القصيدة السمراء…
تاريخ النشر: 08/06/12 | 8:51“لفحتها النيران فاسمرت..
وما احترقت….ولكن شبه لهم…..
انها ماتت وإندثرت…..”
هنا..هنا
ومثلما هناك..
حين فاضت جداول الحزن
على خدود قلبك
واخاديد جرحك
أخذت من الحي القديم..
كمشة تراب..
تعفر بغبار الزعتر..
في جيب معطفك المشفر..
لتنثررها قطرات حنين..
زكية شقية نقية
على حدود طيفك،
في مرايا الحي الجديد…
في الفنادق النيووركية..
*****
هناك..ومثلما هنا.. هناك
تشتعل…
من فمك …
ومن المك
تشتعل من همك ووهمك
من كتمك حلمك ردمك عتمك
حتمك يتمك
ومن دمك..
تشتعل في مترو منهاتن..
إنتفاضة حزنك،
الحبلى بالشوق والغربة..
تتيه تحت المصابيح الكهربية..
فينسكب الحب العامري
في خطوط الهاتف البيرودمشقي
فيفوح عطر نعناعك
المهرب من الجمارك
كالممنوعات..
ليبرق شعاعك..
في عتمة المخيمات..
*****
وهناك.. لا هنا…
هناك في لا سواك..
تجتمع خلايا الذاكرة المهرولة
كخلية فدائية..
نحو حريتك الموعودة
في سماعات الة التسجيل الساخنة كجدران جهنم..
والمرطبة بجزيئات معتقة….
من حنينك المجيدوني..المجيد
تكدست في خلجان فؤادك
فما عاد يحتمل رفرفة جناحي فراشة…
تطل عليك من المنشية البيضاء..
ولا طنين نحلة جبلية
اثقلها رحيق زعرورة
حملته اليك من فيافي الروحاء..
وما عاد قلبك يحتمل….
دعوات التحقيق المستنفرة
على مائدة الفطور مبعثرة..
بللتها منقوشة..
بزيت تخرج للتو من معصرة..
ما عاد قلبك يقبل..
اختباء المقال..
سجلته قصرا بحبرك السري…
حين استصرخ الوطن بالسؤال
عن الجريمة والمجزرة..
وكان تفاصيل حياتك..
عندهم.. صارت مسخرة..
***
هنا.. مثلما هناك…
ماذا يعطيك الأمل الداكن…
حين يتراكم الألم
في كل المساكن…. والأماكن..
بعلو عمارات الكرياة..
والموساد والشاباك…..
سوى قفزه لمقعد جانب الشباك..
في طائرة.. كالصقر مستنفرة
لا تملك فيها الا الأختناق..
وفي جيبك بقايا التذكرة…
شباك تبلله دموع الفراق…..
وشهقات الوداع في الحنجرة…
وكلمات تلعن دولة..
اصبحت للنسور معتقل
وأمست سجن.. لكل بلبل وقبرة…
****
يا راشد..
يا راشد التكوين والتلوين..
رافع الكفين… والجبين..
يا راشد القلم والقوافي والقصيدة..
يا حسين السمرة..
والأحلام الزهيدة..
سرقت من لفح الشمس سمرة الوشاح..
ومن همس السنابل..
استعرت بلسم الجراح
ونزحت لاجئا للجريدة والقصيدة
وطيب الكلام منك صار سلاح
تحكيه عن حرية.. وكفاح
لا يغفو ولا ينام…
والحكام بالخطابات هيام…
وعن وطن سرقوه
في عدة ايام..
وعن شعب نكبوه..
وصار اسمه
شعب الخيام..
تحاكيه انت عن تمرد…
لشيخ وعكاز.. وحجر…
كما في الافلام ..
او الأحلام…
لانك تعرف جيدا..
ان الحكام..
عن الكفاح والتحرير.. صيام.. ونيام
****
اذا..
هناك لا هنا…
كيف تغفو… وكيف تنام…
حين تفيض جداول حزنك
على اخاديد جرحك…
والسهام تتلوها سهام..
والقنابل تحرق الفراشات والنحل
والحمام والأنام…
اذا.. اذا كيف تنام…؟؟
وجنازير دبابات الفولاذ العتيقة..
سجلها التاريخ انها صديقة
تسحق اللحم الآدمي على تلال الزعتر..
اذا كيف تنام…؟؟؟
وحرب تزمجر..
تسحق الطفل والحقيبة والدفتر..
وكيف تنام؟؟
ورصاص ساخن يعبر شبابيكنا…
يخترق الاجساد ليحرق البيدر..
وكيف تنام…ولا تصحو…??
وفي مصمص قلوب…
اليك كل صباح ترحل….
تناجيك تحاكيك وتسأل..
وكيف تنام؟؟؟ ولا تصحو..
قبل ان تكسر يدهم؟؟
وقبل ان تحطم قيدهم…
وتسحق كيدهم..
كيف تنام؟؟ وتغفو
تنام ولا تصحو؟؟
******
هل دسوا لك السم في المعتق الأحمر…
ام رشو فضائك
بغاز اغبر اصفر واخضر؟؟
ام رموك بسحر نار..
تأكلك..؟؟
حيا وحيدا غريبا صامتا
بلا تألم او تذمر..؟؟
فنمت لأبد الآبدين..
بلا همس..
بلا صلاة ولا أنين..
بلا قلم…
بلا قصائد وقوافي..
بلا حلم أمل وداع ودعاء للروح شافي
فتسمو من قلب القصيدة..
وتسمو من حسك الوافي ..
لتعود وتنام على تلة…
ترقب منها نور الشمس
وزهر اللوز تدلعه ..ولا تجافي..
تستحم بمطرها الناعم شتاء..
وصيفا..
يداعبك فراشها وطلها الناعم الصافي…
****
وكيف لا تنام ..
يا راشد الحب والحكاية والقوافي
ورفاق لك..في البلد يحكون الرواية..
ويصبحون عليك بعطر التحيات
ويمسون عليك بهمس العوافي..
مهداة الى الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل راشد حسين في مؤتمر جبهة مصمص..