المسجد الاقصى محور الصراع الديني الحضاري على ارض الميعاد
تاريخ النشر: 19/10/14 | 23:26مُخطئ من يظن أن الصراع الدائر حالياً في القدس وضواحيها ، والآخذ بالتصاعد يوماً بعد يوم ،والمتمثل بالغزو المكثف للمسجد الاقصى من قبل جهات متطرفة يهودية وبمرافقة قيادات دينية وسياسية ، مخطئ من يعتقد بان هذه الصراع يهدف من اجل السيطرة على ارض او اماكن مقدسة، ولكن الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان هي بان هذا الصراع جذوره دينية عقائدية وامتداداً للصراع اليهودي العربي على ارض فلسطين وهو صراع ديني وحضاري بدون ادنى شك.
ومن هنا وبناء على ذلك لا ولن يسجل التاريخ يوماً قبول أي مسلم مؤمن متمسك بعقيدته بمبدا التنازل او التخلي عن حقه التاريخي والديني والحضاري عن اي شبر من بيت المقدس واكناف بيت المقدس ولو كلفه هذا حتى التضحية بحياته ولن تثنيه ولن ترهبه المجموعات الدينية اليهودية التي تكثف من محاولاتها لتحقيق حلمها باقامة الهيكل المزعوم وتكثف من تواجدها وسيطرتها على اراضي الضفة الغربية ، وخاصة الاماكن الدينية منها كالحرم الابراهيمي والحج المتكرر الى قبر يوسف في نابلس وقبر راحيل في بيت لحم وتكثيف الاستيطان في القدس ومحيطها ايضاً برعاية حكومات اسرائيل المتعاقبة.
رغم حقيقة هذا الصراع الآ ان هناك من بقي يؤمن بالحل السلمي محاولاً اقناع نفسه واقناع الآخرين بان الصراع هو خلاف على مساحات وحدود وليس صراع على الوجود. ولا يوجد ادنى شك بان المؤسسة الاسرائيلية تدرك هذه الحقيقة جيداً ولكنها تفسح المجال للبعض بمواصلة تسويق الحل السلمي ووحل الدولتين لشعبين واللعب على وتر المفاوضات العبثية وحتى انها ورغم انهيار تمثيلية اوسلو نهائياً الآ انها ترفض الاعتراف بذلك وتتعامل مع سلطة اوسلو بندية رغم كونها الاضعف في الشارع الفلسطيني، وادراكها بانها سلطة فشلت بتحقيق ادنى الثوابت والمطالب الفلسطينية وتحولها من حركة تحرير وطني الى مجموعة من التجار تساوم وتتاجر بالقضية وتلهث دوماً من اجل الحصول على المزيد من الامتيازات المختلفة وبوساطة شخصيات قيادية من عرب الداخل الفلسطيني ايضاً،وتبين لاحقاً ان هذا الشريك المفاوض اوهن من بيت العنكبوت ولا يملك اي قوة تأثير على الشارع الفلسطيني رغم تعدد وكثرة اجهزته الامنية والاموال الطائلة التي تغدق على سلطة اوسلو لهذا الغرض بهدف ترويض الرأي العام الفلسطيني والانفراد برأيه وقراره.
ولربما كانت هذه المفاوضات العبثية قد تتكلل بالنجاح بتمرير الاهداف التي جاءت من اجلها وفق المخطط التجاري الاسرائيلي-الاوسلوي وبمباركة الاحزاب العربية العلمانية في الداخل الفلسطيني، ولكن يقظة الحركات الاسلامية بشكل خاص في الضفة والقطاع ومعارضتها لهذه الاتفاقيات عبر المقاومة المسلحة وكذلك تصدي الحركة الاسلامية في الداخل بواسطة وسائل المقاومة المدنية المتاحة امامها ادى- حسب رأيي- لافشال هذه المخططات او على الاقل عرقلة تنفيذها حتى الآن. وليس عبثاً ،ومنذ اكثر من عقد ونصف ،اطلقت الحركة الاسلامية حملتها ” الاقصى في خطر” وواصلت نضالها من اجل الحفاظ على المقدسات الاسلامية في كافة ارجاء البلاد وعلى رأسها التصدي لمخطط تهويد المسجد الاقصى ونجحت رغم المضايقات والملاحقات والتضييق المستمر من وضع قضية الاقصى على الخارطة القطرية والعربية والاسلامية وحتى العالمية، وضحّت مقابل ذلك بالكثير كسجن وابعاد العشرات من ابنائها وبمقدمتهم رئيسها الشيخ رائد صلاح مراراً وتكراراً عن القدس..
وما يحدث الآن لم يأت من العبث بل هو نتيجة لحالة الفوضى والانحطاط التي يمر بها العالم العربي حيث استغلت اسرائيل هذا الامر لتنفيذ مخطط تقسيم الاقصى وربما السيطرة عليه لاحقاً ظنّاً منها ان السبات العربي يفسح امامها المجال ولكنها وبهذه التصرفات الغير محسوبة تلعب بالنار وتتجاهل رد الفعل الشعبي اذا ما تحول هذا الصراع الى صراع ديني عقائدي مباشر حيث ستنتفض حتماً الشعوب العربية والاسلامية التي خُدّرت من قبل زعمائها سيوقظها الدافع الديني لتثور على طغاتها اذا ما حدث ما يتوقعه الكثير ويخشى وقوعه وهو انهيار المسجد الاقصى.
سعيد بدران