس كالخطوبة في الخطوبة يرى العريسان بعضهما لوقت قصير ومخطط مسبقا يريا بعضهما وهما بأجمل حلة وهما سعيدان بهذا اللقاء. اما في الزواج فيرى الزوجان بعضهما في ظروف الحياة العادية يتعرفان على عادات وطباع بعضهما كطباع الاكل والشرب، النوم والعمل. يكونان مع بعضهما عند الفرح والحزن والغضب. هذه الامور تجعل الحياة حقيقية وليست مزينة بالورود والاحلام. كما ان الحياة الزوجية تحمل في طياتها الكثير من المسؤوليات فمسؤولية الزوج الانفاق على بيته والاهتمام بزوجته واهله وعلى الزوجة الاهتمام ببيتها وبطلبات زوجها وايضا الاهتمام بنفسها واهل زوجها وعملها ان كانت تعمل. بالإضافة لذلك على الزوجة حفظ زوجها بماله وعرضها كما عليها طاعته فيما قال لها وعدم الخروج من بيتها الا بإذنه او ما اتفق بينهما كما عليها ان لا تدخل بيته من لا يحبه في غيابه. ولكن لا مانع ان تكون الحياة الزوجية مليئة بالحب والورود والاثارة. لكي تكون كذلك يجب على الزوجين تذكر الاتي:

1. المشاركة والإحتواء- عندما خلق الله ادم عليه السلام واسكنه الجنة، رغم سكنه فيها واكل الثمار والشرب من الذ الانهار الا انه مل لوحده اراد ان يشاركه احدا من نوعه بهذه الامور اراد ان يشاركه احد سعادته فخلق الله من ضلعه امنا حواء ففرح بها وعندما سألها من انت قالت انا زوجتك. فمن المهم ان يشارك الزوج زوجته في افراحه واحزانه كما من المهم ان تشارك الزوجة زوجها افراحها واحزانها. يجب ان يتحدثا عن ما يمر عليهما خلال النهار. هذه الامور تجعل الزوجان يفهمان بعضهما البعض اكثر كما تجعلهما يحتويان بعضهما بالحب والحنان.

2. التقدير والاحترام: كل منكما يستحق الاحترام والتقدير لشخصه فلا تتعاملا مع بعضكما بدون ذلك فالاهانة من احدكما للاخر تهدم البيت وتولد نفوسا مهزومة لا تستطيع التعامل مع الاطفال والعالم المحيط. فتقدير كل منكما للاخر يرفع معنوياته ويعطيه طاقة لمواجهة العالم الخارجي. فالتقدير يكون بأخذ رأي بعضكما بما تواجهان من امور الحياة، يكون باستإذان الزوجة لزوجها للخروج من البيت ، يكون بقول الزوج لزوجته اين يذهب. هذه الامور تشعر شريك الحياة بأهميته للاخر.

3. الحب والمداعبة: ربط الله بينكما بميثاق غليظ وزرع بينكما الحب فلا تهملانه فالحب يعمل المستحيل فلا تنسيا التعبير لبعضكما عنه بالكلام والهدايا والابتسامة. فرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل من احب الناس اليك؟ قال : عائشة” لم يخجل من حبه لزوجته بل كان يداعبها ويناديها باجمل الاسماء كان يقول لها ” يا عائش، يا حميراء”. فناديا بعضكما باجمل الاسماء والصفات وعبرا عن شوقكما لبعضكما البعض. ولا تقولا لسنا متعودان بل عودا نفسيكما لان للامر اثر طيب في القلب.

4. الشكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من لا يشكر الناس لا يشكر الله” فمن المهم ان تشكرا بعضكما على ابسط الامور. كشكر الرجل لزوجته على ترتيب البيت، تحضير الطعام. كما لا تنسى الزوجة شكر زوجها على شراءه لما يحتاجونه في البيت، شكره اذا ساعدها في المنزل او لبى لها إحدى الطلبات فالشكر يزيد من رابطة الحب بينكما ويجعلكما تريدان فعل المزيد لكسب حب الزوج والزوجة.

5. انتما مختلفان: الزوجة انثى والزوج رجل كلاكما مختلفان بطبيعتكما التي خلقكما الله عليها فلا تتوقعان ان تكونا متماثلان لان ذلك مستحيل. فالمراة اكثر عاطفية ، ودودة تحب الاستماع لحديث زوجها. بينما الرجل اكثر عقلانية ومنهم من يحب الهدوء وقليل الكلام وكتوم ويحب ان يشعر برجولته واحتياج زوجته له فلا تشعريه بانك لا تحتاجينه.

6. لا للتغيير- عند الزواج يكون عند الزوج او الزوجة فكرة انني سأغير شريك حياتي كما احب . لا تفكرا كذلك تقبلا شريك الحياة كما هو احترم عاداته وطباعه. امنحه الحب والحنان وستلاحظ انه سيتغير للافضل بدون شك لان كل انسان منا يطمع في داخله للحب والاهتمام.

7. الصراحة: على الرجل مصارحة زوجته بما يحبه وما يكرهه في تزيينها له في طبخها له وفي امور الحياة المختلفة ولكن يجب ان يختار الطريقة الملائمة ف”لا تكن فظا غليظ القلب فينفضوا من حولك”. كما عليها ايضا فعل نفس الشيء فلا تترك تصرف من زوجها يؤذيها دون ان تصارحه ولكن باختيار الوقت المناسب والطريقة المناسبة. لأن مصارحتكما بما تحبان وتكرهان تجنبكما النزاعات والمشاجرات وتزيد المودة والحب بينكما.

واورد هنا قصة لطيفة عن هذا الامر وفيها ان القاضي شُريح يحدث عن نفسه يقول :

عندما دخلت على زوجتي رأيتها بارعة الجمال ,فصليت ركعتين شكراً لله ,فلما سلّمت رأيت زوجتي تصلي بصلاتي , فلما أردت أن أضع يدي عليها –

قالت على رسلك ,ثم قالت أحمد الله وأصلي على رسول الله وبعد:

يا أبا أميّة: أنا امرأة غريبة عليك , بيّن لي ما تحب فآتيه وما تكره فأكره؟ يقول فأحوجتني إلى الخُطبة ,فقلت: أحمد الله واصلي على رسول الله وبعد :أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا,وما رأيت من شر فاستريه وما رأيت من خير فانشريه, قالت :كيف تحب أن تكون زيارتي لأهلي ؟

قال:أحب أن لا يملّوني-

قالت :من تحب من جيرانك ومن تكره؟

قال: بنو فلان أناس صالحون وبنو فلان أهل سوء.

يقول: فمكثت معها سنة وأنا في أرغد حال, فلما كان بعد سنة- جئت فرأيت امرأة عجوز, فإذا بها أمها تأتي لزيارتها, فقالت لي: يا أبا أمية كيف رأيت أهلك؟ فقال نعم الزوجة ابنتك

8. التجديد: عند استقراركما في بيتكما ومعرفتكما الامور المختلفة عن بعض لا تستسلما للملل بل اكسرا قيوده بالتجديد “ليس تجديد المنزل” انما تجديد علاقتكما بالخروج لمطعم، لرحلة جديدة او حتى لفندق. ببدأ مشروع سويا كقراءة قصة او كتاب تتنقشان عن ما جاء فيه او حتى صحيفة محلية او موقع بقجة. او مارسا هواية يحبها احدكما او كلاكما شاركا في حلقة دينية في المسجد وغيره من الامور التي تلائمكما.

9. لا للصمت: كثير من البيوت تعاني من الصمت فالازواج لا يتكلمون الا ماذا نشتري وما ينقص البيت. واحيانا يقولان بما نتكلم يشعر الزوج انه لا يستطيع الكلام مع زوجته كما يتكلم مع اصدقاءه وكذلك الزوجة. يمكنكما الحديث عن كل شيء فأحدكما مكمل للأخر، تكلماعن ذكرياتكما وانتما اطفال، عن اشياء تواجهونها عن اشياء تفكرون بها. المهم ان تملئا البيت صوتا نديا يدفئ القلوب والعقول ويقرب المسافات بينكما ويجعلكما واضحين كلا للاخر.

هذه النقاط من شأنها ان تقربكما من بعضكما البعض وتمرا صعوبة سنة اولى بنجاح وتأسسا بيتا مليئا بالحب والعطف والتفاهم.

الاساس القادم—الحمل

كتب في ذات السياق:

الاساس الاول” نحو اسرة سعيدة “

الاساس الثاني – الخطوبة والزواج