بين الرياضتين
تاريخ النشر: 13/06/12 | 2:01“لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.” تيموثاوس الاولى 4:8
جميلة وممتعة هي الرياضة الرّوحيّة، حين يروح المرء يجوس ويسوح من خلالها في دنيا الرّوح فيتأمل ويخشع ويسجد ويراقب عظمة الخالق وعطاياه ونعمه وفداءه العجيب، ففي السجود لَذة، وفي الخشوع مُتعة، وفي التأمّل تحليق. رياضة ولا أجمل تُنعش روحك وتُنشّطها فتتلامس مع السّماء وتتعانق مع الباري في وشائج من محبّة.
أحُبُّ هذه الرّياضة وأعشقها وأذوب جوىً بالتغزّل بالإله المُحبِّ فأروح أركض في بساتينه أقطف حلو الثمَر، وأعدو في حقوله حاملا سلّة البشارة أنثرها ورودًا فوق الرؤوس, أحِبُّ هذه الرياضة، وأحبُّ رياضةً أخرى، رياضةً تُنشِّط البدن والذهن…. أحبّها وأمارسها قليلا والأكثر أشاهدها، فمباريات كرة القدم تشدّني وتسرقني أحيانًا من نفسي، خاصّةً حين تكون على مستوى نفخر به ونفتخر، فهي لا تخلو من فوائد، فتُهذّب الاخلاق وتُقرّب الشعوب وتزرع في النفوس عنصر المُنافسة الشريفة.
لا انكر أنّني أعيش هذه الأيام عيدًا بل قل أعيادًا يوميّة فلا ملل ولا يحزنون، فاليورو يُتحفنا ليلة ليلة بأجمل وأروع المباريات..
انه شهر كامل- وقد ينقص قليلا- فيه نقضي الليالي نتجاذب اطراف الحديث فنراقب ونُحلّل ونتمنّى ونتحدّى ونتوقع ليالٍ صيفيّة كانت ستكون طويلة لولا هذا الحدَث الرياضيّ الرائع.
قد يقول قائل انّها مباريات قارة فقط وليست مباريات كأس العالم، وينسى صاحبنا أنّ الحديث يدور عن أوروبا السّبّاقة في كلِّ شيء حتى في الرياضة، فالملاعب الجميلة الخضراء والواسعة الأخّاذة هناك، وفقط هناك، ناهيك عن الحضور الجماهيري الرائع، امّا عن اللاعبين النجوم فحدِّث ولا حرَج.. انهم المتعة بعينها وأمّها, ولن ابالغ ان قلت ان العالم بأسره يعيش اجواء كرة القدم في هذه الايام حتى ان النساء بتن عاشقات لها.
مجموعات اربع… ستة عشر فريقًا…. وكلّها مُرشّحة للفوز بالكأس، فليس هناك ممّا يُسمّى” بالحصان الأسود” فالكلّ يملك كوكبة من النجوم تستطيع ان تبهر الجموع وتفوز بالبطولة، فالأسماء لامعة في دنيا كرة القدم والتي تقدّم الفنّ بلحمه وشحمه.
فهناك من يقول: المانيا
وهناك من يقول اسبانيا حاملة الكأس ستحافظ عليه، وهناك من يُذكّرنا باليونان والدانمارك اللتين فازتا بالكأس في مرات سابقة قريبة و… والكل يمتلك البراهين والأدلّة والحجج…. والزمان القريب سيكشف.
حقًّا اسماء لامعة تمتلك الخيال الواسع الأفيح والرؤيا البعيدة الشاملة.. اسماء يصعب أن أعدّها، فلو أردت أن اكون مُنصفًا لذكرتهم كلّهم ولكنني اكتفي بالبعض معتذرًا:
جوميز، اوزيل، الونسو، ريفيري، ابن ذمّة، نصري، شنايدر، بيكيه، بوفون، آفيلاي، بيرلو.. واللائحة تطول…
الأيام تمرّ سريعًا والليالي كذلك وكنت وكنّا نريدها ان تستمرّ فننعش الروح بجمال “الكلمة” وننعش البدن ونُمتّع العيون بجماليات الفنّ الكروي..
الايام تمرّ والليالي كذلك.. ولكن لن يفوتنا ان الاولمبيادة على الطريق..
فنعم للرياضة البدية، والف نعم لرياضة الروح.
بقلم زهير دعيم