على أبواب الجامعة
تاريخ النشر: 24/10/14 | 16:11تعتزّ الامم الحيّة بأمجادها، وتفتخر بحضاراتها ، وتتوق الى مستقبل أفضل يضعها في منزلة تليق بها. ولا يتأتّى هذا المستقبل إلا برعاية الأجيال وتنشئتها في مدارس الغد تنشئة صالحة، والاهتمام بالتعليم ومؤسساته اهتمامًا فائقًا وبذل الغالي والرخيص في سبيله .فان أردنا أن نسير مع موكب الحضارة رافعي الرؤوس شامخي الأنوف ، فعلينا أن نُشيِّد صرح العلم على أساسٍ من التضحية والخطّة المدروسة والمُتأنية.
ولعلّ خير مقياس لهذا التقدم هو عدد وارتال الطلاب الجامعيين في قرانا ومدننا الذين نزج بهم في معمعان الجامعات والمعاهد العليا، فنحصد معهم وبهم الشهادات التي هي المفاتيح السّحرية للتقدّم واللحاق بموكب الازدهار .
ولكن وللحقيقة اقول: انّ الذي يده في النار ليس كالذي يده في الماء ، ولا يعرف صدق ما يُكلّفه الطالب الجامعيّ الا ذاك الذي اكتوى و”تورّطّ” في حمّى الجامعات وأقحم ولدين أو أكثر في المعاهد العليا ،فبات لزامًا عليه شدّ الحزام والتقشّف والتدبير وإجراء عمليات الحساب صُبحًا ومساءً.
فالعلم والتعليم في دولتنا أضحى أمرًا عسيرًا غاليا، نخاف ان ينحصر لاحقًا بالأغنياء، وبالأغنياء فقط ، وعندها تكون الطامة الكبرى.
انّ الامر يحتاج الى التفكير العميق والمدروس من قبل السلطات المحليّة في كلّ بلدةٍ وبلدة، حتّى نخفف من وطأة هذا الحِمل عن كاهل الطلاب والاهلين ، لذا فكلّ سلطة محليّة تحترم نفسها وتغار على مواطنيها ، مدعوّة الى تخصيص المنح الدّراسية وفي كلّ سنة للجامعيين من ابنائها، فهذه المبالغ قد تخفّف من هذه الوطأة وتُشعر الاب انّه ليس وحيدًا في السّاحة ، بل هناك من يحمل بعضًا من همومه ، ويحاول ان يدعمه ولو بمبلغٍ زهيد ولكنه يعين ويساعد.
وثالثة الأثافي ،هي الشريحة الأقوى في مجتمعنا العربيّ ، أصحاب رؤوس الأموال!! والمهن الحرّة ، الذين بإمكانهم دعم صندوق للجامعيين يُقام في كلّ بلدة ومدينة في ربوع هذا الوطن؛ هذا الصندوق بالقائمين الغيورين عليه يدرس الظروف والاحوال لكلّ طالب وطالب ، ومن ثَمّ يُقرّر لمن يعطي وكم ، فنجبر عثرات الكرام ونريح ضمائر الأهالي الذين يُفكّرون جدّيًا في بداية كلّ سنة جامعية في التوقّف عنوة عن إرسال أبنائهم وبناتهم إلى المعاهد العليا ، وذلك لضيق ذات اليد وسوء الحالة الاقتصاديّة .
لستُ خبيرًا في الاقتصاد والمال ، ولكنني اعرف انّ الأموال التي يتبرّعون بها لهذا الصندوق ستخصم كلها او بعضها من الضرائب على أنواعها وإشكالها ، فلماذا إذا نُثري صندوق الضريبة المُتخم أصلا في حين باستطاعتنا وبجزءٍ من هذه الاموال إثراء عقول طلابنا وأجيال الغد في مجتمعنا الذي نريده سبّاقاّ ، توّاقاً الى العُلا، وثّابًا للتقدّم والعمران .
إنني اهمس بأذن كلّ رئيس سلطة محلية ، وفي أذن كلّ مُقتدر ان يهبّ لنجدة رجال الغد وعنوان الامل …. إنهم يستأهلون! أليس كذلك ؟!!!
بقلم زهير دعيم