سطّر يا قلم: من أين لنا كل هذا العنف؟!
تاريخ النشر: 17/06/12 | 6:10شهد الأسبوع الأخيرسلسلة اعتداءات معيبة ومخزية وبعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا ، كان ضحيتها الذين كرّسوا حياتهم لخدمة مجتمعهم من خلال تنشئة الأجيال القادمة ، فبدلاً من أن نكرمهم ونحتفل بهم ونرفع من شأنهم ، نقوم بالاعتداء عليهم ونكيل لهم الشتائم والاهانات . فهنيئاً لمجتمع يقدّر عطاء المعلم بهذه الصورة ! وهنيئاً لشعب يكرّم معلميه بهذه الصورة الحضارية !
ان ما جرى هذا الأسبوع من أحداث واعتداءات معيبة على المعلمين وشجارات عنيفة بين الطلاب ، رغم خطورتها ، هي استمرار لسلسلة اعتداءات متواصلة ، بل أصبحت ظاهرة مقلقة تستدعي استنفار القوى الفاعلة في المجتمع والقيادات والى التحرك السريع لإستدراك الموقف ومعالجته قبل فوات الأوان.
فكيف لم ترتعد اليد التي هوت على الهامات التي تَعلّمنا أن ننحني لها إجلالا واحتراما ، لتعلن سقوط آخر قلاع الكرامة والعزة والكبرياء ، فأمة تهين خيرة أبنائها حتماً ستتعرض للإهانة من قبل أسوأ أبنائها. يمكنك أن تتصور كل أشكال المهانة والإهانة ، أما أن ترى رمزك وقدوتك ومثالك تدوسه وتذله أقدام الجاهلين ، فهذه هي المهانة بعينها ، حينئذ يسقط الرمز والأيقونة وتسقط معه كل القيم التي آمنت بها وعشت من أجل تحقيقها ، عندها تتحجر الدمعة في مآقيك وتفقد الحياة معناها.
ماذا ينتظر المسؤولون في الدوائر الرسمية والمجالس البلدية والمحلية ؟ ماذا ينتظر رؤساء مجالسنا المحلية ؟ ماذا تنتظر الهيئات الشعبية؟ ماذا تنتظر نقابات المعلمين حتى تتحرك بشكل فعلي لوضع حد لمثل هذه الظواهر ؟! هل سننتظر حتى تؤدي مثل هذه الاعتداءات ، لا سمح الله ، الى تصفية معلمين ؟! وماذا ستفعلون عندها ؟ ستنظمون بدون شك قصائد الرثاء وتكتبون كلمات التأبين ، لتتسابقون على المنصات فهي فرصة لا تعوض لإستعراض قدراتكم في الديباجة والاستعارات . هل ستنتظرون حتى يعلن المعلمون عن استقالات جماعية نتيجة احتجاجهم على حوادث الاعتداء ، وعجز ادارات المدارس عن تأمين الحماية لهم ؟! هل ستشترط إدارات المدارس حصول المعلم على شهادة في فن الدفاع عن النفس مرفقة مع مؤهله الجامعي حتى يستطيع الانخراط في سلك التعليم؟!
هل سنستمر في اعلان الاضرابات الاحتجاجية واصدار البيانات الاستنكارية بعد تنفيذ كل اعتداء ؟! هنالك العديد من الأسئلة والاستفسارات التي جالت في رأسي وأنا أحاول أن أحدد أبعاد هذه الظاهرة وعلى رأسها : هل اللوائح والأنظمة المطبقة الآن تكفي لردع الطالب عن الاعتداء على المعلمين و متكافئة مع ما قام به من عمل مشين ؟ هل البيت متعاون مع المدرسة ومتابع لسلوك ابنه في المدرسة ؟ هل ينظر الأهل باحترام وتقدير للمعلم ؟
للأسف يتم التعامل مع هذه التجاوزات والاعتداءات بتساهل وحلول وسط ،بدلاً من اتخاذ اجراءات قانونية حازمة ليرتدع كل من تسوّل له نفسه أن يعتدي على مربٍ . فكل يد تمتد على معلم يجب أن يحال صاحبها الى القضاء ليعاقب بلا هوادة وبلا تساهل ، وعلى المجتمع نبذ هذه الظواهر ونبذ منفذي هذه الاعتداءات مهما كانت الدوافع والمبررات ، فلا يمكن أن نصحح الخطأ بخطىء أكبر. فإذا أخطأ معلم وهذا وارد يمكن معالجة الأمر بالحوار ، وإذا لم يتم التوصل الى حل جذري للموضوع ، يمكن اللجوء الى القضاء والدوائر الرسمية وهناك يتم البت في القضية ، أما أن نأخذ القانون بأيدينا فهذا مرفوض شكلاً ومضموناً ، فلا حوار مع هؤلاء.