رقصة العار في زمن الثوار
تاريخ النشر: 24/10/14 | 8:28 يرقصون لأنهم تخلصوا من القومية العربية ، كأن القومية العربية اصبحت عاراً وخجلاً وثوباً يجب خلعه ورميه الى أبعد مزبلة ، ولا ندري كيف استطاع الكاهن جبرائيل نداف (كاهن يتبع لكنيسة الروم الارثوذكس من يافة الناصرة ) ان يخلع ثوبه الكهنوتي ويتحول الى صبي يركض وراء دخان اسود يخرج من مدخنة ” ساعر ” معتقداً ان هذا الدخان هو طريق الخلاص من قوميته العربية التي جلبت له الذل والهوان والتميز والعنصرية ، والآن ها هي القومية الآرامية ستكون عجل الانقاذ من الغرق في المحيط العربي المتأجج بالفشل والانكسار و المذابح والخراب ، ستكون السكين الذي سيقطع به الشرايين التي تربطه بهذه الأمة التي شمرت عن عضلاتها المترهلة المتآكلة .
القومية الارامية ستأتي بالعز والرفعة والكرامة والكبرياء ، وستنحني المؤسسات الاسرائيلية والوزرات ورجال الاحزاب والحكومات والجيش والشرطة لصاحب القومية الارامية ، سيغرقون في بحار العسل الصهيوني ، بالطبع سنحسدهم وسنحاول التقرب منهم لكي نلحس العسل عن ثيابهم ونتوسل اليهم كي يتنازلوا ويقفون الى جانبنا لنأخذ صوراً معاً .
ما أكبر اللغة التي يحاول الأب نداف اغتصاب حروفها وجرها الى اوكار معتمة ، لا نعلم ماذا ستكون نتائجها ولكن حتماً سيكون التجنيد عنوانها ، وما أضيق الواقع الذي يحاول فيه الاب نداف الذي يتمتع بشخصية طاوسيه ان يصوره كانه واقع الخوف والرعب من القومية التي يحملها فوق صفحات هويته ، ويزحف عكس التيار لينزعها أمام وزير الداخلية “ساعر ” ، ونسأل هل من المعقول أن يلقي الراعي بقطيعه أمام الذئب ؟؟حتى لو ارتدى الذئب ثياب الحمل ؟! بزفة وفرح سجل في مدينة الناصرة اول طفل عربي يحمل الجنسية المسيحية الآرامية ، والد الطفل الطائر من الفرح يتحدث أمام وسائل الاعلام بطريقة المنتصر كأن القومية العربية كانت تتصارع معه على الحلبة وها هو ينتصر عليها بتفوق ، وقد نال حزام السعادة الذي سيتزنر فيه متباهياً مفتخراً .
والد الطفل المسيحي الآرامي الذي يتكلم كأنه حصل على كنز ثمين ، ولم تسع القاعة ضحكاته التي اصطادها ساعر وأعلن بكل برود وبطريقة درامية مؤثرة أن هذا أفضل عمل اختتم به منصبه كوزير ، ولن ينسى هذه اللحظات المؤثرة ، ونحن نعرف أنه سينساها من كثرة الاعمال التي قاموا بها هو غيره من الوزراء والمسؤولين والتي حشرت المجتمع العربي بطوائفه في مناطق التمييز و العنصرية وأغلقت الأبواب حتى نختنق ونهرب .
نعرف ان المستقبل كفيل بالمرايا التي سيرى فيها الطفل نفسه ، ولكن سيجد أمامه ضباب ورؤية مشوشة وخديعة كبرى ، وستسقط الاحلام التي زرعها الأب الثائر جبرائيل نداف الذي يروج للقومية الآرامية بحماس والاندماج في المجتمع الاسرائيلي والخدمة في الجيش .
ستسقط الاحلام لأن المجتمع الاسرائيلي لن يقبله ، سيبقى المسيحي الآرامي بالنسبة لهم عربياً يتحدث العربية وفي شرايينه يضخ الدم العربي ، انظروا الى باقي الطوائف التي عملت على الاندماج في المجتمع الاسرائيلي وخدمت في الجيش ، هل حالهم أفضل من حالنا ؟؟!
رجل دين مسيحي يثور على قوميته العربية ورجل دين مسلم من داعش يضع نفسه حارساً على الاخلاق ، يضع القوانين ويتصرف بطريقة وحشية فيرجم امرأة لآنها حسب رأيه زانية ويقع عليها حد الرجم ، بدون محاكمة يقف ويتلو الحكم والمواعظ وآيات من القرآن الحكيم ثم نرى المرأة التي تتكلم بصعوبة وبمباركة والدها الذي يسعى الى رجمها ويرفض مسامحتها ، يربطونها بالحبال كالحيوان ثم يقذفونها بالحجارة حتى الموت .
منظر وحشي رصدته عين الكاميرا التي اصبحت ام الحقيقة في حلب سوريا ، سمعنا المرأة وهي تستنجد ، لم يسمعها رجل الدين الداعشي الواقف بالمرصاد وسمعنا آخر كلمة قالتها ” لازم الأب يعرف أي بيئة يزوج بنتو ” أي أن الأب له يد في وقوع ابنته في الخطيئة ، لكن الأب شارك الرجال في قذف الحجارة ولم يرحمها ولم يدافع عنها ، وأعتبر الرجم بالحجارة غسلاً لعاره .
تنظيم ارهابي يقتل وينهب ويدمر ويشرد يقف حارساً على الاخلاق في زمن الثوار ، لا نعلم من اعطاه الحق بالرجم وقتل نفس والتباهي بوقفته أمام الكاميرا كأنه الوصي على الاخلاق في الارض ، الا يعلم أن الدين الاسلامي دين محبة وتسامح وعفو وغفران ؟! الم يقرأ في سورة الزمر الآية 53 ” قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرجيم ” صدق الله العظيم .
الم يقرأ الحديث النبوي الشريف (ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون) الذي يلخص حقيقة الوجود البشري على هذه الأرض .
اذا وصلنا الى وضع يرقص فيه رجال دين يرقصون رقصات العار ، كيف ستسير المجتمعات وتتطور وتتقدم ونصبح من الأمم المنتجة والمبدعة .
بقلم: شوقية عروق منصور