غياب خطاب حقوق الإنسان بالإعلام العربي
تاريخ النشر: 15/06/12 | 1:48عقد مركز “إعلام” يوم الثلاثاء الأخير يومًا دراسيًا تم من خلاله عرض معطيات أحدث أبحاثه حول مسألة “خطاب حقوق الإنسان في الإعلام العربي المحلي وفي الإعلام الإسرائيلي”. حضر المؤتمر سفير الإتحاد الأوروبي في إسرائيل، أندرو ستاندلي، إضافة إلى عشرات الصحافيين والمهتمين في مجال الإعلام وحقوق الإنسان.
في كلمته رحب د. أمل جمال، مدير مركز إعلام، بالحضور موضحًا أهمية الحدث لا سيما أنه نتاج عام كامل من العمل الدؤوب، مقدمًا شكره لكل من ساهم في إخراج الحدث إلى حيّز التنفيذ سواء في تخطيط اليوم الدراسيّ أو مراجعة وقراءة الأبحاث. وأكد أن بحث إعلام أخذ بعين الاعتبار أن خطاب حقوق الإنسان هو خطاب جديد على المجتمع بأكمله وإن تغييب مصطلحات حقوق الإنسان لا تقتصر على الإعلام فقط. ونوه إلى أهمية تجذير حقوق الإنسان كفلسفة اجتماعية وبأن بحث إعلام لا يلوم الإعلام بقدر ما يوجه الأنظار إلى مسؤوليتة المستقبلية في أخذ إستنتاجات البحث بعين الاعتبار ودمج مصطلحات وقيم حقوق الإنسان في الخطاب الإعلامي.
بدوره أكد سفير الإتحاد الأوروبي في كلمته على فخره بهذا الحدث الخاص، مشيرًا إلى رسالة الإتحاد الأوروبي في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3.5.12)، حيث ناشد السماح للصحافيين بالعمل دون التعرض لهم وانتهاك حقوقهم. كما أكد على أهمية حرية تعبير الرأي؛ معناها؛ ومدى دعم الإتحاد الأوروبي لمشاريع تعني بتطوير هذا الحق بشكل خاص، وخطاب حقوق الإنسان بشكل عام.
في الجلسة الأولى قام كل من د. أمل جمّال وسماح بصول بعرض نتائج بحث يتعلق بخطاب حقوق الإنسان في الإعلام العربي المحلي، حيث أوضحت بصول أن هامشية خطاب حقوق الإنسان في الصحافة العربية تعني ان الإعلام العربي يكتفي بمجرّد رصد انتهاكات بحق أشخاص أو مجموعات، وذلك من خلال خطاب وصفيّ دون اتّخاذ موقف داعم للحقوق التي يجري المسّ بها.
أما من النتائج التي تستوجب البحث والنقاش فكان: ان 16 % فقط من الأخبار اعتمدت على المؤسّسات الأهليّة ومؤسّسات حقوق الإنسان كمصدر للخبر، مقابل 10% من الإخبار التي تعتمد على الشرطة كمصدر. وان نسبة تغطية قضايا حقوق الإنسان على الصفحة الأولى لا تتجاوز 2.7%. اما على مستوى المواضيع المطروحة فيتصدر “العنف في المجتمع العربي” قائمة الموضوعات الاكثر بروزا في التغطية الصحفية بنسبة 12.4%، فيما يتصدر الحق في السلامة الشخصية قائمة الحقوق المطروحة بنسبة 9.8%، يليه الحق في المسكن والمساواة وحرية التعبير كل منها بنسبة 7.7%.
السيدة عايد توما- سليمان عقبت على نتائج البحث متطرقة إلى ضرورة رصد الصحف الحزبية مؤكدة على أن الصحف الحزبية تنطلق من منظومة فكرية تعتمد بالأساس على حقوق الإنسان. وأضافت أنه في واقع أقلية قومية علينا التعامل مع الإعلام ليس بصفة وسيلة إخبارية تقدّم خبرا للناس إنما كمبلورة هوية ثقافية اجتماعية سياسية للمجتمع الفلسطيني، مؤكدة ان المجتمع لم يستسغ بعد الحديث عن الحريات الفردية ويفضل الحديث عن الحقوق الجماعية.
في مداخلته قال محمد زيدان، مدير المؤسسة العربية لحقوق الإنسان: نتائج البحث هي صورة تصف مجتمع ولا تقتصر على الإعلام، فهذه تدل على ثقافة مجتمع مما يخفف المسؤولية على الصحافيين. وأكد زيدان على ضرورة تأهيل الطواقم الإعلامية في مجال حقوق الإنسان.
بدورها علقت د. سونيا بولس أن الصحافة سلطة رابعة ومتوقع منها أن تعمل على التغيير. وأوضحت ضرورة عدم اكتفاء الإعلام برصد انتهاكات حقوق الإنسان وعدم التعامل معها بسلبية، وضرورة التعامل مع حقوق الإنسان بمنظور شمولي وقيمي واسع.
وقد فتح المجال في نهاية الندوة لأسئلة وملاحظات الجمهور، وعقب الصحافي وديع عواودة، محرر صحيفة “حديث الناس” قائلاً: كنت أرغب في اتاحة لفرصة لمحرري الصحف التي تم رصدها لتوضيح موقفهم من البحث. وقال أنه كمحرر يلتزم بخطاب حقوق الانسان وعلى ثقة بان هذا الامر ظهر خلال الرصد.
المحور الثاني من اليوم الدراسي تناول مسألة خطاب حقوق الإنسان في الإعلام الإسرائيلي حيث قامت خلود مصالحة ود. أمل جمال بعرض ملخص أشار الى أن الإعلام الإسرائيليّ يميل نحو تأييد حقوق الإنسان عندما يدور الحديث عن الجمهور اليهوديّ الإسرائيليّ بما يتماشى مع الإجماع الإسرائيليّ (71.1% من الأخبار التي رصدت تتعلق بحقوق الإنسان تطرقت إلى حق اليهودي الإسرائيلي) بالمقابل كان واضحا مدى إنتهاك الإعلام لحقوق الفلسطيني في القدس والضفة الغربية والقطاع ناهيك عن التجاهل من قبل الإعلام التعامل مع الحقوق من منظور قيمي كونيّ واسع.
الإعلامي جاكي خوري أدار الجلسة وافتتحها بالإشارة إلى أهمية التأكيد على قيم حقوق الإنسان في الخطاب الإعلامي العبري، خصوصاً وأن هذا الإعلام يغطي إنتهاكات حقوقية يقوم بها الجيش في الأراضي المحتلة. وعقبت د. هجار لاهف من كلية سابير على البحث مشيرة بداية إلى أهميته حيث يعد الأول في المجال، موضحة على أن خطاب حقوق الإنسان غير “جذاب” للإعلام ومن هنا يأتي التجاهل من قبل الإعلام الإسرائيلي، وأوضحت أنه ومع هامشية خطاب حقوق الإنسان في الإعلام الإسرائيلي فإن القليل الذي يظهر يشدد على حقوق الإنسان الرجل، الذكر وليس النساء.
المحلل السياسي لصحيفة “هآرتس”، عكيفا الدار اعتبر البحث مثير جدًا، وقال أنه لو أجري البحث إبان العدوان على لبنان لأتضح بأن الإعلام الإسرائيلي مجند للراوية الإسرائيلية متجاهلا عن قصد مسألة حقوق الإنسان، ناهيك عن أن هنالك عدة مصطلحات يستعملها المجتمع الدوليّ تعتبر غير مقبولة على المجتمع الإسرائيلي الذي يصف استعمالها باللاسامية.
ران جولدشطاين من الصليب الاحمر قال: الإعلام الإسرائيلي يتجاهل مسألة حقوق الإنسان كمنظومة عالمية قيمة وأخلاقية ويتبناها من منطلقات سياسية، حيث اعتاد الإعلام التعامل معنا في قضية “شاليط” فيما تجاهل مسائل حقوقية أخرى وفي الآونة الأخيرة يقابلنا الإعلام للحديث عن القضية السورية!
المحامي دان يكير المستشار القانوني لجمعية حقوق المواطن أكد على أن جمعيته تكثف من عملها في الإعلام لسببين الأول كشف الانتهاكات ومن ثم رفع الوعي الجماهيري العام. وتطرق يكير إلى صعوبة تقبل الإعلام، حتى صحيفة “هآرتس”، إلى مواضيع تتعلق بحقوق الإنسان، فيما أكد على أن الإعلام يرجح كفة الأمن مقابل كفة حقوق الإنسان.
وقد تخلل الندوة عروض لأفلام إعلام الأخيرة المتعلقة بحقوق الإنسان. تجدر الإشارة إلى أنه يمكن الحصول على الأبحاث من خلال التواصل مع المركز أو من خلال موقعه على الشبكة الإلكترونية.