المدونــــة الخامــســة
تاريخ النشر: 10/06/12 | 6:36
תהליך = سَــيْـرورة هذه اللفظة العبرية תהליך هي في الإنجليزية process، وأذكر أنني شاركت في ابتكار ترجمتها مع بعض الأصدقاء من بينهم الدكتور محمود أبو فنة، ولا أستأثر بها، وذلك في أوائل السبعينيات، وكنا يومها ندرس موضوعًا تربويًا، فسيرورة ليست في المعاجم كالمورد، ولا هي حتى في قاموس سغيب في ترجمة اللفظة العبرية، ففي المورد: سلسلة من العمليات المتعاقبة، سير، تقدم، وفي قاموس سغيب: عملية، تسلسل، الأمر الذي يدل على أن (سيرورة) من ترجماتنا المحلية التي اضطررنا إليها، ونجحنا فيها، وهي شائعة اليوم إلى درجة أننا نسينا كيف بدأت.
غير أن بعض الأصدقاء يومها آثر (صيرورة) بالصاد، وأرى أن السين أولى، ذلك لأن الفعل (سار) يدل على حركة وتطور بينما الفعل (صار) هو تحول، بل هو في الأصل فعل ناقص.
הליך = إجراء هذا اللفظ من لغة القضاء والقانون הליך משפטי, הליך חוקי، وقد رأيت أن (إجراء) أكثر ما يلائم بين ألفاظ أخرى في الترجمة، وقد وردت في المعاجم ضمن تعابير أخرى ((كالمسار والمسلك والطريقة) فلنكتف بالإجراء، ولنحدد، فكل لفظة مما ذكرت من البدائل لها سياق آخر، ومن الضروري جدًا تحديد اللفظة لمعنى محدد أولى، وهذا الأمر يذكرني بترجمة محددة للفظة شائعة جدًا، هي: בסדר = تمام.. فهذه اللفظة العبرية طاغية جدًا، ولا يكاد يسلم من الوقوع فيها إلا القليل الأقل. والسبب في رأيي أن كثرة الترجمات والمرادفات في الفصيحة والعامية (طيب، مليح، حسنًا، كويس، إن شاء الله، جيد، عال، تمامًا….إلخ) حالت دون اختيار مفردة محددة تكون قوية الاستعمال، فتصول وتجول، وأنا هنا أقترح أن نستعمل لفظ (تمام) ونشيعه، وبالفصيحة (تمامًا)، فالأتراك مثلاً يستخدمونها، مع أنها من لغتنا، والتعبير ناجح، ويشهد على ذلك متابعو الأفلام التركية، وزوار تركيا في رحلاتهم الصيفية. تمام تمام! * * * * استمعت إلى معلم يخاطب زميله بلغة (عِـرْبِــيّة) أي مزيج بين العربية والعبرية- كما اصطلحتُ عليها: – فتحت (المحاشيب)، وحضرت الـ(متسيغت) ووجدت (التوخنا) قديمة – في الصف (مقرين)؟ بالطبع استخدم الأول (ال) التعريف العربية، وجعلها في بداية كل لفظة عبرية مما يلي: מחשב, מצגת, תוכנה بعد أن أبديت إعجابي أولاً للتِقنيات، أبديت عجبي لهذه اللغة المختلطة. سألني: وهل أنت ضد اللغة العبرية؟ فأجبته: لا يا عزيزي، فنحن يجدر بنا أن نحسن العبرية، ولكني لا أوافق على هذا المزج الحاد بين اللغتين، وكأننا نبتكر لغة ثالثة. سألني: إذن، ماذا أقول؟ قل يا صديق: فتحت الحاسوب، وحضرت العارضة، ووجدت البَـرْمَجية قديمة، وعلى صاحبك أن يقول هل في الصف عاكس؟ – أنت على حق، مع أن بعض الألفاظ صعبة على اللسان، ولكنا سنعتادها، وأنا عندما أقول للطالب: "شغل حاسوبك" أسهل وأحسن لفظًا من (شغل مِحَشيبك)، وأدرس الحاسوب أفضل من أدرس (مِحاشْبيم)، مع أن اللفظ العبري الصحيح الذي ينبهوننا عليه هو (ماحْشِيبيم). وعندما أقول (عارضتنا) أفضل من (متسيغتنا)، وصدق المتنبي: لكل امرئ من دهره ما تعودا! فلنتعود!
انت كاتب رائع بكل معنى الكلمة …لكن سبحان الله كم تشبه الاستاذ عاطف مسعود