شباب اليوم, قادة أم ماذا ؟!
تاريخ النشر: 11/06/12 | 5:47أقلت جيل الشباب؟! ماذا تقصد؟ وإلى ماذا تشير وتلمح؟! أقلتَ أنني شاب ؟ وما الغريب في ذلك؟! مرحلة كباقي المراحل تمر وتنقضي, أيام بيني وبينها, ثم تَحُلُّ وتنتهي… لكن إن قصدت بقولك أنني شاب, أخرج مع الأصحاب أقضي معهم الأوقات واللحظات, والأعمال نفعلها ما شئنا وما حلا لنا, فكنت قد أصبت, وأُرْشِدْتَ وسُدِّدْتْ, فأنا اليوم مستقل أذهب حيث المراكز التجارية, أسافر مع الخلان, نلهو ونلعب ونتبادل الضحكات والقهقهات, نشاهد معا أفلاما مباريات ومسلسلات, إن شئنا التجمهر, فالمقهى سبيلنا, مقلنا ومآلنا, أتدري كم أسعد معهم, لولا أصحابي, لكانت حياتي فارغة, هاملة وخاملة, نعم أصبتَ في قولك أنني شاب.
فلقد تذكرت الآن ما معنى جيل الشباب, ففي غيرها من المراحل, سيكون من الصعب علي فعل كل هذا, والشعور بالنشوة في كل ذلك, لذا فَعَلَيَّ أن أستدرك شبابي, فأنا اليوم أفعل ما أريد, وقادر على المزيد, فسأستغل هذه الايام, وأقضيها وأمارسها مع أحلى السهرات والسفرات, فلربما لا تعود يوما… شكرا أخي من أعماق قلبي, لأنك قد زرعت فيَّ الوعي لاستدراك جيل شبابي. ( إلى هنا ينتهي كلام ذاك الشاب, وهو كلام الغالبية من شريحة الشباب, أو فلتقل, ما يدور في غياهب فكرهم, وهم لا يشعرون, وله غير مدركون ).
أخي الشاب, لأنت درة ثمينة مكنونة, غالية ثمنها باهظ, لكنها مفقودة, ونحن نبحث عنها, مجتمعك أخي الشاب يفتش ويُنَقِّب, يتتبع أثرك, لعله يصل ويهتدي لمكانها, فهي تائهة ضائعة, وليست لوحدها فحسب, بل اختفت وتلاشت هي والكثير من اللآلئ المذهبة الخالصة , لكنه قد غشيها الغبار, وعلت واعتلتها تلك الأوساخ… أخي الشاب, جيلك هذا جيلُ تفجر الطاقات, جيل هممٍ تهز الجبال العوالي, جيلٌ لتستطيع تحت لوائه تحقيق المستعصيات, وإحقاق الأحلام والأمنيات, وأحسبك ممن يتفق معي على طول الخط في هذا الجانب… لكن, أراك أسأت الإستخدام التوظيف والإقدام, غفلت عن جوانب كثيرة , لو تمعنت, أعملت النظر ودققت, لأراك شابا قمة في الهمة , وشهما في تحقيق المهمة, ومستبسلا في إنقاذ الأمة.
أخي الشاب, اشكر ربك واحمده, فقد مد في عمرك , ووهبك جسما بنيانه قويٌ شَامخ, مد في عمرك ورزقك جيل الشباب, فاسأل الكبار عن جيل شبابهم, فإنهم محزونون يتأسفون, نادمون وتائبون, لكن الندم وقتها لا ينفع ولن ينفع كي يعود ويستغله من جديد, فقد أمضى شبابه بلا فائدة , أمضاها مع هذا وذاك, لم يستثمر خلاصة جيله, فقد انجر وراء الملهيات, الشهوات والملذات, هو وأصدقاؤه في الظلمات, فهم فيها لا يبصرون.
حُـفِـرَتْ حَـيَـاتِـي أَيـّـامٌ فَـلِـي كُــتِــبَــتْ ,
ولـَـم أدري ولا أدري لأَيِّ الـْـمـَدَى خـُـطَّـتْ ,
وَكـَـمْ أُنـَاسٍ فـَـمـِنْ قـَـبـْلـِي لـَهـُمْ نـَكـَثـَتْ ,
حـَيـَاةٌ لـَهـُمْ بـاعـَتْ أقـارِبـَهـُمْ وَمـَنْ لـَهـُمْ حـَبـَّتْ ,
ألم تعد تستشعر أن حياتك وعيشك في هذه الدنيا, تبغي وتطلب بحفاوة منك المزيد, خَلْقُكَ أخي, كونك في هذه الدنيا, لم يأتِ من فراغ, لم تأت لتشرب تلعب وتنام, بل عليك أن ترسو بهممك بين الغمام, أو إن كنت ممن يستطيع تجاوزها فلك مني كل تقدير واحترام, فقد يباغتك الزمن, وتستدركك اللحظة, وتبقيك حائرا في أمرك, لكنك حينئذ ستكون أسير عملك, مكبلا بقيوده, منقادا أمامه, إما أن يُكْرِمَك, أو لا قدر الله أن يكون مُذِلَّك, فنجاتك صاحبي توبتك إنابتك, تركك الإنجرار والإنحراف, وأن يكون أسمى أمانيك, إرضاءه سبحانه كي يعزك ويرضيك , وتغنم في دنياك وأخراك فيجتبيك, فقف لحظات, دقائق وساعات, استحضر موقفك, إلى ما بعد موتك, ماذا سيكون مصريك؟!. لا تسوِّف فالموت أبدا لا يسوَّف, يأتيك على حين غرة, غفلة وبغتة, فاحرص أن تكون كمن لاقوا ربهم مستبشرين ضحكين, مستأنسين بربهم فرحين.
دقـــات قلــب المــرء قائــلة لـه .. إن الحيــــاة دقائـــق وثـــواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرهـا .. فــالذكـــر للإنسان عمــر ثاني
كي تكون من أولئك الناجين, الصالحين الداخلين, جنان رب العالمين, عليك تدارك أنفاسك, فانت في مرحلة تحسد عليها, تستطيع بها أن تسمو وتناطح عمالقة السحاب , فاتخذ قرارك, دعك من ذا الإنجرار, كن قائد نفسك, حاكِمَهَا ودافِعَها, واجعل زمامها بين يديك, وخذ بها حيث القدوة الحسنة, حيث سيرة حبيب الحق تبارك وتعالى, محمد المصطفى, عليه من الله أفضل الصلوات والتسليم.
أنت اليوم سعيد, وإنها سعادة مؤقتة, سرعان ما ستزول وتنتهي, تولي وتختفي, لكن احرص أن تنال السعادة الحقيقية, والتي لا مناص من زوالها, يوم لا ينفع مال ولا بنون , إلا من أتى الله بقلب سليم , فإن نلت الجنان, وبلغت المرام, وكسبت الجولة, فلتلك هي السعادة الحقة, لذا, انصبها وارفعها, خلدها منصبة أمام ناظريك, وُجْهَتُك فقط صوبها ونحوها, فإني أتمنى لك الخير كله, والصلاح والتقى, والعفاف والغنى, وأن يدخلنا الله في عليين, أنت والشباب أجمعين, وسائر المسلمات والمسلمين , برحمة الله رب العالمين…
وفي ختام توجهي لك خاصة , وللشباب عامة, أذكرك بأنني لم أكتب هذه المقالة لنتمتع بكلماتها, أو لنتحفظ من بعض زلاتها أسال الله أن لا يكون, لكني كتبتها تذكيرا لك, وحرصا عليك وعلى مستقبلك القريب والبعيد, فلكل منا مستقبل, ومستقبلنا القريب هو في هذه الدنيا, لكن المستقبل الأسمى, يوم تزف الآزفة, ليس لها من دون الله كاشفة.
فوظف أخي شبابك, لخدمة الأمة والمجتمع, فأنت عمادها, ومفتاح نصرها وظفرها, فكن لها خيرَ أمين, وخيرَ عاملٍ وقرين, كن لها قدوة, ارفع همتك, لترفع همم غيرك, واترك الإنقياد والإنصياع, لمن ليس فيه البر والإحسان, والطاعة والغفران, وكن ممن يختارون القيادة والقدوة الخيِّرة, لتسعد بها, وتسعد غيرك بعميم خيراتها, فإلى هنا أملت علي عواطفي, شفقة ورحمة, وخشية من عقابه سبحانه.
خطت أناملي بما فيه إن شاء الله خير, لنبني معا, أنا وأنت, مجتمعا غاية في الرفعة, في الخلق والاخلاق, في العلم والقيم, يدا بيد , وفكرا بفكر , وشخصية بشخصية, نحقق المراد, ونكسب المكاسب والصفقات, لتعم الفائدة, ونكون ممن رضي عنهم رب البرية, وخالق البشرية, متولي المؤمنين برعايته, ومُسَلِّمِين له الأمور والأقدار لحمكته.
اللهم خذ بأيدينا أيدي الشباب إلى ما تحبه وترضاه, اللهم وأخرجنا من الظلمات إلى النور, اللهم وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه, اللهم آمين آمين, يا مجيب السائلين, والحمد لكَ ربَّ العالمين.
بقلم: عروة جميل وتد
حلو كتير الشباب مش كلهم زي بعض بس شباب اليوم دلوعين مو عارفين شو بدهن من الدنيا