الرّوحا السَّمراء

الروحا ….
هي عنواني
منذ اللجون
وخبيزة والكفرين..
الروحا العاشقة الوحيدة..
تنثرني
بين أحبابي
كحبات زيتون
وطعم الزيت
والناس الطيبين
أهديت لساني
مرة
وجسدي مرّات
لعاشقة من فلسطين
لشجرة زيتون
للزيت والزعتر
لنخلة تتطاول
في شوارع بيسان
آآآه …
لولاكِ
يا روحاء ..
لقتلت حزني
وداويت جسدي بفدائيٍّ
من أبعد البحار
آآآهٍ ..
يا سمراء ..
لا تعصري عظامي
وتضعيني وحيداً
مع القمر ..
فأنتِ تستعمرين البصر
منيتي ..
أن أكون معك ..
أحلى من العذاب يا سمراء .
سأدعوكِ تلحنين
القصيدة ..
وأنا مكتوف ألأيدي
وأنتِ ترشين البخور
على جسدي
تلحنين أغنية
سقطت توّأً
في السوق القديمة
في زمّرين
كان جيبي فارغاً
من الحزن تماماً
وكان المكوث هناك
يأمرني بتسجيل النفوس
والتّخلي عن ذوي القربى
سأدعوكِ يا روحاء
لوليمة في دهاليز العشق
وعلى شرفة
قرب بيتي الذي كان
انتقلنا يا سمرائي
من بيتنا القديم
وتبادلنا الوطن
ببقايا اوطان
بنينا وطناً
على مقياس
أولاد اللعنة ..
وطناً مهزوزاً
كسعف نخلة
يقبع داخل عباءة العروبة
يتوسل حضانتها
سأدعوكِ سمرائي
لعشاءٍ فاخرٍ
على عربة الموت
وأشياءٍ أخفيتها بمطلع العمر
وعيدانٍ .. سرقتُها
من بقايا الشعب
ومن قطرات إبرة في حلق فقير
وعكازٍ مُسجَّلٍ بقائمة المجرمين
يلعنُ أولادَ اللعنة
في الأول من تشرين
يستيقظُ الشهداء
على رائحةِ زيتونة
في الأول من تشرين
اعتَدْتُّ مجالسةَ العشّاق
أبادلُهم سَمرَ الماضي
وهمهماتِ الشوارع القديمة
في الأول من تشرين
أستيقظُ على صوتِ فيروز
خَبْطِتْ قَدَمكُم
وفرقعةِ حبّاتِ الزيتون
في الأول من تشرين
انحَنى ظهري
لها ..
أبحث عن زيتونة
وحجرِ زاويةٍ
حاضرٌ في الذاكرة
كان هذا في الأول من تشرين
عندما هاجمتني
قَصاصاتُ الأوراق
بعاصفةٍ كبيرة
أسقطتني في حضنِكِ
يا سمراء ..
وانكسَرتْ ذاكرتي
وارتَوى كلُّ مَن حولي
وكنتُ أنا العطشان
أصبح الوطن
مجرَّدَ خرائط .
كلُّها مطويةٌ في جارورِ
اولادِ اللعنة
وبلادي تطالبني بمقعدٍ
لعشيقتي السمراء
وأنا مرميٌّ
بين شتاتِ البساتين
ومنشار الجديد
يتجول بين الدروب
وشهيد الصباح
دفنّاه مع شقشقة العصافير
ونُلحِقُهُ بشهيد المساء
ومن ورائه ألفُ شهيد
بلادي لا تضحكي
الآن صرتُ شاعراً
أستشهِدُ بالزهور
نائماً
ملَفَّعاً
بأثواب الزعتر والزيتون والزيزفون
** الروحا هي التلال الواقعة بين وادي الملح شمالا ووادي عاره حنوبا ومرج ابن عامر شرقا وزمّرين (أرض المراح) غربا

بقلم: الشاعر خالد إغبارية