مجزرة كفر قاسم .. ولم يلتئم الجرح بعد

ثمانية وخمسون عاما على مجزرة كفرقاسم والاحداث في تصاعد والوعي بذلك لنا من أفضل ما يمكن له أن يساعدنا على البقاء والصمود. ومع بداية السنة التعليمية نؤكد لكم طلابنا ضرورة وأهمية معرفة الحقيقة واستخلاص العبر والدروس منها.
تزامن يوم المجزرة مع اليوم الأول الذي بدأ فيه العدوان الثلاثي على مصر، وكان ان استدعى (شدمي) الرائد ملينكي إلى مقر قيادته وابلغه المهمات الموكلة إلى وحدته والتعليمات المتعلقة بطريقة تنفيذها، واتفقا على أن يكون حظر التجول على القرى المشار إليها، من الساعة الخامسة مساءً حتى السادسة صباحاً وطلب (شدمي) من (ملينكي) أن يكون منع التجول حازماً لا باعتقال المخالفين، وإنما بإطلاق النار، وقال له أن من الأفضل قتيل واحد، وفي شهادة أخرى بعدة قتلى بدلاً من تعقيدات الاعتقالات. وعندما سأل (ملينكي) عن مصير المواطن الذي يعود من عمله خارج القرية، دون أن يعلم بأمر منع التجول قال شدمي: لا أريد عواطف وأضاف بالعربية: الله يرحمه.
توجه ملينكي على إثر ذلك إلى مقر قيادته، وعقد اجتماعاً حضره جميع ضباط الوحدة ، وابلغهم فيه أن الحرب قد بدأت وافهمهم المهمات المنوطة بهم وهي: تنفيذ قرار منع التجول بحزم وبدون اعتقالات، وقال من المرغوب فيه أن يسقط بضعة قتلى ووزع جنوده إلى مجموعات. جرى بعد ذلك توزيع المجموعات على القرى العربية في المثلث، واتجهت مجموعه بقيادة الملازم (جبرائيل دهان) إلى قرية كفرقاسم، وقد وزع دهان مجموعته إلى أربع زمر رابطت إحداها على المدخل الغربي للقرية.
في تمام الساعة الرابعة والنصف مساء يوم الاثنين 29/10/1956 قام العريف (يهودا زشتسكي) بإبلاغ مختار القرية السيد (وديع احمد صرصور) بأمر منع التجول، الذي سأل عن مصير أهالي القرية المتواجدين خارجها والذين لم يعودوا بعد من أماكن عملهم؟ جواب العريف كان وقتها: سنهتم بهم. وفي الساعة الخامسة مساء بدأت المذبحة عند طرف القرية الغربي، حيث رابطت وحدة (شالوم عوفر) على المدخل الرئيسي، فارتقى (43) شهيداً. وفي الطرف الشمالي للقرية ارتقى (3) شهداء، وفي القرية سقط شهيدان، أما في القرى الأخرى فسقط شهيد.
حكم على الجناة بأحكام ثم خففت تدريجيا.. أما العقيد (شدمي) الذي كان صاحب الأمر الأول في هذه المذبحة ، فقدم إلى المحاكمة وعوقب فقط بالتوبيخ ودفع غرامة مقدارها قرش إسرائيلي واحد.
إخواننا الطلاب أخواتنا الطالبات:
هذه تفاصيل مجزرة كفر قاسم, وهذا هو العقاب الذي ناله المجرمون, لكن اليوم ليس ببعيد عن الأمس, فالقتلة في هبة القدس والأقصى الأقصى ما زالوا طلقاء أحرار وفلتوا من قبضة العقاب, ولو بقرش واحد, مستمرون بقتلهم وتنكيلهم بأبناء شعبنا الفلسطيني, فعشرات الشبان الفلسطينيين ارتقوا شهداء فيما بعد هبة القدس والأقصى بحوادث متفرقة ولم يقدم أحد للمحاكمة، ولم يُرد لأهالي الشهداء قسطا من العدل.
إذًا فخطر التهديد لا يزال قائما, فمرورا من مجزرة شفاعمرو والاعتداءات العنصرية المتكررة على الافراد والعائلات العربية وانتهاك حرمات المقدسات وجرائم عصبة تدفيع الثمن, والتحريض الأرعن العنصريّ على مجتمعنا الفلسطيني وقياداته وتياراته السياسية، جميعها أوضح دليل للمكائد والمخططات الخبيثة للمؤسسة الإسرائيلية تجاه شعبنا ومجتمعنا في الداخل الفلسطينيّ.
وفي هذا المقام ونحن نحيي مجزرة كفر قاسم لا بد أن نتذكر شهدائنا الأبرار في كفر قاسم, وشهداء يوم الأرض, وانتفاضة هبّة القدس والأقصى والشهيد محمد أبو خضير وكل الشهداء الذين ارتقوا دفاعًا عن الكرامة والحرية, ونؤكد بأنّ أيّ اعتذار لن يعيد لنا شهدائنا ولن يضمد جراحنا، ونؤكد أيضا بأن قضايانا متكاملة لا تتجزأ، فجرح كفرقاسم لا ينفصل عن جرح دير ياسين ولا عن جرح غزة ولا عن جرح القدس والأقصى ولا عن جرح النكبة.
وختاما نؤكد أنّ كلّ ذلك لن يزيدنا إلا يقينا بفجر أملٍ قريب يزيح عتمة وظلمة الظلم والاحتلال.
الحركة الطلابية اقرأ